أكدت التقارير الطبية أن تناول الشوكولاه يجعل المرء سعيدًا ولكنها سعادة آنية تزول بعد لحظات، والمقصود من السعادة هي التي تدوم وتستمر لمدة طويلة وتشعر الإنسان بالطمأنينة وتمده بمحفزات سعادة قصيرة الأمد لوقت طويل، لا يُسعد الإنسان امتلاك المال فقط فقد يعكر راحته المرض أو سوء العلاقات الاجتماعية لذلك توجب توافر عدة مقوّمات ليشعر المرء بالسعادة ألا وهي الصحة ,العمل ,العلاقات الاجتماعية ,حالة مادية جيدة ,الاستقرار ,الأمان والضحك وويعتبر صنع المعروف ومقابلة الإساءة بالحسنة وتجنب الغضب من الأسباب الموضوعية التي تبعث سعادة روحية عميقة لدى الإنسان.
ويختلف شعور المواطنين بالسعادة تبعا لظروف البلد التي يعيشون فيها سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، فسويسرا احتلت المرتبة الأولى في مؤشر السعادة للعام 2015 حسب تقرير الأمم المتحدة العام الماضي والسبب يعود إلى مستوى الرفاهية المالية والحالة الصحية وقلة الأعباء التي يتحملها المواطن السويسري بالإضافة إلى الحرية السياسية والدينية والمجتمعية التي يتمتع بها ضمن المجتمع، مع ما توفره الدولة من خدمات وبنى تحتية وتعليم وطبابة ورياضة تصب في النهاية في صالح سعادة المواطن.
ويهدف التقرير إلى تحسين مستوى سياسات الحكومات التي يشعر مواطنوها بعدم السعادة ويهدف من خلال التصنيف حث الحكومات على تغيير سساساتها حيث أصبح ينظر للسعادة باعتبارها المعيار الحقيقي للتقدم الاجتماعي والسياسات العامة.
وفي هذا المسار تحاول الإمارات أن تكون سبّاقة في تحقيق الخير والرفاهية للشعب الإماراتي وتوفير كل سبل العيش الكريم له وهي في هذا الإطار تندمج في بوتقة الثورات العلمية التي يزخر بها العالم وتحاول دائما اللحاق بالركب ومن خلال رؤية نائب رئيس الدولة حاكم إمارة دبي محمد بن راشد آل مكتوم التي يسعى لجعل الإمارات أن تتربع في القمة وعلى رأس القائمة لكل المؤشرات العالمية، وعلى الرغم من الصعوبات المالية والأزمات الاقتصادية التي عصفت بإمارة دبي بشكل خاص والإمارات بشكل عام فإنه يؤمن بأن “مهمة الحكومات هي التنبؤ بالمستقبل، والاستعداد له، ليس المهم هو تقلب الأسواق الاقتصادية الحالية، المهم هو ما القطاعات التي ستقود اقتصاد العالم خلال السنوات المقبلة، حتى نكون ضمن هذه القطاعات من اليوم”.
وفي خطوة فريدة من نوعها قد يستغنى فيه عن التلفاز في إصدار البيانات الرسمية للحكومة، استخدم محمد بن راشد حاكم دبي التويتر لإبلاغ الشعب بخطوات مهمة تنم عن إعادة هيكلة لوزارات الدولة تعد “الأكبر في تاريخ الحكومة الاتحادية” محددا ملامح الحكومة الإماراتية الجديدة بأنها ستضم عددا أقل من الوزارات وعددا أكبر من الوزراء، وقد شمل التغيير مسميات ومهمام الوزارات وتنظيم أعمالها بطريقة تبدو أكثر حداثة وتم استحداث “وزير دولة” “للسعادة” وآخر “للتسامح” وتضطلع وزارة السعادة في “مواءمة كافة خطط الدولة وبرامجها وسياساتها لتحقيق سعادة المجتمع” بينما التسامح من أجل ” ترسيخ التسامح كقيمة أساسية في مجتمع الإمارات” حسب حاكم دبي، كما تم الإعلان عن أمور أخرى يمكن الرجوع إليها في حساب حاكم دبي على تويتر.
الجيدر بالذكر أن الإعلان عن هذا التغيير الجذري في الوزارات تزامن مع “القمة العالمية للحكومات” والتي تستضيفها دبي بدورتها الرابعة البارحة بحضور قرابة 3 آلاف مسؤول حكومي من الإمارات ومختلف دول العالم.
