حين يستبد اليأس واللون الأصفر بعيني مريض الكبدي ويعجزه البحث دون جدوى، يبدأ في التطلع إلى البلاد البعيدة، في هذا الموضع يبدو كأنه، اطلبوا الشفاء ولو في الصين.
الشيء المثير للاهتمام، أن الصين من بين كل البلاد التي تستميت في المحاولات، كانت البلد الذي أخذ خطوة فارقة، عندما قام علماؤها بزرع أنسجة كبد في المختبر، تعد الأقرب إلى الكبد الحقيقي حتى الآن، ومع أننا ما نزال بعيدين عن تحقيق زراعة كبد كامل في المختبر ونقله إلى الإنسان، إلا أن هذا النسيج المزروع له قيمة لا تقدر بثمن بالنسبة للعلماء، كي يجروا عليه اختبارات الأدوية قبل أن يستخدموها في مريض أجرى عملية زرع كبد.
الصين بالذات، تقبل عددًا كبيرًا من مرضى الزرع، بسبب اعتمادها على أكباد المساجين أصحاب أحكام الإعدامات، لذا، فهي وبمبلغ الزرع الذي يساوي تقريبًا ثمانين ألف دولار، تتفوق على باقي الدول في سهولة إيجاد متبرع، وفي السعر كذلك، الذي تطلب فيه مراكز الولايات المتحدة مثلًا، ما يقارب الـ 350 ألف دولار، هذا غير العدد الكبير في المراكز الصينية ما يتيح الخبرة، وهو العدد الذي بلغ في أشهر مركز صيني 600 حالة سنويًا، متفوقة على مراكز العالم، بحسب ما يقوله الدكتور محمد سعود الصفيان، نائب رئيس زراعة الكبد وجراحات الكبد والبنكرياس في مستشفى الملك فيصل.
الفريق الصيني استطاع بقيادة العالم جين يي وانغ، من جامعة آيه إف الشمالية الغربية، أن يستخدم في إنجازه الخلايا البشرية المأخوذة من كبد حقيقي وشريان أورطى، لبناء أنسجة قائمة على السوائل الدقيقة، مشابهة جدًا للأنسجة الموجودة في الجسد الحقيقي، وقد أظهرت الاختبارات أن هذه الأنسجة كانت الأشبه على الإطلاق حتى الآن بالحقيقية، من ناحية أدائها في العمليات الحيوية، فعندما قام العلماء باختبار ردود أفعال هذه الأنسجة المهندسة على الأدوية، كانت الأكثر شبهًا بما يفعله الكبد الحقيقي، وهذه علامة مبشرة بشكل عظيم، على أننا نقترب من إنماء أنسجة كبد متكاملة خارج جسد الإنسان.
زرع الكبد مشكلة خطيرة، لأنه عضو غاية في الأهمية، كما أن الأمراض والمشاكل التي تعطله، مثل الكبدي وإدمان الكحول، تضع الإنسان في وضع صحي متدهور حتى يموت، كما أنه مكلف وغير سهل، وفوق كل هذا، قد يقوم جسد الإنسان برفض العضو الممنوح له، ضاربًا بكل رحلة الشفاء الطويلة عرض الحائط.
الفريق كان قد صمم هذا النسيج، كي يشابه فصيصات الكبد الصغيرة والمعقدة التي تتجمع لتكون الكبد، وهي تشبه عجلة صغيرة بأسلاك، لكن الفريق ما يزال يحتاج إلى المزيد من البحث والعمل كي يشابه العمليات الحيوية التي تحدث في الكبد، ويصبح قابلًا لبدء اختبار الأدوية الجديدة المراد إعطاؤها لمرضى الكبد.
وقد قال التقرير الذي نشر في دورية الكيمياء التحليلية، إن الفريق يتوقع أن علم السوائل الدقيقة القائمة سوف يفيدنا في هندسة النسيج ودراسات الفسيولوجي والباثوفسيولوجي على الكبد، وبرغم كل الصعوبات، فإن الباحثين حاليًا والعلماء، يقومون بمحاولات استنساخ القلب، والأحبال الصوتية، ونسيج المخ، والكلية.
فهل سيأتي يوم مستقبلي يصبح فيه الحصول على الأعضاء المزروعة ببساطة شراء كتاب مثلًا أو غرض من السوبرماركت؟ لا شيء نرجوه أكثر من ذلك.