جددت كل من تونس والجزائر رفضهما التدخل العسكري في ليبيا في وقت تشير فيه العديد من التقارير الاستخباراتية وجود نية من قِبل دول غربية وأخرى عربية للتدخل العسكري في ليبيا بذريعة “ضرب تنظيم الدولة الإسلامية”.
وقال وزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني أول أمس السبت إن بلاده لن تقدم دعمًا لأي تدخل عسكري ضد ليبيا، مشيرًا إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية لا يشكل خطرًا مباشرًا على تونس.
وأكد الحرشاني خلال زيارته للمنطقة العسكرية العازلة في الجنوب أن تونس لن تستعمل السلاح ضد ليبيا لأنها تؤمن بأن فض النزاعات لا يكون إلا بطريقة سلمية، مؤكدًا أن بلاده لن تقدم أية مساعدة عسكرية للتحالف الدولي الذي ينوي تنفيذ ضربات جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا.
وقال إن تونس طالبت التحالف الدولي بضرورة الحصول على موافقة الحكومة الليبية والتنسيق مع دول الجوار في حال اعتزامه التدخل العسكري في ليبيا.
من جهته أكد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أن حل الأزمة الليبية يمر عبر الاتفاق السياسي والإسراع بالمصادقة على حكومة الوفاق الوطني واستخدام إمكانيات المجموعة الدولية وأهمها دول الجوار، من أجل إرساء الحكومة التي من شأنها إعادة بناء مؤسسات الدولة وتلبية حاجيات الشعب الليبي وبسط الأمن والاستقرار.
ودعا السبسي الأسبوع الماضي المجموعة الدولية إلى مساعدة الليبيين على تحقيق المصالحة واستكمال العملية الانتقالية وإعادة بناء ليبيا برعاية الأمم المتحدة، والأطراف المتنازعة في ليبيا إلى تغليب مصلحة الشعب الليبي وإخراج البلاد من الفوضى.
وأوضح أن “أي اقتراح حل في ليبيا يجب أن يكون عبر اتفاق بين الدول المجاورة لهذا البلد الشقيق”، مشيرًا إلى أن التفكير في التدخل العسكري في ليبيا يجب أن يراعي مصالح الدول المجاورة وفي مقدمتها تونس”.
بدورها جدّدت الجزائر رفضها أي تحرك عسكري في ليبيا وأعلنت تمسكها بحل سياسي، ودعت الخارجية الجزائرية في بيان لها الفرقاء الليبين إلى “تحمل مسؤوليتهم التاريخية لاستكمال الحل السياسي، في إطار المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة، من أجل إعادة السلم والأمن والاستقرار بشكل نهائي”.
وأكد البيان أن الحكومة الجزائرية “جددت مرة أخرى دعمها الثابت للتشكيل العاجل لحكومة وحدة وطنية في طرابلس قادرة على تلبية الاحتياجات الملحة للشعب الليبي الشقيق”.
وأكد الناطق الرسمي باسم الحكومة التونسية خالد شوكات أن التدخل العسكري إن تمّ في ليبيا سيكون ارتداده على الدولة أمنيًا وإنسانيًا واقتصاديًا، مشيرًا إلى أن تونس اتخذت عدة تدابير وقائية تتعلق بتأمين الحدود عسكريًا وأمنيا تحسبًا لإمكانية حدوث تدخل خارجي.
وقال أيضًا إن أي تدخل عسكري في ليبيا سيكون له انعكاسات إنسانية تنطلق بتدفق اللاجئين وهو ما تستعد له الحكومة التونسية التي أعلن رئيسها الحبيب الصيد أنها ستظل بلدًا مفتوحًا ولن تتخلى عن واجباتها الإنسانية، وفق ما صرح به شوكات الذي أضاف أن تداعيات التدخل في ليبيا ستطال الملف الاقتصادي والاجتماعي والدولة ستحرص على تفادي آثارها.
و يرى العديد من الخبراء أن التدخل العسكري الغربي في ليبيا أصبح مسألة وقت لا غير بالنظر إلى التطورات الميدانية، وخاصة منها إقرار إيطاليا بأنها استكملت نشر العديد من القطع الحربية البحرية قبالة السواحل الليبية.
وكانت وزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتي قد أكدت الأسبوع الماضي، أن بلادها نشرت قطعًا بحرية قبالة ليبيا في عملية لا علاقة لها بعملية “صوفيا” الخاصة بمكافحة الهجرة السرية.
وقالت على هامش مشاركتها في اجتماعات وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي التي جرت على امتداد يومين في العاصمة الهولندية أمستردام، “نشرنا بالفعل عددًا مهمًا من السفن الحربية وحتى الغواصات لحماية مصالحنا، منها مرافق مؤسسة (إيني) للطاقة الناشطة في ليبيا”.
وعززت تونس تواجدها العسكري على طول حدودها مع ليبيا عبر الدفع بتشكيلات عسكرية، وبطاريات مدفعية، بالإضافة إلى إحكام تحصيناتها الدفاعية باستكمال السواتر ترابية وحفر الخنادق.
وشدد وزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني على أن القوات الأمنية والعسكرية التونسية لديها أكثر من خطة للتصدي لأي تهديدات إرهابية محتملة للتراب الوطني في حال تردي الظروف الأمنية في ليبيا المجاورة.
وأكد الوزير أن عسكريين وفنيين أمريكيين وألمان، سيحلّون بتونس لتركيز منظومة مراقبة إلكترونية متطورة على الحدود التونسية الليبية، وأضاف أنه تم استكمال تركيز حواجز المنظومة الدفاعية من رأس جدير إلى الذهيبة على طول 250 كيلومترًا.
وذكرت تقارير استخباراتية قيام قوات استطلاعية أمريكية وبريطانية بعمليات إنزال في مناطق في ليبيا لاستطلاع الأمر على أرض الواقع، وقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن وزارة الدفاع الأمريكية تكثف حاليًا عملية جمع المعلومات الاستخبارية في ليبيا، حيث تخطط إدارة الرئيس باراك أوباما لفتح جبهة ثالثة في حربها ضد داعش خلال أسابيع.
شنت مُقاتِلات حربية مجهولة من طرازى F15 وF16 غارات جوية على مدينة درنة الليبية، أول أمس، استهدفت موقع “الكورفات السبعة” ومنطقة “الفتائح” وموقعًا آخر بجانب قوس الفايدى بمنطقة باب طبرق وتجمعًا للذخيرة، ما تسبب في انفجار وأضرار مادية لحقت بمنازل المواطنين بجوار منطقة التقنية الطبية وبقسم الكلى بالمستشفى وكلية الطب ومسجد عمر بن الخطاب وشقق الأطباء.
وشهد المعبر الحدودي رأس جدير بين تونس وليبيا تدفق عدد كبير من المواطنين الليبيين إلى تونس وسط تواجد أمني كبير من خلال إخضاع جميع الوافدين إلى عمليات تدقيق ومراقبة وتفتيش وتحقق من هوياتهم، خوفًا من التهديدات الناتجة عن التدخل الأجنبي في القطر الليبي من جهة والتهديدات أو الضربات التي من المتوقع أن تنفذها الجماعات الإرهابية من جهة أخرى.