ترجمة حفصة جودة
إذا كان هناك وقت لاتباع أسلوبًا جديدًا في التعامل مع الأزمة الإنسانية في سوريا، فمن المؤكد أن هذا الوقت هو الآن، نحن نواجه نقصًا شديدًا في مساعدات إنقاذ الحياة وحركة بائسة من قِبَل البشرية، حيث يخشى مئات الآلاف من السوريين ألا يملكون بديلًا سوى وضع حياتهم بين أيدي الأشرار من مهربي البشر وحينها سيواجهون احتمالية التجمد حتى الموت في دول البلقان أو الموت غرقًا في مياه بحر إيجه، بحثًا عن المستقبل.
وفي المؤتمر الذي أستضيفه اليوم في لندن سوف نسعى إلى تغيير هذا الوضع؛ فالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ورئيس الوزراء النرويجي إرنا سولبرج، وصاحب السمو أمير الكويت وأنا سوف نعمل مع أكثر من ستين دولة لتقديم مقاربة جديدة تجمع بين الجهود المتجددة في تقديم المساعدات مع وضع خطة طويلة المدى يمكنها أن تقدم للسوريين الأمل في مستقبل أفضل في المنطقة.
يبدأ الأمر بمعالجة نقص تمويل الأمم المتحدة والذي يعيق الجهود الإنسانية بشكلٍ قاتل؛ ففي العام الماضي، ومن بين المجتمع الدولي بأسره لم يتم دفع سوى نصف النقود التي طلبتها الأمم المتحدة فقط، وهذا يعني أن عشرات الآلاف ظلوا بلا طعامٍ كافٍ أو مأوى أو رعاية صحية، بينما حاول أكثر من نصف مليون سوري الذهاب في رحلة خطرة عبر البحر الأبيض المتوسط، هذا الأمر ليس مقبولاً أبدًا: فتوفير التمويل الكافي لضمان الاحتياجات الأساسية للاجئين يجب أن يكون الحد الأدنى المُتوقَع منّا.
لذا فنحن عازمون على أن يقدم المجتمع الدولي أفضل ما لديه، وذلك بالبناء على العمل الذي بدأناه في المؤتمر الماضي بالكويت، وآمل أن نستطيع جمع مليارات الدولارات في مؤتمر اليوم أكثر من مجمل ما جمعناه العام الماضي، سوف تؤدي بريطانيا دورها، فنحن بالفعل أكبر ثاني دولة في العالم ثنائية المنح في المنطقة، وسوف نضاعف الآن إجمالي ما تعهدنا به لأكثر من 2.3 بليون جنيه إسترليني، ملتزمين بضعف ما منحناه العام الماضي.
لكن إذا أردنا أن يكون البقاء في المنطقة هو الخيار الملائم للاجئين السوريين، فيجب علينا البدء في عمليات إغاثة قصيرة المدى، عندما زرت الأردن ولبنان في سبتمبر من العام الماضي، قابلت العديد من اللاجئين الذين فرّوا من العنف في سوريا، وقد أخبروني بما يحتاجونه بالفعل: التعليم لأطفالهم، وظيفة لإعالة أسرهم، وفرصة للعودة يومًا ما إلى سوريا لإعادة بناء منازلهم.
لذا فإن مؤتمر اليوم سوف يكون رائدًا في تقديم نهج دولي جديد يعمل على توفير كل هذه الأشياء، الآن وعلى المدى الطويل.
أولاً، بناءً على العمل الذي تقوم به وزيرة التنمية الدولية في حكومتي، جوستين جرينينج، فسوف نأكد على عدم وجود جيل ضائع نتيجة هذه الأزمة، سوف نستخدم أموال المساعدات في دعم تركيا ولبنان والأردن للتأكد من أن كل لاجئ وكل طفل مستضعف في هذه البلاد سيحصل على فرصة للتعليم بنهاية العام الدراسي القادم، وهذا يعني أن مليون طفل خارج المدارس الآن سوف يحصلون على التعليم اللازم.
توفير هذا التعليم ليس فقط أمرًا إنسانيًا وحقًا من حقوقهم لكنه أيضًا ضروري للاستقرار على المدى الطويل؛ فجيل كامل من اللاجئين خارج المدارس يعني أن جيلاً كاملاً من الشباب لن يكون فقط غير قادر على الحصول على عمل، لكنه سيكون أكثر عرضة للتطرف والتشدد، ومنع ذلك هو في مصلحتنا جميعًا.
ثانيًا، سوف يتحد المجتمع الدولي لضمان توفير مئات الآلاف من الوظائف في المنطقة للاجئين وللمجتمعات التي تستضيفهم، وللقيام بهذا الأمر سنعمل على مزيد من التواصل بين الأنشطة التجارية في الأردن والسوق الأوروبي، وستقوم الحكومة اللبنانية بكشف النقاب عن طرق جديدة مبتكرة لدعم خلق الوظائف في القطاع الخاص، سوف ندعم تعزيز النشاط التجاري البريطاني والدولي في المنطقة بالتعاون مع وزير العمل ساجد جافيد وفريق عمله لمساعدة تلك الجهود.
وبدعم من المملكة المتحدة، سوف تقوم المؤسسات المالية الدولية بتوفير قروض أرخص لمساعدة الأردن ولبنان على بناء بنية تحتية جديدة، وإعادة تشكيل اقتصادياتهم للتعامل مع هذا التدفق الهائل من اللاجئين والذي يستطيع عدد سكانهم الصغير التعامل مع بالكاد.
ثالثًا، سوف يؤكد مؤتمرنا اليوم على التزاماتنا تجاه مستقبل سوريا، وهذا يعني مواصلة دعم 13.5 مليون شخص داخل سوريا يحتاجون لمساعدات عاجلة، والتأكيد على أن عمال الإغاثة الشجعان يستطيعون الوصول إلى مئات الآلاف من الأبرياء العالقين في المدن المحاصرة، ويعني أيضًا مضاعفة جهودنا للحيلولة دون ارتفاع جرائم العنف ضد المدنيين، وضمان قيام جميع أفراد النزاع بوضع حد فورى للانتهاكات المستمرة للقانون الإنساني الدولي، سوف نستمر في عملية السلام الدولية والتي تعمل على تحقيق الانتقال السياسي، وسوف نبدأ في التخطيط لجهود تحقيق الاستقرار والتي سنكون في حاجة إليها لدعم السوريين في إعادة بناء بلادهم.
مؤتمر لندن هو محاولة جذرية لإعادة تركيز جهود المجتمع الدولي على إنقاذ الأرواح في سوريا، ومنع اللاجئين من المخاطرة بحياتهم نتيجة اليأس، وبينما نواصل السعي من أجل تحقيق السلام في سوريا، فجيب أن نعقد الآمال على توقعات الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي طويلة المدى والتي من شأنها فقط أن تحقق هذا السلام.
المصدر: الجارديان