البكتيريا المضادة للمضادات الحيوية أخطر مما تتوقع، فهي تصيب في الولايات المتحدة وحدها 2 مليون شخصًا، تقتل منهم ما يصل إلى 23 ألف شخص سنويًا، خاصة مع قدرتها على تطوير مناعتها ضد المضادات الحيوية، والتي تجعل مسألة القضاء عليها شيئًا صعبًا جدًا، لكن هذا البحث الجديد الذي قام به العلماء في جامعة كولورادو بولدر وجد سلاحًا جديدًا تمامًا لقتال هذه الكائنات الصغيرة الخارقة؛ النقاط الكمومية.
النقاط الكمومية هي شيء شبيه بأشباه الموصلات المستخدمة في مجال الإلكترونيات الاستهلاكية، لكن على مقياسٍ نانوي، لدرجة أن بعضها يصل في صغر حجمه، إلى 20 ألف مرة أصغر من شعرة الإنسان، وبفضل العمل على مثل هذا النطاق الصغير، تمكن الباحثون من القيام بتفاعلات سريعة بالغة التحديد على مستوى الخلية، بحيث تستهدف البكتيريا الخطيرة لوحدها دون الإضرار بأي شيء آخر.
وقد قال الأستاذ براشانت ناجبال، الأستاذ المساعد في قسم الهندسة الكيميائية والبيولوجية، والمشارك في الدراسة، إن تقليص أشباه الموصلات إلى النطاق النانوي، هو ما مكنهم من ذلك.
هذه الدراسة الجديدة لم تكن أول دراسة تفكر باستهداف البكتيريا المقاومة على مثل هذا النطاق البالغ الصغر، لكن العمل السابق الذي استخدم الجزيئات النانوية المعدنية المصنوعة من الفضة والذهب، في مهاجمة هذه البكتيريا، كان فيه عيب خطير، تمثل في إضراره بأنسجة الإنسان المحيطة، وهو العيب الذي لا يحدث مع النقاط الكمومية، لأنها تنشّط بواسطة الضوء، وبذلك يستطيع الباحثون أن يضبطوا الجزيئات عبر تغيير الطول الموجي للضوء، كي تهاجم الخلايا المطلوبة فقط، وبمجرد إزالة مصدر الضوء، تصبح النقاط الكمومية خاملة، وأضاف الأستاذ ناجبال، أن هذا العلاج يستطيع أن يتغلب على قدرة هذه البكتيريا الخارقة على التكيف وتطوير المقاومة، بسبب قدرتنا على تغيير هدف النقاط الكمومية، وتفصيلها حسب الوضع الجديد بسرعة.
وقد قال الفريق إنهم يعتقدون أن هذا الإنجاز سوف يسمح لهم بتطوير علاجات سريرية غير ضارة، تعتمد على التكنولوجيا النانوية لمكافحة البكتيريا المقاومة، وقد كانت التجارب مبشرة جدًا، حين قام العلماء باختبار هذه الطريقة على مزارع بكتيريا تم إنماؤها في المعمل، ليجدوا أنها قتلت 92% من البكتيريا المقاومة للأدوية.
وقد قال كبير العلماء معدي الدراسة، أنوشري تشاترجي، إن المضادات الحيوية ليست خط العلاج الأساسي لعلاج العدوى البكتيرية فحسب، بل أيضًا فيروس نقص المناعة البشرية “الإيدز”، والسرطان، مضيفًا أن الفشل في تطوير علاجات فعالة لمكافحة البكتيريا المقاومة لا يغدو في هذه الحالة خيارًا قائمًا، وهو ما تسعى هذه التكنولوجيا لحله.
الأستاذان اللذان أعدا البحث بمساعدة قسم الهندسة البيولوجية والكيميائية، تقدما بكشفهما للحصول على براءة اختراع تكنولوجيا النقاط الكمومية الجديدة في معالجة البكتيريا المقاومة للأدوية، وقد نشرت في مجلة “مواد الطبيعة”، وهي تفتح لنا باب أمل بالغ الواقعية، في هزيمة هذه الكائنات الصغيرة المسؤولة عن واحدة من أكبر المشكلات الصحية في العالم.