الأقصى ومحتلوه من أمامهم وحب الوطن من خلفهم، هكذا تقدم الفدائيون الثلاثة “أحمد راجح زكارنة”، “محمد أحمد كميل”، و”أحمد ناجح أبوالرب” من بلدة قباطية قضاء جنين ظهر يوم الأربعاء، لتنفيذ عملية طعن وإطلاق نار صوب جنود الاحتلال عند باب العامود المدخل الرئيسي للبلدة القديمة بالقدس المحتلة.
مصادر عبرية ذكرت أن الشبان استخدموا سلاحًا ناريًا وسكينًا ومجموعة من القنابل يدوية الصنع التي لم تنفجر، قبل إطلاق قوات الاحتلال النار عليهم واستشهادهم، ومصرع مجندة إسرائيلية هادار كوهين 19 عامًا وإصابتان من قوات الاحتلال وصفت جراح إحداهما بالبالغة.
وقامت قوات الاحتلال بتشديد الإجراءات الأمنية والعسكرية في المنطقة ودفعت بتعزيزات عسكرية وحملة تفتيش مستمرة للمارة والشبان.
جاء ذلك بعد توجيه الفدائيين الثلاثة صفعة للعمق الأمني الإسرائيلي وذلك بتخطيهم عددًا من الحواجز بكامل سلاحهم وعتادهم وقطعهم مسافة تزيد عن 100 كم من شمال الضفة الغربية حتى القدس، دون كشفهم من قِبل المنظومة الأمنية والعسكرية للاحتلال.
حصار وعقاب جماعي
كعادة الاحتلال الإسرائيلي بعد وقوع عملية طعن أو إطلاق نار ينفذها شبان فلسطينيون يقوم باستخدام سياسة الردع والعقاب الجماعي كأسلوب تعسفي ممنهج لمحاربة تكرار مثل هذه العمليات مرة أخرى.
بعد وقوع عملية القدس عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعًا مع كبار المسؤولين الأمنيين وتم القرار على تنفيذ إجراءات انتقامية بالضفة الغربية والقدس؛ كانت هذه القرارت حصار بلدة قباطية وزيادة قوات الاحتلال في الضفة ومحيط القدس، وتكثيف حملات الاعتقالات في صفوف الفلسطينيين، وآخرها إعادة تقييم الموقف الإسرائيلي من انتفاضة القدس مرة أخرى وتوصيفها.
قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بالبدء بتنفيذ عملية عسكرية على بلدة قباطية جنوبي مدينة جنين بالضفة الغربية فجر يوم الخميس وفرض حصارٍ مشددٍ على البلدة وإغلاق جميع مداخلها الرئيسية والفرعية بالسواتر الترابية والمركبات العسكرية وإعلانها منطقة عسكرية مغلقة.
وقال رئيس بلدية قباطية محمود كميل “إن هذا الحصار كان له الأثر الواضح على أهالي البلدة بمختلف نواحي الحياة اليومية”، وأضاف كميل أن كل الشعب الفلسطيني في سجن كبير منذ عقود من الزمن، وعند وقوع عملية مثل هذه نصبح في سجن أصغر بحصارهم هذا.
كما منعت قوات الاحتلال الطلاب من الذهاب لمدارسهم وتشديد الحركة الداخلية على أهالي البلدة وسط إطلاق كثيف لقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع.
وقال الصحفي محمد خزيمية من قباطية خلال حديثه لـ نون بوست “إن قوات الاحتلال انتشرت في شوارع بلدة قباطية وداهمت عشرات المنازل منها منازل ذوي الشهداء الثلاثة، وأخذت قياسات البيوت تمهيدًا لهدمها دون تبليغهم بموعد محدد للهدم”.
وواصلت قوات الاحتلال حصارها لقباطية لليوم الثاني على التوالي، فعمدت إلى تسكير كافة الطرق أمام المواطنين ومنعهم من المرور، فقامت طواقم الدفاع المدني وبالتعاون مع بلدية قباطية بإمداد بعض العائلات المحاصرة بالمواد التموينية وحليب الأطفال والأدوية.