قبل الحديث عن الوجه الآخر للقرارات الجديدة فإن الحياة في الإمارات كما يؤكد الكثير من الأشخاص الذين يعيشون ويعملون هناك أصبحت حياة مادية اصطناعية يعيش الشخص فيها كالروبوت الآلي عليه العمل لساعات متواصلة في أمل اللحاق بتكاليف الحياة العالية ثم إن دبي أصبح طابعها أجنبي أكثر من الطابع العربي بسبب كثرة الأجانب من سواح وعاملين ومقيمين حتى تكاد لا تتكلم بالعربية في الشارع هناك دون الأخذ بالاعتبار الأضرار الناجمة عن الخلل السكاني الذي كاد يشكل نسبة الأجانب على المواطنين 90 بالمئة، لذلك نموذج السعادة المعمول به هناك هو توفير خدمات وبنى تحتية وأبراج وفنادق ومنتجعات عالية الرفاهية والتكلفة في محاكاة للحداثة والتطور في العالم.
فلا نجدها تنافس في الصناعات والابتكارات والابتكار في عالم التكنولوجيا والصناعة حول العالم ولكن ما تحاول التركيز عليه هو عمل احتفالات بالثمن الأعلى عالميا في حفلة رأس السنة وإنشاء الجزر في البحر وأعلى برج في العالم وأكبر نافورة راقصة و…وتدخل بهذه النتائج في مجلة غينيس للأرقام القياسية.
بادئ ذي بدء لا يمكن أن تسعد وأن تسامح من جهة واحدة فلابد للطرف المقابل لك أن يسامحك ويشعر بالارتياح في العلاقة التي تربطه معك ومن ثم يبادلك شعور السعادة، فإن كانت الإمارات نجحت في إسعاد مواطنيها فهي لم تنجح في إسعاد العمال الأجانب الذي يعملون على أراضيها، فبدون أدنى سبب أو حتى إبداء الأسباب تم فصل مئات الموظفين السوريين من شركات نفطية حكومية في الأشهر الماضية ومادام الحديث على الصعيد الداخلي فإن تقارير لحقوق الإنسان تشير لاعتقالات تعسفية لمعارضين إماراتيين وسياسين وكتّاب رأي، كما تشير تقارير أخرى عن حالات تعذيب وإهانة لمعتقلي الرأي في السجون الإماراتية.
مما يؤخذ على الإمارات مناصرتها للثورات المضادة ووقوفها بوجه الثورات في الربيع العربي من اليمن إلى مصر وليس انتهاء بتونس وليبيا وسوريا فهي تؤيد القيادات القديمة وتدعمها ماليا ولوجستيا وسياسيا حتى إذا فقدت تلك القيادات السلطة بدأت تحيك المؤمرات لإسقاط أي حركة نهضوية تقود إلى خروج حكومة منتخبة انتخابا ديمقراطيا تعبر عن حرية الشعب في اختيار من يريد وما يريد.
حتى إنها أيدت التدخل الروسي على سوريا الذي تحوم طائراته في السماء السورية , تشن غارات على المدنيين والعزّل وتدك مدافعها البيوت السورية الآمنة مما أدى لموجات نزوح من شمال حلب إلى الحدود التركية بالآلاف هربا من الموت، في ظل صمت دولي وخنوع عربي عن الهجمة الروسية النكراء.
على الإمارات اليوم إدراك أن إسعاد مواطنيها الذين لم يتجاوزوا المليون لا يكون على حساب تعاسة الشعوب الأخرى، فعداء الشعوب في دول الربيع العربي أمر لن يفيدها على المدى البعيد حيث باتت الشعوب تعرف الغث من السمين والصواب من الخطأ والعدل من الظلم وإن مشروع نهضوي ونموذج تنموي في أي بلد عربي من بلدان الثورات كفيل بتخفيف أو إلغاء الهالة التي تحيط بالإمارات فهي في النهاية تدرك أن الثلوج لن تسقط عندها وأنها ليست جنة لله على الأرض، كما أنها استفردت في الساحة العربية بسبب غياب جل البلدان العربية عن مشاريع التنمية والتحضّر.
وفي النهاية يبقى تناول لوح شوكولاه سويسري برأي مواطن يمني وليبي ومصري وسوري وتونسي يُسعد أكثر من وزارة “السعادة” في الإمارات، فالحكومة والشعب يصبح أكثر تسامحا وسعادة عندما تسعى لإسعاد الآخرين وإدخال البهجة إلى قلوبهم وهذا لب السعادة والتسامح الحقيقيين.