ما فتئ الاقتصاد التونسي يسجل منذ عدة سنوات أرقام سلبية تأثرًا بأزمة بعض الدول الأوروبية الاقتصادية وبالأزمة الليبية؛ الأمر الذي حتم على تونس الالتفات إلى بُعدها الأفريقي بعد هجر كبير، حيث أعرب وزير التجارة التونسي، محسن حسن، أمس الجمعة، عن عزم بلاده تعزيز حضورها الاقتصادي في القارة الأفريقية، لمزيد من الدعم لاقتصادها.
وأكد الوزير التونسي أن بلاده منحت اسمها لأفريقيا، وتأمل الآن إلى أن تكون لها مكانة كبيرة في القارة السمراء، حتى تضمن حضور المنتج التونسي هناك، وأكد عمل دولته على الانضمام إلى السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (COMESA)، التي تضم 19 دولة من شرق القارة الأفريقية تمتد من ليبيا إلى زيمبابوي.
وبيّن أن الانضمام إلى هذه السوق، يترتب عليه الانضمام الآلي إلى كل من منطقة التبادل الحر بين الكوميسا ومجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية (SADC)، وجماعة شرق أفريقيا (CEA) التي تجمع 26 دولة.
وأوضح حسن، أن بلاده ستعمل على استغلال الزيارات الرسمية للبلدان الأعضاء، قصد الانضمام إلى السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا الهامة، على حد تعبيره.
وشهدت الصادرات التونسية مع الاتحاد الأوروبى تراجعًا بنسبة 2.4% سنة 2015، وتراجعت قيمة الواردات مع الاتحاد الأوروبي بنسبة 0.4%.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي الشريك الاقتصادي الأول لتونس، فأكثر من نصف المبادلات التجارية تتمّ مع الاتحاد الأوروبي، فالصادرات باتجاه الاتحاد مثلت 71.3% من مجموع الصادرات التونسية، وكذلك 62.4% من مجموع الواردات، فتونس تُعتبر من الشركاء التجاريين للاتحاد الأوروبي الأكثر استقرارًا في المنطقة المتوسطية والشريك الثاني والثلاثين للاتحاد الأوروبي، كذلك شهد التبادل التجاري بين تونس والجزائر تراجعًا بنحو 5.476 م د، فيما تراجعت الصادرات نحو ليبيا 6.4%.
وفي شهر أكتوبر الماضي أنشأ رجال أعمال تونسيين مجلس الأعمال التونسي الأفريقي، ويهدف هذا المجلس إلى تمتين التعاون الاقتصادي بين تونس وأفريقيا وتعزيز العلاقات الثنائية بين المستثمرين وتأسيس إطار ملائم لتجميع الموارد والقيمة المضافة، وتعزيز التعاون فيما بين البلدان الأفريقية بهدف تحسين الأداء الاقتصادي وتحسين النمو الاقتصادي من خلال بعث مشاريع تصديرية مشتركة تساعد على رفع في حجم المعاملات الاقتصادية.
ووقع رجال أعمال تونسيين مع نظراء لهم من دولة مالي، 4 اتفاقيات اقتصادية خلال زيارة أدتها بعثة اقتصادية تونسية متعددة الاختصاصات، إلى باماكو، في الفترة من 25 إلى 28 يناير الماضي، يتم بمقتضاها إحداث معهد تعليم عالي، ومركز صحي، فضلاً عن أنشطة في المجالين التجاري والزراعي.
وتسعى تونس إلى إيجاد ممثلية دبلوماسية كبيرة في أفريقيا، دعمًا للاقتصاد التونسي في دول القارة خاصة وأن عدد تمثيلياتها الديبلوماسية في الدول الأفريقية ضعيف جدًا لا يتجاوز 8 دول، وبلغ حجم التبادل التجاري التونسي الأفريقي 800 مليون دينار (490 مليون دولار) في عام 2013.
وتسعى تونس لرفع قيمة التبادل التجاري مع مختلف الدول الأفريقية، لكي يصل إلى مليار دينار تونسي (613 مليون دولار) سنويًا، وتعد إثيوبيا الشريك الأفريقي الأول لتونس، يليها السنغال، ثم ساحل العاج، والكاميرون.
تصدر تونس لأفريقيا العديد من المنتجات، مثل المواد الغذائية المصنعة، مواد التنظيف، الأدوية، والأدوات والكتب المدرسية، وتطمح المؤسسات التونسية إلى زيادة حجم صادراتها إلى القارة، التي حققت خلال السنوات الأخيرة، معدلات نمو تراوحت بين 5 و6%، ويوجد في أفريقيا حوالي 1000 شركة تونسية.
يرى مراقبون أنه رغم تواضع التواجد التونسي في أفريقيا، فإن عددًا من المؤسسات الاقتصادية حققت نجاحًا رغم توجهها بشكل منفرد، لتوسيع نشاطها في البلدان الأفريقية، وذلك مثل مكاتب الدراسات والمقاولات والمجمعات التجارية.
وأدى الرئيس التونسي السابق محمد المنصف المرزوقي سنة 2014 جولة في عدّة دول أفريقية، وصفت بالتاريخية، وقع خلالها العديد من الاتفاقيات الاقتصادية.
ودعا المرزوقي الشباب التونسي وبالأخص أصحاب الشهائد العليا والمستثمرين للمغامرة، للذهاب إلى أفريقيا والعمل هناك باعتبارها أماكن واعدة، وقال المرزوقي فى هذا الصدد “يجب على الشباب التونسي أن يَعي أن هناك عمل سياسي قد تمّ اليوم (في إشارة إلى الاتفاقيات التى تم إمضاؤها)، لكي نفتح له الفضاء الأفريقي.
وتمثل أفريقيا 14% من احتياطيات العالم من النفط والغاز، و36% من الطاقة الكهرومائية في العالم، و60% من سطح الأرض من الأراضي الصالحة للزراعة غير المزروعة وهي أيضًا خالية من الديون (20% من الناتج المحلي الإجمالي) وتحتوي على أعلى معدل للإدخار بعد آسيا ومن المتوقع أن تمثل سنة 2050 من نحو 25% من القوى العاملة في العالم.
كما تؤكد الأرقام الرسمية أن أفريقيا تتجه نحو التمدن والتحضر بمعدل لم يسبق له مثيل تجاوز 40% مقابل 30% متوقعة في الهند سنة 2016، ويعيش 500 مليون من الأفارقة في المدينة، هذا بالإضافة إلى أن أفريقيا جنوب الصحراء هي المنطقة الوحيدة في العالم التي تسارع نموها سنة 2012، وسجلت زيادة ملحوظة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
سجل العجز التجاري خلال سنة 2015 تراجعًا بحوالي 1558.2 مليون دينار أي بنسبة 11.42% لتبلغ قيمته 7.12047 م د موفى سنة 2015 حسب ما كشف عنه المعهد الوطني للإحصاء.