أعلن المتحدث العسكري باسم الجيش المصري العميد محمد سمير عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” منذ أيام عن توجه عناصر من القوات المسلحة إلى المملكة العربية السعودية للمشاركة في المناورة المشتركة “رعد الشمال”.
هذه التدريبات المشتركة التي لا يتوافر عنها من المعلومات الكثير تقام بين كل من السعودية ومصر على أرض المملكة العربية السعودية بمشاركة عدد من الدول العربية والإسلامية عن طريق وحدات مقاتلة من القوات البرية والجوية ووسائل الدفاع الجوي والقوات الخاصة لهذه الدول.
المتحدث العسكري المصري أكد أن هذا التدريب المشترك “يستمر لعدة أيام في إطار خطة التدريبات المشتركة للقوات المسلحة وتكامل العلاقات العسكرية بين مصر والدول الشقيقة والصديقة” على حد قوله.
فيما أعلن أن الهدف هو “رفع معدلات الكفاءة الفنية والقتالية للعناصر المشاركة، وتنفيذ مخطط التحميل والنقل الاستراتيجي للقوات من مناطق تمركزها إلى موانئ التحميل والوصول.
وصولًا لأعلى معدلات الكفاءة القتالية والاستعداد لتنفيذ مهام مشتركة بين قوات الدول المشاركة للتدريب على مواجهة المخاطر والتحديات التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة.” بحسب ما نقلت صفحته الرسمية.
هذه المناورة تأتي بالتأكيد في إطار سياسي أوسع من الديباجات المعهودة التي تُصدر للإعلام إذ أن توقيتها له من المدلولات الكثير في هذه الأوانة، خاصة بعد صدور قرار من مجلس الدفاع الوطني المصري الشهر الماضي بتمديد مشاركة عناصر من القوات المسلحة المصرية في مهام قتالية وتدريبية خارج مصر لمدة أخرى.
كذلك تأتي في إطار تقارب مصري سعودي في الرؤى الاستراتيجية لأزمات المنطقة عقب بعض التنافر، وعلى أساس هذا التقارب تعهدت السعودية بتقديم حزم مساعدات اقتصادية جديدة للنظام المصري، فيما يبدو أن مشاركة مصر في هذه المناورات ومن قبلها في التحالف العسكري الإسلامي مزيدًا من علامات الرضا والتقارب بين الطرفين.
إذ أن هذه المناورات هي الأولى من نوعها منذ الإعلان في المملكة عن قيام تحالف إسلامي لمواجهة الإرهاب، هذا وقد أعلنت السعودية من جانبها أن هذه المناورات ستكون “ضخمة” وبمشاركة عدد من القوات العسكرية لدول خليجية وعربية وإسلامية، وذلك في المنطقة الشمالية من المملكة.
الجدير بالذكر أن رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الفريق صدقي صبحي كان قد اجتمع بالمجموعات العسكرية المصرية المشاركة في المناورات قبل سفرهم، مؤكدًا لهم أن مصر “تمثل العمق الاستراتيجي للأمن القومي الإقليمي والعربي”، وأن ما تشهده المنطقة من متغيرات حادة وتهديدات مباشرة وغير مباشرة “تستلزم التكامل والتعاون المشترك بين كافة الدول الشقيقة”.
فيما أعطى صبحي الثقة الكاملة في القدرات والإمكانات القتالية والفنية التي تتمتع بها القوات المسلحة المصرية لتنفيذ أي مهام تسند إليها دفاعًا عن ركائز الأمن القومي المصري والعربي، في حين لم يشر صبحي في كلمته إلى هوية الدول المشاركة في التدريب إلى جانب السعودية ومصر، وهو الأمر نفسه الذي لم تعلنه السعودية من جانبها بكتمان الحديث عن هوية تلك الدول أو الهدف من التدريب، بينما تُشير مصادر إلى أن القوات الأردنية ستكون أبرز الحاضرين.
