أعلن منذ أسابيع عن جوائز الجولدن جلوب التي تمنحها رابطة هوليود للصحافة الأجنبية لأفضل الأعمال السينمائية والتلفزيونية خلال العام المنقضي، وبعد أيام قليلة أعلنت أكاديمية الفنون السينمائية وعلومها عن ترشيحاتها لجوائز الأوسكار التي سوف تقدم في نهاية شهر فبراير القادم، أقدم لكم قراءة عن أبرز الفائزين والمفاجآت خلال هذين الحدثين.
جوائز الجولدن جلوب: كارول الخاسر الأكبر والعائد الرابح الأكبر
رغم الترشيحات الخمسة لفيلم كارول، لم يظفر فريق تُود هاينس بأية جائزة، وكان منتظرًا أن تفوز كايت بلانشيت Cate Blanchette بجائزة أفضل ممثلة في دور رئيسي عن دورها في الفيلم، لكن الجائزة ذهبت إلى بري لارسون Brie Larson عن فيلم “غرفة” Room.
الخائب الثاني كان فيلم “البيع المكشوف الكبير” The Big Short الذي رشح لأربع جوائز ولم يظفر بشيء منها، والفيلم يعود بنا إلى الأزمة المالية التي عصفت بالولايات المتحدة والعالم بداية من سنة 2007، فيشرح لنا أسبابها ويغوص في عناصرها وأسرارها، بشكل درامي وكوميدي طريف أثار إعجاب النقاد، لكن يبدو أنه لم يكن كافيًا ليظفر بثقة الرابطة.
في المقابل آتت جهود المخرج المكسيكي ألخاندرو إيناريتو والممثل الأمريكي ليوناردو ديكابريو أكلها، وفاز عملهما الجديد “العائد” بأهم الجوائز: أفضل فيلم درامي، أفضل آداء لممثل في عمل درامي (ديكابريو)، أفضل مخرج فيلم (أليخاندرو إناريتو)، هذا عدا ترشيحه لجوائز أخرى.
ويعود الفيلم إلى زمن الاستيطان البريطاني بالقارة الأمريكية وحملات الرجل الأبيض لطرد الهنود من أراضيهم، حيث يروي معاناة دليلٍ في سبيل البقاء وسط الطبيعة المتوحشة، وصراعه من أجل الانتقام لولده، وشارك ديكابريو في البطولة، توم هاردي Tom Hardy الذي ملأ الدنيا وشغل الناس خلال العام المنقضي.
ولئن ظفر “العائد” بجائزة أفضل فيلم درامي، فقد كان أفضل فيلم كوميدي من نصيب “رجل المريخ” The martian للمخرج ريدلي سكوت، وهو ما يعتبر مفاجأة لا لقيمة الفيلم فهو أحد أفضل أعمال السنة المنقضية، ولكن ربما لتصنيفه كفيلم كوميدي، فهو على طابعه المرح، يعتبر دراميًا بامتياز، وأغلب الظن أن إعادة تصنيفه جاءت من أجل تكريم هذين العملين معًا، إعادة التصنيف ساهمت كذلك في فوز “مات ديمون” Matt Damon بجائزة أفضل آداء لممثل في فيلم كوميدي وذلك أمام آل باتشينو وكريستيان بايل.
كما لم يعد كوينتن تارنتينو خائبًا، وفاز عمله “المكروهون الثمانية” The hateful Eight بجائزة موسيقى الفيلم الأصلية بفضل الموسيقار العظيم إينيو موريكوني، وذلك بعد أن رشح لثلاث جوائز، ولم يكن منتظرًا أن يعمل موريكوني مع تارنتينو بعدما حصل بينهما من سوء تفاهم بعد تعديل المخرج لموسيقاه في فيلم “دجانغو المحرَر”، لكن يبدو أن كليهما عرف أن من مصلحته تجاوز الأمر.
ترشيحات الأوسكار: العائد وماكس المجنون الأفضل
رشح الجزء الرابع من سلسلة أفلام ماكس المجنون، Mad Max: Fury Road لجائزتي جولدن جلوب لم يفز بأي منها، رغم الإيرادات الممتازة التي حققها الفيلم، وردود الفعل الإيجابية من جانب النقاد والسينمائيين.
ولقد جاءت ترشيحات الأوسكار لتعيد الاعتبار لفيلم جورج ميلر الجديد، فرشح لعشر جوائز أوسكار كاملة منها أفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل سينماتوغرافيا، وسينال حتمًا بعض هذه الجوائز.
