قرر الإتحاد الأوروبي أمس إعادة تجميد حسابات بنكية للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي إلى 31 يناير 2017.وشمل قرار إعادة التجميد كذلك 48 شخصية من أقرباء بن علي وعائلة الطرابلسي متهمين بالاستيلاء على المال العام.
قرار يعطي متنفسا جديدا لتونس و بعض الأمل في استرجاع الأموال المنهوبة في الخارج وان طالت هذه المدة ودخولها الخمس سنوات منذ قرار التجميد. ورغم مرور خمس سنوات على الإطاحة ببن علي فمازالت جهود استرجاع الأموال المنهوبة من الخارج غير مكتملة ومستمرة. وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن الأموال التي هرّبها الرئيس التونسي السابق وعائلته تفوق 10 مليار دولار.
وفي شهر فبراير 2011 ، أنشأت السلطات التونسية بمساعدة مبادرة استرداد الأموال المنهوبة “ستار” (وهي شراكة بين البنك الدولي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة) لجنة خاصة لاسترداد الأموال المنهوبة لوضع تخطيط وقيادة وتعاون استراتيجي – على المستويين المحلي والدولي. ثم قامت اللجنة بتصميم إستراتيجية شاملة تجمع بين مختلف أدوات التحقيق والأدوات القانونية، بما في ذلك الملاحقة القضائية المحلية، والتعاون الدولي غير الرسمي، وطلبات المساعدة القانونية المتبادلة، فضلاً عن التدخل كطرف مدني في الإجراءات الجنائية في فرنسا وسويسرا.
ووجهت السلطات القضائية في تونس سنة 2011, 57 إنابة عدلية منها 26 إنابة أصلية و31 إنابة تكميلية لطلب تجميد الأموال والأملاك المنهوبة من من قبل الرئيس المخلوع وأقاربه .
وأكد سمير العنابي رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تونس (حكومية) في وقت سابق إن بلاده «تواجه صعوبات وعراقيل تتعلق بالإجراءات القضائية في الخارج لاسترجاع الأموال التي هربها الرئيس المخلوع بن علي وعائلته الى الخارج قبل الإطاحة بحكمه في 14يناير كانون الثاني 2011″. وأكد العنابي ان ضعف التجربة التونسية في مجال استرجاع الأموال المنهوبة سبب لها مشاكل كبيرة تتعلق أساسا بالإجراءات القضائية في الخارج .
من جهة أخر يسجل متابعون بالإضافة إلى ضعف التجربة التونسية في ملف استرجاع الأموال المنهوبة ,غياب إرادة سياسية واضحة سواء من تونس أو من البلدان التي توجد فيها هذه الأموال لتسهيل استرجاعها.الأمر الذي يهدد مصير هذه الأموال وإمكانية رجوعها لبن علي و عائلة زوجته.
ويؤكدون على ضرورة استمرار السلطات التونسية في إجراءات إعادة الأموال وعدم الجمود بالإضافة إلى القيام بتحقيقات جدية للتوصل إلى أدلة، وتتبع الأموال، والكشف عن ملاك الشركات الحقيقيين، وإثبات هوية المالك المستفيد للحسابات البنكية وغيرها من الأصول، وربطها بالمخالفات الجنائية.
و قدمت مبادرة ستار في وقت سابق الدعم للجنة التونسية للتحاليل المالية للوصول إلى الشبكات المالية العالمية فضلاً عن بناء صلات مع منظمات مثل الإنتربول ومجموعة إيجمونت (شبكة دولية غير رسمية لوحدات التحريات المالية) ويوروجست (الوكالة المعنية بالتعاون القضائي في المسائل الجنائية بالاتحاد الأوروبي).
كما ساعدت مبادرة ستار و الجمعية التونسية للشفافية المالية (غير الحكومية) التي تأسست في 11 مارس/آذار 2011 بهدف استرجاع الأموال المنهوبة على بناء صلات هامة من خلال عمل المنتدى العربي لاسترداد الأموال. الا ان كل هذه الجهود لم تكفي لاسترجاع كامل الأموال المنهوبة رغم أهميتها.
من جانبه أكد لنائب العام الفيدرالي في سويسرا مايكل لاوبر في وقت سابق على ضرورة توخي تونس الإجراءات القانونية المعتمدة لإيجاد الحلول العاجلة التي من شأنها أن تمكنها م من استرجاع أموالها المهربة.
ويؤكد خبراء أن استرجاع الأموال المنهوبة تتطلب توفر بعض الشروط الأساسية منها إثبات الجريمة واثبات صلة الجريمة بالأموال الموجودة لديه بالخارج وبناء على ذلك يجب أن يثبت القضاء التونسي أن الأموال الموجودة بالخارج لها صلة بالجرائم المرتكبة. وسبق لعائلة بن علي والطرابلسية تقديم طعون لدى المحاكم بالبلدان الأجنبية المعنية شملت القرارات الصادرة بالأصل والقرارات الشكلية المتعلقة بطلب السلطات التونسية الحصول على وثائق بنكية تخص التحركات المالية المشبوهة لعائلة بن علي.
ووعد الاتحاد الأوربي في وقت سابق بإعادة الأموال المهربة والمجمدة لرموز النظام السابق في كل من مصر وتونس وليبيا معتبرا إعادة هذه الأموال مسألة ترتبط بالكرامة والعدالة بالنسبة لشعوب الدول التي تتوق الى الحرية. واعتبر الاتحاد أن ملكية هذه الأموال بطرق ملتوية وإخفاؤها بشكل متعمد من قبل أصحابها عندما كانوا في الحكم جعل إعادتها إلى أصحابها ليس بالأمر اليسير حيث ان الملكية لابد من نقلها بشكل صحيح.
ورغم ما قيل عن فشل تونس في استرجاع الأموال المنهوبة فقد تمكنت تونس من استرجاع طائرة صخر الماطري من سويسرا ويخت قيس بن علي (نجل الرئيس السابق بن علي) من إيطاليا، ويخت بلحسن الطرابلسي صهر بن علي إلى جانب 44.5 مليون دينار تونسي من أموال الرئيس السابق المصادرة في لبنان.
وتنتظر السلطات التونسية استرجاع مبلغ 60 مليون فرنك سويسري لا تزال مجمدة في البنوك السويسرية.واستعادت تونس 28,8 مليون دولار أمريكي كانت مخبأة في حساب بنكي لبناني تحت سيطرة زوجة بن علي.
وتحتاج تونس لاستعادة أموالها المنهوبة بالخارج بهدف دفع مشروعات التنمية وتوفير فرص العمل في المناطق الفقيرة منذ ثورة 14 يناير عام 2011 التي أطاحت بحكم الرئيس بن علي.