كان لداليا مجاهد ( الباحثة الأمريكية من أصل مصري) لقاًء قريب مع المذيع الأمريكي ” تريفور نوح” في برنامجه ” The Tonight Show” حول قضية الحجاب ولماذا ترتديه المرأة المسلمة، وكيف ينتقده الغرب بأنه صورة من صور اضطهاد المرأة وقهرها، إلا أن داليا مجاهد أجابت حينها بأن قهر الإنسان يعني الاستيلاء على مراكز قوته والسيطرة عليها، وما الحجاب إلا وسيلة من وسائل تغطية مفاتن المرأة، لذا فإن الادعاء الذي يقر بأن الحجاب هو وسيلة من وسائل قهر المرأة يفيد بأن مركز قوة المرأة يقبع في مفاتنها ليس إلا، وهو الأمر الذي جاء الحجاب ليحد منه ويمنع تحويل المرأة لمجرد أداة تُستخدم مفاتنها كتعبيرعن لقوتها وبقاءها في الحياة بصورة مقبولة اجتماعيًا.
يعد الأول من فبراير هو يوم الحجاب العالمي، الذي لا يخص فقط المحجبات، بل الأدعى أنه وسيلة للتعريف بالحجاب لدى غير المسلمات، كما تستغله بعض الدول وبعد الحملات الدعوية في جعل غير المسلمات يرتدين الحجاب لبعضًا من الوقت كنوع من التجربة الترفيهية، أو كما يظهر فيه البعض من غير المحجبات أو غير المسلمات نوعًا من أنواع التأييد المعنوي للمحجبات، وايصال رسالة لهن بأنهن ليسوا وحدهن فيما يتعرضن له من أنواع التمييز العنصري أو الاضطهاد الدولي أو الحكم المسبق على شخصياتهن أو تفكيرهن بسبب مظهرهن الخارجي في مجال التعليم أو العمل.
” ملابسي من اختياري” هكذا بدأت “شهد البشارة” طالبة العلاقات الدولية في جامعة تكساس مدونتها في صحيفة ” ذا باتاليون” في يوم الحجاب العالمي، كونها محجبة داخل المجتمع الأمريكي جعلها تتعرض للعديد من النقاشات بل وأحيانًا التحقير من الحجاب، فقد لازمها ذلك السؤال دومًا، ” أتجدين نفسك مثيرة بارتداء الحجاب؟”، لتجيب بأنها ربما تكون أكثر جمالًا بدون الحجاب إلا إنها تجد نفسها جميلة وهي ترتديه كذلك.
شهد البشارة
تحول الحجاب من رمز للعفة و الاحتشام إلى رمز له دلالة مرعبة ومختلفة تمامًا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر لدى المجتمع الغربي، ليكون سبب كافي لإيذاء المرأة المسلمة جسديًا أو التحرش بها في الأماكن العامة والذي يصل في بعض الحالات المرضية إلى قتلها نتيجة الإسلاموفوبيا أو الخوف من الإسلام، كما تتعاون فرقة أخرى مع الفرقة السابقة بالإيذاء النفسي للمحجبات، من مناهضي الحجاب ونعريفهم له بأنه قيد أو اضطهاد أو وسيلة قهر للمرأة في الدين الإسلامي.
تقول “ياسمين مجاهد” (كاتبة وداعية إسلامية) في احدى ندواتها عن الحجاب بأن المشكلة تكمن في المجتمع، فبين المجتمع الغربي والمجتمع الشرقي أو المجتمع الإسلامي بالتحديد هوة ثقافية كبيرة، وتفيد بأننا نعيش في مجتمع اقتصر الجمال على أجزاء معينة في المرأة، بداية من الشركات العالمية للتجميل، إلى علميات التجميل و برامج الحمية التي جعلت النساء في حالة من المجاهدة والمحاولة المستمرة للوصول إلى مقاييس الجمال الموضوعة من قبل الشركات الدولية.
ياسمين عبدالمجيد
في حديث لـ”ياسمين عبدالمجيد” ( كاتبة وناشطة حقوقية كما تعمل في مجال الهندسة الميكانيكية) في ” TedTalks ” استفاضت فيه عن التحيّز الفكري أو التحيّز العنصري ( Bias)، قالت فيه أن التحيّز ليس اتهام للفرد، ولكنه شيء يجب أن نقف جميعنا في مواجهته أو الحد منه في أنفسنا وفي غيرنا، يمكن أن يتحيز الفرد لنوع معين، لجنس معين، لطريقة تفكير واحدة، أو لمظهر خارجي معين، كما يحدث التحيّز مع المرأة المحجبة، لأنه ببساطة يمكن أن يحدث لأي شيء غريب عن المجتمع الذي يعيش الفرد فيه ويخالف تقاليده أو عاداته، لذا فإن التحيّز في بعض الأحيان يسيطر كليًا على حياتنا وعلى طريقة تعاملنا مع الآخرين، فمن أجل أن نعيش في مجتمع خالي من التميزات العنصرية، يجب علينا أن نتأكد بأننا نتحكم جيدًا في ذلك التحيز الذي يسكن في اللاوعي داخل عقولنا.
ماجدة نجار
عرّفت ماجدة نجار (طالبة كندية من أصل إيراني) في حديث آخر عن الحجاب ماذا يعني الحجاب لها في جملة واحدة، هو أن تسمع قبل أن ترى، فالحجاب بالنسبة لها هو الأمر الذي يبعد المرأة عن كل التوقعات الجسدية التي يضعها الرجال لها ليبدء الحكم على شخصيتها منها، تقول ماجدة أن الأمر يبدو مضحكًا أحيانًا لدى البعض، فقابلية المرأة لحل المعادلات الفيزيائية الصعبة لن يثير الرجل كما يثيره جمالها الجسدي واهتمامها به، إلا أن الحجاب جاء كوسيلة من وسائل تحرير المرأة من كل تلك القيود المجتمعية التي تفرض على المرأة مقاييس جمال معينة، فالحجاب بالنسبة لها ليس قهرًا بل تحريرًا إذا ما ارتدته المرأة بكامل إرادتها لتكون فخورة بمظهرها الخارجي وبالرسالة التي تحملها معها.
الرسالة التي تحاول المرأة المسلمة ايصالها في يوم الحجاب العالمي هي أن الحجاب عبارة عن اختيار من ضمن العديد من الاختيارات التي يختارها الفرد في حياته، وكما ينادي المجتمع الدولي بالحرية الشخصية ويتقبل العديد منا الرجل في الشوارع مرتديًا ملابس المرأة وواضعًا على وجهه مساحيق التجميل، وكما يتقبل البعض طرق الملابس المختلفة للمرأة الغير المحجبة أو صبغات الشعر الغير مألوفة ويجده نوعًا من التعبير عن الحرية الشخصية، يجب عليهم أيضًا أن يتقبلوا مشهد المرأة المحجبة في الأماكن العامة، ويجب اعتباره هو الآخر نوع من أنواع الحرية الشخصية في المظهر الخارجي للانسان، وكما يتعامل البعض بسماحة تجاه كل ما هو غير مألوف من الأمثلة السابقة ولا يتخذ ضده موقفًا متحيزًا، يجب اعطاء نفس ردة الفعل تجاه المرأة المحجبة، ولا يدع حجابها أي مجال للحكم على شخصيتها أو طريقة تفكيرها أو قابليتها العملية في العديد من المجالات العلمية أو في مجال العمل.