ما كان حبرًا على ورق قبل سبع سنوات أصبح قبل يومين واقعًا على الأرض يفتخر به كل مغربي في المملكة المغربية، فبرعاية الملك محمد السادس تم تدشين محطة “نور 1” ليرى النّور ويضيء النّور على منازل المواطنين المغاربة، وبافتتاح المملكة للمحطة تكون قد دخلت نادي الطاقة المتجددة العالمي في المرتبة السابعة بعد خمس مراتب للولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا، وبعد إنهاء المملكة مشروع “نور” كاملاً المكون من خمسة أجزاء أولها “نور 1” ستتربع المملكة في المرتبة الأولى عالميًا لإنتاج الطاقة الشمسية.
تعد مصادر الطاقة في المغرب شحيحة جدًا؛ حيث يبلغ إنتاج البلاد من الأنتراسيت والغاز الطبيعي أقل من 5% من احتياجات البلاد؛ ما يضطر المغرب إلى استيراد احتياجاته من الطاقة من دول أخرى.
لذلك يأمل المغرب من خلال مشاريع الطاقة المتجددة المتمثلة بالماء والهواء والشمس إلى خفض اعتماد المملكة على مصادر الطاقة التقليدية وتغطية 42% من حاجاتها من الطاقة سنويًا بالإضافة لحماية البيئة.
وتبلغ تكلفة المشاريع بالكامل قرابة الـ 10 مليار دولار بقدرة تبلغ 2000 ميغاواط بحلول عام 2020 ويرجى منها خفض اعتمادية المملكة على واردات الكهرباء والنفط والغاز التي شكلت قرابة 96% من الطاقة المغربية سنة 2007، حيث تبلغ واردات البترول للمملكة نحو 8 مليار دولار وتسهم بقرابة 40% من العجز المالي للحكومة البالغ قرابة 196 مليار درهم في عام 2013.
ففي بلد كالمغرب تنعم بأشعة شمس تمتد إلى قرابة 300 يوم في السنة وبسواعد ألف عامل ومهندس تم إنجاز مشورع “نور 1” بعد وقوع الاختيار في عام 2012 على الشركة السعودية القابضة “أكوا باور” لبناء واستغلال محطة الطاقة الشمسية الحرارية لمركب ورزازات أو “نور 1”.
تبعد المحطة حوالي عشرين كيلومترًا عن مدينة ورزازات على مساحة 450 هكتار أي 4.5 مليون متر مربع حيث انتشر نصف مليون من الألواح الزجاجية العاكسة والمقوسة في 800 صف طويل متوازٍ يبلغ ارتفاع الواحد منها 4 أمتار وتتحرك بشكل بطيء لملاحقة أشعة الشمس لتلتقطها وتحولها إلى طاقة نظيفة.
وتبلغ تكلفة الاستثمار في محطة “نور 1 ” 600 مليون يورو لإنتاج 160 ميغاواط من الكهرباء ويعد الجزء الأول من أصل خمسة مشاريع في مشروع مغربي ضخم وطموح لإنتاج الطاقة في عدد من المناطق المشمسة في المملكة حيث يهدف المشروع في مجمله إلى توليد 580 ميغاواط تكفي لإمداد مليون ومئة ألف بيت بالكهرباء حسبما أعلنت الوكالة المغربية للطاقة الشمسية عند إطلاق المشروع.
يُذكر أن المشروع احتفى باهتمام دولي وإقليمي كبير وساهم في تمويله عدة أطراف منها البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية والبنك الأوروبي للاستثمار والوكالة الفرنسية للتنمية والاتحاد الأوروبي والبنك الألماني للتنمية.
وكان العديد من المشاركين في مؤتمر باريس حول المناخ الذي اختتم في نهاية السنة الماضية 2015 قدروا الجهود التي يبذلها المغرب على صعيد إيجاد موارد متجددة للطاقة وأدرجوا مشروع “نور” ك ” ثورة نوعية” في هذا الإطار.
فبحسب تقديرات وزارة الطاقة والمعادن والبيئة والماء في المغرب فإن تشغيل محطة “نور 1” سيمكن من تفادي انبعاث 240 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون في السنة على أن يصل إلى 522 ألف طن بعد إنهاء المرحلتين نور 2 ونور3.
وكمحصلة فإن أهداف مشروع الطاقة المتجددة الذّي تقوم به المغرب يرتكز على أبعاد ثلاثة أولها: تعزيز الأمن الطاقوي للمملكة من خلال تأمين إمدادات الطاقة والتخفيف من فاتورة واردات الطاقة التي تستوردها من الخارج، بالإضافة إلى تنويع مصادر الدخل والموارد في البلاد.
ومع دعم وتعزيز القدرة التنافسية للقطاعات المنتجة في البلاد وإيصال الكهرباء للمنازل المغربية لجميع شرائح المجتمع بأسعار تنافسية تكون المملكة قد حققت البعد الثاني من المشروع، ويبقى البعد الثالث وهو الحفاظ على البيئة والتخفيف من الانبعاثات الغازية لثاني أوكسيد الكربون من خلال تفادي المصادر التقليدية للطاقة الغاز والنفط وبذلك القضاء على الحاجة لاستهلاك مليون برميل من النفط سنويًا أي تجنب انبعاث 47 ألف طن من مكافئ ثاني أوكسيد الكربون والذي يتطلب زراعة ما يقارب مليون شجرة لامتصاص الانبعاثات الكربونية.
الجدير بالذكر أن الاقتصاد المغربي هو اقتصاد خدماتي بامتياز، حيث شكّل قطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي نسبة 55% في عام 2013 وتسهم الزراعة بنسبة 16% وقطاع الصناعة نسبة 28%.
وقد بلغت الصادرات في عام 2013 نحو 184 مليار درهم من الفوسفات والنسيج ومنتجات زراعية وقطع إلكترونية ومنتجات كيمياوية وسيارات، بينما استورد 381 مليار درهم من حاجاته المختلفة أهمها واردات الطاقة وبهذا يبلغ عجز الميزان التجاري 195 مليار درهم.
كما بلغ الناتج المحلي الإجمالي 104 مليار دولار في عام 2013 ومعدل النمو السنوي بلغ 4.2% مع نسبة تضخم منخفضة بلغت 1.9% وبلغت نسبة السكان تحت خط الفقر 8.9% ويوجد في المغرب قوة عاملة تقدر بـ 11.7 مليون عامل، علمًا أن معدل البطالة يبلغ 9.2%، ويعاني اقتصاد المملكة من معيقات هيكلية أبرزها ثقل الأعباء الطاقوية والمديونية البالغة 63% إلى الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013.