مقدمة تاريخية هامة
تحكي المراجع التاريخية العربية عن أن قيام الدولة الفاطمية كان في البدء بسبب داعية شيعي يسمى بأبي عبدالله الحسين بن زكريا الصنعاني التقى حجاج قبيلة كتامة الأمازيغية في مكة ثم ذهب إلى ديارهم في المغرب الأوسط واستطاع بعبقريته إقناع قبيلة كتامة ومن جاورهم من القبائل بالدعوة الفاطمية ثم أعلن العصيان وقاتل عمال الأغالبة واتخذ اللون الأخضر علمًا وأرسل إلى إمامه في سلمية الشام أن يقدم فقد تهيأت الأرضية للدولة.
الموقف الإيراني من الصراع الليبي
منذ ثورة 17 فبراير والموقف الإيراني يتأرجح بين التأييد الكامل للثورة كما صرح خامنئي في مارس 2011 بتأييد ثورات ليبيا والبحرين واليمن ومطالبته بتسليح الثوار، ثم خروجه بعد فترة لإدانة تدخل الناتو وفتح المستشفيات الإيرانية لعلاج الليبيين الجرحى، وأخيرًا ما جهر به في نهاية العام الماضي عندما اتهم الغرب بتدمير سوريا وليبيا واليمن، وبذلك تحرك الموقف الإيراني من النقيض إلى النقيض في خمسة أعوام من الثورة الليبية، وهذا الأمر هو ما دفعني لدراسة سبب تغير الموقف الإيراني من الثورة الليبية وما هو السبب الذي يجعل ملالي إيران يرسلون حسين أكيري في 7 نوفمبر2014م إلى طبرق ليعلن الدعم غير المشروط للبرلمان.
جيش القبائل
في 25 مايو 2014م التقت وفود للقبائل الليبية المؤيدة لنظام العقيد القذافي في العزيزية واتفقت على مقاتلة قوات فجر ليبيا وإعادة المهجرين وإعادة نظام القذافي واختار هذا المؤتمر القبلي الذي يحاكي اللوياجرغا الأفغانية العجيلي البريني سفير القذافي في إسبانيا كرئيس لمجلس القبائل، وللمفارقة كان هذا الاجتماع بعد أسبوع من بدء السيد خليفة حفتر لعملية الكرامة لضرب الإرهاب بدعم إقليمي عربي للإجهاز على ما تبقى من الثورة الليبية.
لكن اختارت مجموعة مؤتمر القبائل عدم إعلان دعمها لخليفة حفتر ثم تم تشكيل جيش للقبائل بقيادة العقيد عمر تنتوش الورشفاني الذي تم إطلاق سراحه بصفقة بين القبائل وبين مقاتلي الزنتان بعد هزيمتهم في مطار طرابلس في أغسطس 2014م.
في حوار مع العجيلي البريني رئيس مجلس قبائل ليبيا الجناح السياسي لجيش القبائل على قناة العربية الحدث في سبتمبر 2014م قال “إنه لن ينضم هو ولا قواته لجيش خليفة حفتر وإن على حفتر أن ينضم هو ومن معه للقبائل وللجيش الليبي (قوات الشعب المسلح) التابع لنظام القذافي والذي كان موجودًا قبل 2011م”، وعندما سئل في حوار صحفي عن علاقته باللواء حفتر أجاب أن حفتر لديه مشكلة مع النظام السابق وأن عليه أن يعترف أن هناك جيش آخر في ليبيا هو جيش النظام السابق جيش القبائل ومقداره 50 ألف مقاتل وفي 26 أبريل 2015م صرح العقيد عمر تنتوش “أنهم لا يعترفون لا بالكرامة ولا بفجر ليبيا وأنهم من الجيش الليبي الذي يحبه كل الليبيين”، ومما سبق يتضح أن جيش القبائل ليس في يد خليفة حفتر ولا القوى الإقليمية التي هي من خلفه كما هي تظن وكما تتغنى به في قنواتها وتسميه ” القوات المساندة للجيش الليبي “.
من الذي يدير جيش القبائل ومن يسلحه من خلف ستار؟
من يدير هذا الجيش هو شخص له مصلحة في عودة نظام القذافي كاملاً وهو أحد أفراد أسرته، وفي الحقيقة فاجأتنا الصحف اللبنانية قبل شهر بأن كشفت النقاب عن عملية خطف هاينبال القذافي في سورية من قِبل بعض أنصار الإمام موسى الصدر وتبين أن النظام السوري منح هاينبال القذافي صفة اللاجئ السياسي بعد أن ظن الجميع أنه استقر المقام بأسرة القذافي في سلطنة عمان وأنه يقيم مع أسرته في مدينة اللاذقية السورية، وانكشاف سر لجوء هاينبال القذافي في سورية قد يساعد في معرفة من وراء قناة الجماهيرية؟ ومن أي دولة تبث؟ و ما هو سر منح ساعات طويلة للشأن الليبي في قنوات المشروع الإيراني (المياديين، الكوثر، العالم ، الاتجاه ، النبأ) بما يفوق عدد الساعات التي يتم منحها للشأن اليمني، وعن السبب الذي يدفع المنجمة ليلى عبداللطيف المؤيدة للمشروع الإيراني أن تؤكد مطلع كل عام جديد من 2013 وحتى هذا العام أنه عما قريب سوف يرفرف العلم الأخضر وتتدمر مصراتة والثوار ويعود للحكم سيف الإسلام القذافي.
صرح السيد محمود الورفلي عضو المؤتمر الوطني العام للجزيرة في 5 مايو 2015م “لأسلحة التي في يد جيش القبائل صناعة مصرية صنعت في المصانع الحربية المصرية وأيضًا أسلحة إيرانية”، وكتب المهندس مروان الدرقاش عضو مجلس أعيان وحكماء مصراتة على صفحته في فيسبوك “إيران تمد جيش القبائل بالعتاد الحربي، هل تم ذلك بشكل مباشر أم عبر وساطات سمسار الانقلابات محمد دحلان”؟ بالإضافة إلى عدد من الفيديوهات التي تبين وجود السلاح الإيراني في يد جيش القبائل.
إيران تسرق الثورة المضادة
إذًا لقد قررت إيران وبتحول إستراتيجي كبير من 2013م أن تسرق الثورات المضادة من حلف الثورة المضادة؛ فسرقت علي عبدالله صالح من أحضان الخليج إلى أحضان الملالي وعملت جهدها على محاولة شراء حزب نداء تونس (بقايا نظام بن علي) بالاتفاق السياحي ولكنها فشلت، وكانت تعمل بصمت على سرقة الثورة الليبية وثمرتها من أحضان حفتر ومن معه ومن أحضان الثوار إلى أحد أبناء القذافي الذي سيكون تابعًا وعين لها في شمال أفريقيا، وأرادت تكرار سيناريو أبي عبدالله الداعي مع الدولة الفاطمية الذي تحرك في منطقة القبائل واستطاع إقناع القبائل بدعوته حتى تمكن من قهر الأغالبة ثم أرسل الرسول بالبشرى إلى إمامه في السلمية فكانت الدعوة الفاطمية، ولكن قدر الله لإيران أن يفضحها من قام بخطف هاينبال القذافي ، وكيف لا تنتظرون من الملالي أن يدعموا بقايا نظام القذافي وهو الذي وقف ذات مرة شهيرة مطالبًا بعودة الدولة الفاطمية ومذكرًا بأن القاهرة لا تستطيع الفرار من مصيرها الفاطمي الذي ينتظرها.