في خبرٍ عاجلٍ، ذكرت قناة العربية على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” الجمعة 7 يوليو/تموز الحاليّ، نقلًا عن مصادر عسكرية لم تسمها، أن مسيرات تركية من طراز “بيرقدار” دخلت الخدمة لصالح الجيش السوداني.

قبل ذلك بأيام، تناقلت حسابات سودانية وتركية على موقع “تويتر” خبرًا عن حصول الجيش السوداني على مسيرات تركية من طراز Bayraktar TB-2 لاستخدامها في حربه الحاليّة مع قوات الدعم السريع.

تضارب في عدد المسيرات التي حصل عليها الجيش السوداني

قناة العربية نقلت في تقرير مقتضب قبل يومين أن المسيرات التي حصلت عليها القوات المسلحة السودانية تبلغ 50 مسيرة، وهو رقم كبير أثار شكوك كثيرين.

لكن حسابات سودانية من بينها حساب المدون المعروف مجاهد بشرى ذكرت أن الجيش السوداني حصل على منظومة مسيرات تركية “عدد 6 مسيرات” من طراز Bayraktar TB-2، وأضاف بشرى أن المسيرات التركية وصلت بالفعل الأسبوع الماضي إلى ميناء بورتسودان الجنوبي على متن باخرتين حملت إحداهما المسيرات والأخرى كانت تحمل شحنة عسكرية عبارة عن قطع غيار ومضادات طائرات.

أوضح المصدر السابق أنه تم إيفاد فريق تشغيل أذري لقيادة المسيرات التركية، ونقلت إلى القواعد الجوية ودخلت مراحل التحليق التجريبي بصورة فورية.

في الـ29 من يونيو/حزيران الماضي، أفادت صحيفة “مداميك” الإلكترونية عن مصادر عسكرية قولها إن الجيش السوداني تسلّم 20 طائرة مسيرة تركية من طراز بيرقدار تي بي 2 تركية الصنع في صفقة قيمتها 100 مليون دولار بتمويل قطري لصالح السودان، وأن التكلفة تتضمن تشغيل المسيرات عبر غرفة تحكم.

أضافت الصحيفة، أن البيرقدار تحتاج إلى تدريب شاق وطويل، لذلك سافر ضابطان من القوات المسلحة السودانية إلى تركيا من بينهما الفريق الركن مصطفى سيد أحمد الدويحي.

وأشارت مصادر “مداميك” إلى أن الجيش السوداني كان يمتلك 6 مسيرات حربية تركية قبل أشهر، لكنه لم يكن قادرًا على تشغيلها، واستدلّت الصحيفة على وجود المسيرات الحديثة بتصريح سابق لقائد الجيش الجنرال عبد الفتاح البرهان كشف فيه امتلاك القوات المسلحة السودانية تكنولوجيا تسليح حديثة وطائرات مسيرة، تجعلها قادرة على حسم أي تهديدات داخلية أو خارجية.

بيرقدار شديدة الدقة في إصابة الأهداف

الجيش السوداني لم يعلق رسميًا على الإشاعة المتداولة، فلم ينفِ أو يؤكد وصول البيرقدار التركية، إلا أن المحلل المهتم بالشؤون العسكرية ياسر مصطفى رجح وصولها، مشيرًا إلى أن البيرقدار تناسب حرب المدن التي يخوضها الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع في الخرطوم حاليًّا، بعكس مقاتلات ميغ وسوخوي ذات التكلفة العالية في طلعاتها الجوية، وفقًا لمصطفى.

وعدد ياسر لـ”نون بوست” مميزات البيرقدار التركية، موضحًا أنها شديدة الدقة في إصابة الأهداف، لا تدمر البنية التحتية والمباني المجاورة للهدف كما تفعل المقاتلات، ولفت إلى أن التحكم بالمسيرة التركية يتم عبر غرفة عن بعد، ما يقلل تعرض الطيارين لخطورة الموت أو الأسر في حال وقوع حادث للمقاتلة الجوية.