ورغم الحصار المطبق على قباطية خرج الأهالي مساء الجمعة في تشييع مهيب لجثامين الشهداء إلى مقبرة آل أبو الرب لدفنهم عند صديقهم الشهيد “أحمد عوض أبو الرب” مسلمين راية الوطن لفدائي جديد.
مواجهات عنيفة
شهدت بلدة قباطية مواجهات عنيفة بين الشبان وقوات الاحتلال يوم الخميس ووقوع عدة إصابات في صفوف الشبان ما بين الرصاص المطاطي والحي والدهس بالمركبات العسكرية.
كما واعتقلت قوات الاحتلال عددًا من الشبان خلال المواجهات التي استمرت طوال اليوم، ومنعت قوات الاحتلال طواقم الدفاع المدني من إخماد حريق وقع في البلدة جراء إطلاق قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، واعترف الاحتلال بإصابة أحد جنوده خلال المواجهات.
ونصبت قوات الاحتلال خيمة عسكرية في إحدى الأراضي وسط البلدة واعتلت أسطح المنازل وجعلتها نقاط مراقبة لهم.
وتجددت المواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال صباح يوم الجمعة على فترات وفي مناطق متفرقة بالبلدة مع اشتدادها على المدخل الشمالي، وأفاد شهود عيان تعرض قوات الاحتلال لإطلاق نار للمرة الثانية من قِبل المقاومين بالقرب من مثلث الشهداء وتواجد سيارة الإسعاف الإسرائيلية بالمنطقة.
وذكرت المصادر الطبية أن مواجهات الجمعة أدت لإصابة تسعة شبان بالرصاص الحي تم التعامل معهم من قِبل طواقم الهلال الأحمر.
هل نجح الحصار؟
لم تنجح مساعي الاحتلال في حصاره على بلدة قباطية وإخضاعها حتى اللحظة، فرغم إغلاق قوات الاحتلال لكافة الطرق الالتفافية للبلدة ومنع حركة المرور وإغلاق الطرق الرئيسية بين قباطية وجنين، إلى أن أهالي قباطية مستمرون بصمودهم ويد واحدة في مواجهة غطرسة الاحتلال.
يقول الناشط الإعلامي دجانة أبو الرب من قباطية في معرض حديثه مع نون بوست “الواضح من واقع البلدة اليوم أن هذا الحصار لن يردع الأهالي وسيشعل نار المقاومة في صدور الفلسطينيين من جديد والاحتلال أخطأ في ذلك”.
وأضاف أبو الرب أن المقاومة تكون بالسكاكين والسلاح وبالقلم والأغنية وكل ذلك له قيمة في دعم الوطن وقضيته ويؤدي إلى التحرير قريبًا.
ورغم الأوضاع السيئة بالبلدة واشتداد المواجهات وتطورها من رمي الحجارة والقنابل الحارقة إلى إطلاق النار على جنود الاحتلال مساء الجمعة وإطباق قوات الاحتلال للحصار، فهل سينجح الاحتلال بحصاره في قمع الناس؟ أم أن ردة فعل الاحتلال ستدفع شرائح أخرى لمقاومته وبالتالي المزيد من العمليات النوعية؟
وسم العزة والانتصار
كان لوسم #الفدائيون_الثلاثة على مواقع التواصل الاجتماعي التفاعل الكبير من قِبل المغردين بآلاف التغريدات للعملية النوعية التي نفذها الشبان الثلاثة في القدس.
عبر الناشطون بتغريداتهم عن فرحتهم العارمة بهذه الضربة المؤلمة للاحتلال بعدما غُرزت سكين الفدائيين الثلاثة بخاصرة أسطورته الأمنية والعسكرية المزعومة، وأن أفعال شباب بمقتبل العمر فعلت بكيانه ما لم تفعله جيوش.