أما منافسه الرئيسي فهو فيلم أليخاندرو إيناريتو الذي فاز بالفعل بجوائز الجولدن جلوب المهمة، ورشح لـ 12 جائزة أوسكار، من بينها ذلك الترشيح الذي ينتظره الجميع: أفضل ممثل، فبينما صار طبيعيًا أن يرشَح لوبسكي لأوسكار السينماتوغرافيا (رشح لسبعة من قبل، وفاز باثنتين منها جائزة السنة الماضية مع إيناريتو في فيلم الرجل الطائر Birdman)، وبينما فاز المخرج إيناريتو بالفعل بالجائزة (الرجل الطائر Birdman)، فإن الجميع ينتظر فوز ليوناردو ديكابريو بأوسكار أفضل ممثل، خصوصًا وأنه مرشح لها أكثر من أي وقت مضى، يذكر أن ديكابريو رشح للجائزة خمس مرات من قبل ولم يفز بأي منها.
قراءة في الترشيحات
في لائحة المرشحين لأفضل فيلم وهي أهم الجوائز، توجد ثلاثة أفلام رئيسية هي العائد، وماكس المجنون، ورجل المريخ، يضاف إليها فيلمان حققا نجاحًا جماهيريًا جيدًا هما البيع المكشوف الكبير، وجسر الجواسيس لستيفن سبيلبرغ، وثلاثة أفلام أخرى هي غرفة، ونقطة الضوء Spotlight وبروكلين، ويبدو أن المنافسة ستقتصر على الفيلمين الأولين.
أما جوائز التمثيل، فيبدو أن ليوناردو ديكابريو ينطلق بحظوظ وافرة للظفر بأوسكاره الأول عن دوره في العائد، رغم المنافسة التي قد يلقاها من مايكل فاسبندر عن آدائه لدور ستيف جوبز، أما النساء فقد تخالف الأكاديمية رأي الرابطة التي منحت الجولدن جلوب لبري لارسون على حساب كايت بلانشيت، ولكن الأكيد أن الجائزة لن تكون من نصيب جينفر لاورنس بطلة فيلم Joy التي أعتبر ترشيحها للجائزة مهينًا ويندرج في إطار صناعة هذا الوجه الهوليودي وفرضه على الساحة.
وفي الأدوار الثانوية، يتنافس على الجائزة أساسًا سيلفستر ستالوني العائد بجزء آخر من سلسلة أفلام روكي، بعنوان كريد Creed، والحقيقة أنه قدم آداءً مفاجئًا ومؤثـرًا في صراعه الجديد خارج حلبة الملاكمة هذه المرة، ورشح لها عن البيع المكشوف الكبير، الممثل كريستيان بايل بفضل الشخصية الغريبة التي قدمها، هذا بالإضافة إلى توم هاردي عن العائد، وماكس روفالو عن نقطة الضوء، ومارك ريلانس الذي كان جاسوسًا سوفياتيًا في فيلم ستيفن سبيلبرغ، ويبدو أن هذه الفئة هي أقل الفئات وضوحًا بخصوصًا الفائز بها، ففي نظيرتها الخاصة بالنساء، أعتقد أن المنافسة ستقتصر على كايت وينسلت الحائزة على الجولدن جلوب عن دورها في ستيفن جوبز، ومنافستها جينفر جيزن لي عن دورها الرائع في فيلم “المكروهون الثمانية”.
وفي الإخراج ينطلق إيناريتو بحظوظ وافرة لحصد الجائزة للمرة الثانية على التوالي، وإن كان جورج ميلر يستحق الجائزة أيضًا من خلال عمله ماكس المجنون طريق الغضب، أما في السينماتوغرافيا فيلقى العبقري لوبزكي صديق إنياريتو منافسة كبيرة من جون سيل مدير سينماتوغرافيا ماكس المجنون الذي قدم أشياء تحبس الأنفاس ويبدو أقرب للأوسكار، كما أن التحدي السينمائي الذي رفعه كوينتن تارنتينو باستعمال عدسات 70 مليمتـرًا في مكان ضيق وفي عاصفة ثلجية، قد يمنح الجائزة لمدير سينماتوغرافيا “المكروهون الثمانية” روبرت ريتشاردسون، لكنني أستبعد ذلك.
