بهذه الجملة الاعتيادية اليومية تتحدث السيدة أم حاتم (38 عاما) من سكان مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين (وسط قطاع غزة)، لزوجها “أبو حاتم” (44 عاما)، في الوقت الذي يقترب فيه انقطاع التيار الكهربائي اليومي.
ويعاني أهالي قطاع غزة من أزمة حادة وخانقة ينقطع على إثرها التيار الكهربائي وينقطع معه كل مقومات الحياة، ويلف الصمت الرهيب أجواء القطاع، حيث يعيش في ظلام دامس!، ولا تستمع إلا إلى صراخ الأطفال فور حلول الظلام قسريا.
ويا ليت الحال يقف إلى هنا فحسب؛ بل إن المأساة تتعقد أكثر عندما تتشابك خيوط المعاناة، فعلى الرغم من انقطاع التيار الكهربائي لمدة تقارب الـ18 ساعة يوميا، إلا أن الموت هو الآخر يطارد الأطفال وليس الخوف وحده!. كيف يحدث هذا؟ .. يحدث حينما تتحول الشموع إلى قاتل جاني! فعائلة “رائد بشير” من مدينة دير البلح (وسط قطاع غزة) – على سبيل المثال لا الحصر – تحولت أجساد أطفالها الثلاثة إلى أثرا بعد عين، ورماد بعد حياة بريئة، وذلك عندما قضوا حرقا نتيجة شمعة صغيرة أشعلتها أمهم في غرفة صغارها الثلاثة لتبدد الظلام الدامس إياه الذي خلفه انقطاع التيار الكهربائي عن قطاع غزة.
أصيبت الأم بالصدمة نتيجة تلك الفاجعة لم تصدق ما حدث “لقد كانوا أمام عيني يلعبون، فلما تعبوا ناموا في غرفتهم بعد أن أشعلت لهم الشمعة، وذهبت لإرضاع شقيقتهم الصغيرة في الغرفة المجاورة، إنني كنت أنوي إطفاء الشمعة بعد قليل، ولكن الموت سبقني واختطفهم”. كما قالت أما والد الضحايا الثلاث، فقد بدا هو الآخر غير قادر على تمالك أعصابه المنهارة تماما، “صغاري احترقوا، لقد انتظرتهم هذه السنوات ولكنهم ضاعوا مني في دقائق؟”.
كما قال لم تكن هذه هي القصة الوحيدة، فهناك روايات تقشعر لها الأبدان، فقدت خلال فصولها عوائل أفرادها بسبب شمعة هنا أو هناك، أُضيئت لما انقطع التيار الكهربائي.
الحكومة الفلسطينية طرحت مبادرات وأطلقت مناشدات لرفع الحصار الظالم عن قطاع غزة وإنهاء أزمة قطع التيار الكهربائي ولكن أحجا لم يُجب! وتعيش غزة بلا كهرباء منذ توقف محطة توليد التيار الوحيدة في قطاع غزة، – تعرضت سابقا للتدمير عندما قصفتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي – بينما تتنفس غزة حاليا على تيار كهربائي جزئي وقليل جدا يأتي من مصر ومن سلطات الاحتلال حيث لا يغطي إلا جزءا يسيرا جدا من متطلبات بعض القطاعات القليلة.
ولاشك أن عملية إغلاق وردم الأنفاق بشكل كامل من الجانب المصري وعدم السماح بتدفق الوقود، شكّل عقبة أساسية توقفت على إثرها محطة التوليد الوحيدة في غزة. ويوجد عددا من الحلول التي طرحتها الحكومة الفلسطينية وأطراف أخرى إلا أن تلك الحلول لم ترَ النور بعد، بسبب استمرار وتشديد الحصار على قطاع غزة، بينما يبقى أمل الغزيون في إنهاء معاناتهم ومأساتهم المتواصلة منذ سنوات طويلة.