ليست المرة الأولى التي تصر فيها المقاتلات الروسية على اختراق المجال الجوي التركي، رغم تحذير الجانب التركي لأكثر من مرة، وتصديه لإحدى هذه الخروقات بإسقاط مقاتلة روسية اخترقت الأجواء التركية في شهر نوفمبر من العام الماضي.
الأمر تجدد في الأيام الأخيرة حيث صرحت تركيا إن طائرة روسية اخترقت الأجواء التركية للمرة الثانية في ثلاثة أيام، ومرة أخرى، استدعت وزارة الخارجية التركية السفير الروسي لديها للاحتجاج على الحادث.
ردًا على ذلك حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان روسيا من عواقب انتهاكها سيادة بلاده في أعقاب هذا الاختراق الجوي، حيث صرح أردوغان إنه إذا استمرت روسيا في الإخلال بالحقوق السيادية لدولة تركيا فإنها ستكون مجبرة على تحمل نتائج ذلك.
المصادر التركية تؤكد أن الطائرة الروسية تجاهلت التحذيرات التركية وخرقت المجال الجوي التركي لمدة عشرين ثانية تقريبا بطريقة استفزازية، وقد علق مراقبون على الحادث بأن الأتراك حاولوا التعامل هذه المرة مع الاستفزاز الروسي بنوع من ضبط النفس حتى لا تتكرر حادثة إسقاط الطائرة سوخوي-24 التي أعقبتها أزمة دبلوماسية حادة في العلاقات بين البلدين.
الجانب الروسي نفى الواقعة عبر بيان لوزارة الدفاع الروسية كذب أن تكون أي من الطائرات الحربية الروسية قد انتهكت الأجواء التركية في التاريخ الذي ذكرته أنقرة, ووصف البيان الروسي التأكيدات التركية بوصف “الدعاية” التي لا أساس لها من الصحة.
بينما أكدت أمريكا واقعة الاختراق التي تحدثت عنها تركيا على لسان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، مارك رايت، مشددًا أنه على روسيا التوقف عن الأعمال التي تزيد من عدم الاستقرار في المنطقة.
تصريحات وزارة الدفاع الأمريكية أتت لتؤكد على وقوف الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي “ناتو” إلى جانب تركيا، في عملية حماية المجال الجوي التركي من الاختراقات الروسية المتكررة.
هذا ليس الحادث الأول الذي تعلنه تركيا بهذه الصورة، حيث أعلنت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التركية قبل ذلك عن حادث آخر وقع قامت خلاله مقاتلة “ميغ-29” مجهولة بمطاردة مقاتلات تركية من طراز “إف-16”. وسبق للهيئة أن تحدثت عن حادث مماثل سُجّل قبلها بأيام شاركت فيه مقاتلة “ميغ-29” لم يتم التعرف على هويتها أيضًا، إذ قامت بمطاردة مقاتلتين تابعتين لسلاح الجو التركي.
وقد ردت روسيا على هذه الوقائع التي سردتها تركيا بنفي المعلومات عن مطاردة لطائرتين تركيتين من جانب مقاتلة “ميغ-“29 مجهولة، مؤكدة أن هذا الأمر ليس له علاقة بالمجموعة الروسية الجوية المتواجدة في سوريا، بعد التنويه إلى أنه “لا توجد طائرات من هذا الطراز في القاعدة الجوية حميميم”.
هذه المناوشات الروسية والتهرب من مسؤوليات اختراق الأجواء التركية عبر الطائرات الروسية أو عبر طائرات النظام السوري المدفوعة من الجانب الروسي لمثل هذه الأعمال الاستفزازية تُقرأ في إطار محاولة الروس جر الجانب التركي إلى أعمال دفاعية ضد هذه الخروقات لاستغلالها في توريط الأتراك في مواقف أكثر حدة، كما حدث في حادث إسقاط المقاتلة الروسية في نوفمبر من العام الماضي.
هذه الأحداث أتت بعد القرار الروسي بالتدخل العسكري المباشر في الأراضي السورية الذي ترفضه أنقرة رفضًا قاطعًا، مما أثار توترًا شديدًا في العلاقات بين البلدين، وصل ذروته حيث أسقطت تركيا الطائرة الروسية التي اخترقت مجالها الجوي قرب الحدود السورية، ومقتل قائدها بعد تعرضه لوابل من الرصاص بعد القفز من الطائرة.