وفي الكتابة، قد يكون الأخوان كوهين الأقرب للفوز بأوسكار السيناريو الأصلي (المكتوب للسينما) من خلال جسر الجواسيس الذي كتباه لسبيلبرغ، لكنني أعتقد أن أهم عمل مرشح للجائزة هو إكس ماكينا Ex Machina، ويروي هذا الفيلم قصة خبير كمبيوتر يكلف بمهمة غريبة لدى عبقري ثري وهي إجراء اختبار آلة تورينغ على روبوت ذكي من صنع الثري، للكشف إن كان الروبوت يتمتع فعلاً بذكاء صناعي حقيقي أم لا، أما أوسكار السيناريو المقتبس عن عمل فني سابق (رواية، مسرحية الخ) فقد يكون هو الأوسكار الذي ينقذ به “رجل المريخ” نفسه.
جوائز الأوسكار وإن كانت تأخذ بعين الاعتبار النجاح الجماهيري، فإنها قد تمثل ضربة موجعة لفيلم حرب النجوم، الذي حقق إيرادات تاريخية في جزئه السابع: القوة تستيقظ، وقد رشح الفيلم لخمس جوائز ثانوية تتعلق كلها بتركيب الصورة والصوت والمؤثرات البصرية، ولن يفوز بأغلبها بسبب المنافسة الكبيرة التي فرضها فيلم ماكس المجنون خصوصا.
أما الجائزة التي تعنينا كعرب على وجه الخصوص، فهي أوسكار الفيلم الأجنبي الناطق بغير الإنجليزية، وقد رشح إليها خمسة أفلام، كنت قد قدمت أحدها وهو الفيلم المجري ابن شاؤول Saul Fia، أما الأربعة الأخرى فهي الفيلم الكولومبي “احتضان الثعبان”، والتركي Mustang، والدنماركي “حرب” والفيلم الأردني “ذيب” للمخرج ناجي أبو نوار.
ويعود بنا أبونوار إلى زمن الحرب العالمية الأولى في منطقة الحجاز، ورحلة الفتى البدوي ذيب رفقة الضابط البريطاني عبر الصحراء الحبلى بأسرارها، وذيب هو سادس فيلم يترشح للجائزة من بلد عربي، والثالث باللغة العربية، بما أن الأفلام الجزائرية الثلاثة المرشحة، كانت باللغة الفرنسية، أما الفيلمان العربيان الآخران فهما فلسطينيان: عمر سنة 2013 والجنة الآن سنة 2005، ولم يفز بالجائزة أي من هذه الأفلام، فهل يكون ذيب فاتحة الخير؟ وهل يتمكن من التغلب على الفيلم المجري المرشح بقوة للجائزة؟ لننتظر الإجابة يوم 28 فبراير القادم.
توقعاتي
أفضل فيلم: العائد The revenant
أفضل آداء لممثل في دور رئيسي: ليوناردو دي كابريو عن العائد Leonardo DiCaprio
أفضل آداء لممثلة في دور رئيسي: بري لارسون عن الغرفة Brie Larson
أفضل آداء لممثل في دور ثانوي: مارك روفالو عن نقطة الضوء Mark Ruffalo
أفضل آداء لممثلة في دور ثانوي: كايت وينسلت عن ستيف جوبز Kate Winslet
أفضل إنجاز إخراجي: ألخاندرو إنيارتو عن العائد Alejandro González Iñárritu
أفضل كتابة، نص سينمائي مخصص للشاشة: جسر الجواسيس Bridge of Spies
أفضل كتابة، نص سينمائي مقتبس عن عمل فني سابق: البيع المكشوف الكبير The Big Short
أفضل إنجاز سينماتغرافي: جون سيل عن ماكس المجنون John Seale
أفضل إنجاز في تصميم الأزياء: ماكس المجنون أو الفتاة الدانماركية Mad Max : Fury Road/ The Danish Girl
أفضل إنجاز في التركيب: ماكس المجنون Mad Max : The Fury Road
أفضل إنجاز في المؤثرات البصرية: ماكس المجنون أو العائد Mad Max : The Fury Road/ The Revenant
أفضل إنجاز في المايك آب: ماكس المجنون Mad Max : The Fury Road
أفضل أغنية كتبت لفيلم: سام سميث وجيمس نابيير عن فيلم الطيف Spectre
أفضل موسيقى أصلية: إينيو موريكوني عن المكروهون الثمانية Ennio Morricone
أفضل فيلم أجنبي غير ناطق بالإنجليزية : ابن شاؤول Saul Fia
أفضل فيلم صور متحركة: قلبًا وقالبًا Inside out