التعاون العسكري بين الرياض والقاهرة له تاريخ قديم ولكن أهميته زادت في هذه الفترة، حيث ترى السعودية ضرورة التكامل العسكري مع دولة كمصر، في مواجهة التحديات الإقليمية التي تواجهها كزيادة النفوذ الإيراني في المنطقة.
إذ أنه من المعروف أن المناورات العسكرية المشتركة بين البلدين قائمة بشكل دوري، حيث تخوض القوات المسلحة السعودية والقوات المصرية تدريب فيصل المشترك الخاص بالقوات الجوية، وتدريب مرجان المشترك الخاص بالقوات البحرية، وتدريب تبوك المشترك الخاص بالقوات البرية، فيما أطلت مناورات رعد الشمال الموسعة مؤخرًا دون مزيد من التفاصيل حول طبيعتها.
رعد الشمال أيضًا تعد أكبر المناورات بين البلدين في منطقة حفر الباطن، وهي تختلف عن أية مناورة أخرى، من حيث العدد والقوات المشاركة، فهي الأكبر حجمًا، ولا يخلُ هذا بالطبع من رسائل سياسية إقليمية متعمدة.
يرى مراقبون أن أبرز الرسائل الموجهة من هذا التدريب المشترك بين أكبر قوتين عسكريتين عربيتين ستكون لطهران وأذرعها العسكرية المحيطة بالخليج، حيث تستبق السعودية عملية صناعة تحالف عسكري عربي قوي يقف بجانبها أمام التوغل الإيراني في المنطقة، التي تعتقد السعودية أنه سيزداد عقب رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران بعد الاتفاق النووي مع الغرب.
السعودية في هذا التوقيت الحرج تحتاج إلى طمأنة مصرية بالتحديد تظهر فيها مشاطرة القيادة المصرية للسعودية في قلقها من الغريم الإيراني، والدفع باتجاه تعزيز المساعدات الاقتصادية السعودية للنظام المصري كان بمثابة شراء لهذا الموقف، وقد كان رد الفعل المصري إيجابيًا للغاية بالاشتراك في التحالف العسكري الإسلامي، والمشاركة بأكبر عدد من القوات في رعد الشمال.
كما يمكن أن تحمل هذه المناورات رسالة إلى الحرب في اليمن، مفادها أنه ربما ستكون الأيام القادمة داخل الأراضي اليمنية أكثر اشتعالًا إذا ما قررت السعودية توسيع عملياتها في اليمن بمشاركة برية مصرية لحسم الصراع على الأرض مع جماعة الحوثي وأنصار علي عبدالله صالح، خاصة مع اقتراب المعارك بين مليشيات الحوثي وما يُطلق عليهم المقاومة الشعبية المدعومة سعوديًا من العاصمة اليمنية صنعاء.
هذه الرسائل التي يراها البعض موجهة لإيران وحلفائها ردت عليها إيران بمناورات عسكرية بحرية ضخمة حملت اسم “الولاية 94” في مياه الخليج تستمر خمسة أيام وتشارك فيها مدمرات وسفن لوجيستية وسفن قاذفة للصواريخ وغواصات.
وتأتي هذه المناورات العسكرية الإيرانية، بالتزامن مع مسار التوتر السياسي في علاقة إيران بجيرانها الخليجيين بالتحديد، بالإضافة إلى مجموعة ظروف أخرى تعيشها المنطقة بعد التوقيع على الملف النووي الايراني.
حيث أجرت إيران هذه في هذه الفترة بالتحديد لترسل هي الأخرى عدة رسائل خارجية وداخلية بمناورات حجمها هائل ومساحتها شاسعة، لإبراز حجم التطور الصناعي العسكري للجيش الإيراني، وتطور تقنيات السلاح العسكري للجيش على كافة الأصعده ، وهي مضامين يبدو أنها ترد على التحركات العسكرية السعودية الاخيرة في الإقليم.