بدأ مصطلح الإخلاء يظهر في التاريخ منذ بداية الحرب العالمية الثانية، حيث تمّ إخلاء أكثر من ثلاثة مليون شخص من القرى والمدن المتوقع قصفها وذلك من خلال عمليات معقدة ومكثفة لم يتمّ الإفصاح عنها ولا نشر صورها إلا بعد انتهاء الحرب بعقود، كان النصيب الأكبر منها في بريطانيا في علميات عُرفت بعمليات “Pied Piper”.
بدأ التفكير في أمر عمليات الإخلاء في بريطانيا في الأيام الأربعة الأولى للحرب، فبدأت الجهات المعنية في سبتمبر عام 1939 في علميات منظمة استغرقت شهورًا لإخلاء الأطفال وحدهم بدون والديهم، كما صاحبهم ذوي الاحتياجات الخاصة وفاقدي البصر، حيث بدأت عمليات الإخلاء بشكل تطوعي إلا أنه في نهاية أغسطس 1939 بدأ الأمر يتحول لكونه أمرًا عاجلاً من السلطات بإخلاء الأطفال وغيرهم على متن سفن تتجه من بريطانيا إلى كندا وإلى مناطق أخرى ظلت مجهولة للمسافرين أنفسهم.
وصف التاريخ إحدى العمليات بأنها أسرع عمليات الإخلاء في ذلك الوقت، حين تم إخلاء أكثر من 200.000 طفل خلال أيام معدودة من المدن الساحلية في جنوب وشرق إنجلترا والتي تواجه المناطق التي يسيطر عليها الجيش الألماني، حيث وصل الأمر لإخلاء ما يزيد عن 40% من تلك المدن في ذلك الوقت.
عمليات الإخلاء بعد حرب فيتنام
بعد آخر معركة للقوات الأمريكية في جنوب فيتنام، تم إخلاء ما يقرب من 3300 طفل رضيع على متن طائرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وإلى فرنسا وأستراليا وكندا كذلك في عملية عرفت بعملية “نقل الرضيع” Babylift ليتم تبنيهم من عائلات حول العالم، تم تنظيم تلك العملية في نفس التوقيت الذي تم فيه تنظيم عملية “الحياة الجديدة” والتي أسفرت عن نقل ما يقرب من 110.000 لاجئ من جنوب فيتنام بعد انتهاء الحرب.
عمليات الإخلاء في اليابان
اتخذت عمليات الإخلاء في اليابان عامين كاملين ما بين 1943 – 1945 والتي كانت بشكل تطوعي من قِبل الحكومة اليابانية لتقليل الضرر الناتج من القصف الأمريكي على الأماكن الحضرية والمدن المهمة، أسفرت عمليات الإخلاء عن نقل ما لا يقل عن 8.5 مليون مواطن كان أغلبهم من الأطفال والعجائز.
عمليات إخلاء اليهود
تعرض أكثر من مليوني يهودي للترحيل منذ عام 1941، وبحلول خريف العام 1943 كان معظم يهود بولندا قد تم تصفيتهم، وفي الفترة نفسها اكتسبت حملة ترحيل اليهود وإبادتهم في باقي الدول الأوروبية المحتلة أهمية هي الأخرى، حيث استمرت حملات الترحيل إلى الشرق من كل من ألمانيا والنمسا، وقد تم اعتبارًا من نوفمبر لعام 1931 مرورًا بسنة 1942 وانتهاءً بسنة 1943 إرسال حوالي 60 ألفًا من اليهود القاطنين في أراضي الرايخ الألماني ونحو 70 ألفًا من يهود محمية بوهيميا ومورافيا إلى غيتو تريزنشتات، ومن ثم نقل معظمهم إلى معسكرات أخرى ولم يبق على قيد الحياة سوى ما يقل عن 20 ألف نسمة.
أكثر عمليات الإخلاء دموية في التاريخ
حدث ذلك في حرب تحرير بنغلاديش عام 1971، والتي كانت صراعًا مسلحًا بين دولة باكستان وباكستان الشرقية وتدخلت الهند كذلك وانتهى ذلك الصراع بانفصال باكستان الشرقية لتصبح دولة مستقلة معروفة باسم بنغلاديش.
بدأت عملية واسعة من الترحيل عند حدوث الانقسام ما بين باكستان وباكستان الشرقية، وحاول العديد من المواطنين في باكستان الشرقية “بنغلاديش” الهروب من الصراع المسلح إلى الهند، حيث هرب ما يقرب من 10 مليون مواطن مات منهم مليون مواطن نتيجة العنف المسلح من قِبل القوات الباكستانية أثناء عمليات الإخلاء، وقد تم تسجيل من استطاع الهروب من باكستان كلاجئ في الهند عام 1971.
عملية “سولومون” أو عملية هروب موسى :
وهي العملية التي يطلق عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية هروب موسى، وهي عملية عسكرية غير قتالية قام بها جيش الاحتلال الإسرائيلي لينفذ ترحيل 14.325 إثيوبي يهودي من إثيوبيا إلى إسرائيل عام 1991، تم نقل 1.122 منهم على طائرة واحدة، حيث نفذت المقاعد واحتشدوا جميعًا في طرقات الطائرة، كما قامت بضعًا من النساء الحوامل بوضع أطفالهن على متن الطائرة أثناء عملية النقل.
عمليات الهجرة والإخلاء في حروب دول البلقان
صورة الطفل آغيم شالا التي نالت العديد من الجوائز العالمية للصور ترحيل اللاجئين من كوسوفا إلى مخيم كويس بألبانيا والذي كانت ترعاه الإمارات العربية المتحدة
التقطت عدسة المصوّرالإسرائيلي أوديد بالتلي منذ عشر سنوات مضت صورة من أهم صور أسوشيتيد برس عن الإخلاء الذي قامت به القوات الإسرائيلية لمستوطنة يهودية أثناء إجبارها على الرحيل من مستوطنة في الضفة الغربية، فازت الصورة بجائزة “Pulitzer Prize” وهي خاصة بالعمل الإبداعي في الصحافة الإلكترونية، فاز بها بالتلي لأهمية الصورة في التعبير عن الصراع، يقول أوديد بالتلي لأسوشيتد برس بأنه كان يتمنى وقت التقاطه لتلك الصورة أن تنتهي الصراعات إلا أنه وقد مر عشر سنوات على التقاط الصورة، صار الوضع أسوأ.
الرحيل الجماعي للفلسطينين “التهجير القسري” عام 1948
يسميها العرب النكبة، والتي دارت أحداثها عام 1948 حيث أُجبر 700.000 من العائلات الفلسطينية على الرجيل الإجباري وإخلاء أماكن سكنهم وقراهم، وهي السنة التي طرد فيها الشعب الفلسطيني من بيته وأرضه وخسر وطنه لصالح إقامة الدولة اليهودية إسرائيل وتشمل أحداث النكبة، احتلال معظم أراضي فلسطين من قِبل الحركة الصهيونية، كما تشمل الأحداث عشرات المجازر التي بدأت في نفس العالم واستمرت بعده لعقود، كما تم هدم أكثر من 500 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية، وطرد معظم القبائل البدوية التي كانت تعيش في النقب ومحاولة تدمير الهوية الفلسطينية ومحو الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء عبرية.