كنا صغارا نسعد كثيرا بقدوم المطر نلهو تحت قطراته التي تجود السماء علينا بها ، نبتلُ ولا نبالي بل نبتسم ونتراقص كالفراشات فرحا بقدوم الشتاء وزخات المطر ، لطالما كان المطر عنوان الخير والنماء لاي ارض على وجه هذا الكوكب خاصة، بعد سنوات من الشح والجفاف بل انني اتذكر قبل سنوات عندما أمطرت السماء قام احد المزارعين بنحر خروفا فرِحا بالمطر الذي هطل بعد سنوات يبست فيها الارض وعطشت فيها البهائم وانعدم الخير فيها، بل ان للمطر صلاة تسمى صلاة ( الاستسقاء ) يصليها القوم متذرعين لله بان ينزل الغيث من السماء ويمن عليهم بالرضى ويقبل انكسارهم ودعوتهم بان يهطل المطر . في موسم الشتاء هذا وفي العراق لم يعد الامر كذلك بعد ان فاضت بغداد وبعض المحافظات العراقية جراء المطر الغزير الذي هطل لأول مرة في شتاء هذا العام ، لقد غرقت الشوارع والأزقة والبيوت بل ان بعضها تهدم لأنها بيوت مبنية من الطين، وانكشفت الخدمات البلدية على حقيقتها فقد فشلت في اول اختبار لها رغم ان ما صُرِفَ عليها بالمليارات لشبكات تصريف مياه الامطار والصرف الصحي ، وتعطل الدوام الرسمي فلا طريق امام المواطن كل الشوارع والبيوت غارقة حتى ان الاهالي طالبوا الحكومة بان توزع لهم ( ماسحات يدوية ونجادات وخيم ) بعد ان أتلفت امتعتهم وحاجياتهم بعد دخول مياه الامطار والمجاري التي طفحت الى البيوت.
وبدلا من ان يدعوا الناس بان ينزل الغيث من السماء صار هنالك فوبيا اسمها فوبيا المطر اخذ الناس يدعون بان لا ينزل المطر مرة اخرى حتى لا تغرق بغداد ولا البيوت ولا الشوارع ، وربما هي المرة الاولى التي يتفق بها المواطن مع الحكومة في نفس الرجاء لكن لكل منهم غايته من الدعاء ، الناس خوفا من الغرق وخسران ما تبقى من امتعة وأثاث وغيره والحكومة خوفا من ان تفضح اكثر وهي عاجزة عن تقديم ابسط الخدمات .