عودة الاتصال المجاني في المغرب انتصار لحرية الإنترنت

استقبل المغاربة عامهم الجديد بقرار كان غير متوقع من شركات الاتصالات (إتصالات المغرب، إنوي، ميديتيل)، حيث اتفقت فيما بينها على إلغاء الاتصال المجاني عبر تطبيقات الدردشة الفورية “واتسآب” و “سكايب” و “فايبر” و “ماسينجر فيسبوك” التي تستخدم شبكتي 3 جي و4 جي للاتصال بالأنترنت. وأوكلت هذه الشركات الخاصة إلى الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات (حكومية) قرار حضر خدمة الاتصال عبر بروتوكول VoIP التي تتيح إمكانية الاتصال المجاني عبر تطبيقات الدردشة الفورية. لكن خدمة الاتصال المجاني قد عادت للعمل مجددا مطلع الشهر الحالي، وهو ما اعتبره العديد من نشطاء فيسبوك “انتصارا لحرية الانترنيت التي تحاول شركات الاتصالات التضييق عليها”.
وحتى الآن لم تصدر الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، أي بيان أو تصريح يؤكد أو ينفي خبر تراجعها عن قرارها الذي خلق جدلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، ولقى استنكارا واسعاً لدى مستخدمي هذه التطبيقات، وقد أدى إلى دعوة العديد منهم لمقاطعات شركات الاتصالات المغربية. وشملت المقاطعة المكالمات العادية والامتناع عن اقتناء بطاقات التعبئة نهائيا، وهو ما أدى إلى تراجع أرباح شركات الاتصالات التي كانت تطمح من خلال قرارها المذكور تزويد أرباحها، دون لجوءها إلى تطوير خدماتها ومواكبة الثورة الرقمية التي يشهدها العالم.
وفقا لما نشرته الصحافة المغربية فإن “اتصالات المغرب” كانت الشركة الأولى التي بدأت منع خدمة الاتصال المجاني، لتتبعها الشركات الأخرى مباشرة. والسبب هو تراجع دخل رئيس الأدارة الجماعية لـ”اتصالات المغرب”، عبد السلام أحيزون، الذي يتقاضى سنويا راتبا وتعويضات وصلت في سنة 2012 لوحدها إلى حوالي مليارين و500 مليون سنتيم (حوالي 257 مليون دولار أمريكي) تشمل الأجر والتعويضات عن الأرباح. ويعتبر أحيزون أول المتضررين من توجه مستعملي الهاتف النقال نحو الخدمات المجانية، عبر “الواتساب” و”الفايبر” و”السكايب” عوض المكالمات المؤدى عنها، على اعتبار أن ذلك ساهم في تراجع أرباح الشركة خلال السنوات الأخيرة بنسب مهمة، بلغت في بعض السنوات 8 في المائة، وهو ما أدى إلى تقلص تعويضاته بشكل أوتوماتيكي بالنظر إلى ارتباط قيمة التعويضات بالأرباح التي تم تحقيقها سلبا أو إيجابا.
وحقق المغرب العام الماضي تقدما في مؤشر حرية الإنترنت، حيث ذكر تقرير مؤسسة “بيت الحرية” أن المغرب تقدم برتبة واحدة على مستوى مؤشر حرية الإنترنت، حيث انتقل معدله من 44 إلى 43، إذ لم يمكنه هذا التقدم الطفيف من الخروج من خانة الدول التي تتمتع “بحرية نسبية في استعمال الإنترنت”. وأشار التقرير إلى أن البلد لا يفرض أي قيود على استعمال مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يتم منع أي تطبيق رقمي. إلا أن قرار حضر الاتصال المجاني على تطبيقات الدردشة الفورية، من المتوقع أن يؤدي إلى تراجع المغرب على مستوى حرية الانترنيت.
كما يشتكي معظم رواد الانترنيت من غلاء أسعار الإنترنت بالمقارنة مع جودة الخدمة، حيث عادة مايتم وصفها بـ”الرديئة” وكونها متقطعة، وزيادة على ذلك يصبح من الصعب الولوج إلى الإنترنت والاستفادة من جميع خدماته في أوقات العطل التي تشهد اقبالا متزايدا من قبل الرواد.
ويتهم رواد الإنترنت حكومة بتماديها في خرق حقوق الإنسان، خصوصا بعدما استجابت “الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات” لقرار الحضر الذي فرضته شركات الاتصالات. بعدما أعلنت الأمم المتحدة في تقرير لها عام 2011 “إن الوصول إلى الإنترنت هو حق من حقوق الإنسان، وقطع الخدمة عن المشتركين يعتبر انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان” وتوضح الأمم المتحدة بدقة جميع حالات الوصول إلى الإنترنت مرورا بحالات القطع بشكل كامل من الأساس مثل قطع الإنترنت بشكل كامل مثلما حدث في مصر أثناء ثورة يناير، أو منع الوصول إلى محتوى معين كما حدث في المغرب مع مطلع 2016.