“تتمتع بيرقدار بي 2 أيضًا بإمكانية القيام بمهام المراقبة والاستطلاع والتدمير الفوري للأهداف خلال الليل والنهار، ويمكنها التحليق على ارتفاع (20 إلى 27 ألف قدم) نحو 8 آلاف متر، وحمل معدات بوزن 150 كيلوغرامًا، كما يمكنها الطيران لأكثر من 24 ساعة متواصلة”، قال مصطفى.

وأوضح لـ”نون بوست” أن قائد الدعم السريع ومموليه استثمروا في مركبات الدفع الرباعي التي تستخدمها قواته في تحركاتها، لافتًا إلى أن ما تبقى من هذه السيارات سيكون هدفًا سهلًا لمسيرات بيرقدار بي 2، ما سيؤدي إلى قلب الموازنة لصالح القوات المسلحة السودانية بدرجة كبيرة.

جدير بالذكر أن مصطفى تنبأ منذ عام 2021 باندلاع مواجهة عسكرية بين الجيش السوداني والدعم السريع، ورجح في سلسلة تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” استخدام الجيش السوداني الطيران المسير لتدمير المليشيا.

دول نجحت فيها البيرقدار

العام الماضي، قال مصمم مسيرات بيرقدار، إن تدمير أوكرانيا أنظمة مدفعية ومركبات مدرعة روسية باستخدام طائرات “بيرقدار تي بي 2” التركية جعل العالم كله من زبائن تلك المسيرات.

وأضاف سلجوق بيرقدار الذي يدير شركة “بايكار” في إسطنبول مع أخيه خلوق، أن الطائرات المسيرة أظهرت كيف أحدثت التكنولوجيا ثورة في الحروب المعاصرة.

وقال لوكالة “رويترز” وهو يقف بجانب طائرة مسيرة جديدة من طراز “آقنجي” في معرض في باكو: “الطائرة (بيرقدار تي.بي 2) تفعل ما صُممت من أجله، تقضي على بعض أكثر الأنظمة المضادة للطائرات تطورًا، وعلى أنظمة مدفعية متطورة والمركبات المدرعة.. العالم كله أصبح الآن يطلبها”.

ويقول سلجوق بيرقدار وفقًا للمصدر السابق، إن شركته قادرة على إنتاج 200 مسيرة من طراز “تي بي 2” سنويًا.

حتى قبل الحرب الروسية على أوكرانيا، أثبت هذا السلاح التركي فعاليته في مساعدة أذربيجان على هزيمة القوات المدرعة الأرمينية واستعادة مساحات شاسعة من الأراضي في حرب ناغورنو كاراباخ عام 2020.

ففي العام 2021، نجح أسطول المسيرات التركية إلى جانب مسيرات أخرى في إنقاذ رئيس الوزراء الإثيوبي من زحف مقاتلي التيغراي الذين كانوا على بعد 130 كيلومترًا فقط من العاصمة أديس أبابا بعد أن قطعوا مسافة 700 كيلومتر من إقليمهم، حيث نجحوا في هزيمة الجيش الإثيوبي والقوات المتحالفة معه واقتربوا من تطويق العاصمة.

قال ديكلان والش (Declan Walsh) كبير مراسلي صحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times) للشؤون الإفريقية: “قلب الموازين المذهل الذي حققه رئيس الوزراء آبي أحمد في الصراع المستمر، لم يكن ناتجًا عن بسالة وبطولة قواته، كما أشاد بهم، لكن السبب الحقيقي هو في تغير حظه الذي كان يحلق في السماء فوقه، ألا وهو أسطول الطائرات المسيرة المقاتلة التي حصل عليها مؤخرًا من حلفائه”.

وعليه، يعقد المواطنون السودانيون آمالًا عراضًا على حسم الجيش السوداني للمعركة باستخدام الطيران المسير – ليس حبًا في الجيش – بل بسبب الفظائع المروعة التي ارتكبتها وما زالت ترتكبها قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” في دارفور والخرطوم، التي جعلت السواد الأعظم من المواطنين السودانيين يختارون المُر بدلًا من “الأمر منه” كما قال المفكر والمناضل المعروف عبد الله علي إبراهيم لقناة الجزيرة.