خمس سنوات مرت على على الحدث الأبرز الذي غير كثيرًا من المعادلة السياسية اليمنية، بل عمل على قلب الموازين رأسًا على عقب بعد الإطاحة برأس النظام، الذي مهد بعدها لسقوط الدولة برمتها بيد أعدائها القدامى الجدد، لكنه الحدث الذي لا يجد نفسه، ربما هو اليوم تائه وموزع في فوضى عارمة، شبابه إما في المنافي أو القرى البعيدة أو في الجبهات، والبعض منهم في خانة الحياد، في زمن الحياد فيه كذبة كبرى في ظل حرب قضت على الأحلام وأكلت الأخضر واليابس في حياة اليمنيين، ولا يختلف ذلك عن سياسيين ومثقفيين انخرطوا فيه ليجدوا أنفسهم مؤخرًا في زنازين المليشيا أو في منافيهم القسرية أو عزلتهم الاختيارية، كل وظروفه والسبل المتاحة لديه.
- تجيير
خرج شباب 11 فبراير من أجل تصحيح الجمهورية التي أوجدها آباؤهم بعرقهم ودمائهم ليتم تجييرها بعد ذلك لصالح الإماميين والملكيين، ممن بذلوا الغالي والرخيص من أجل ألا يحصل الشعب على حريته وكرامته، ليجد الشباب بعد خروجهم التاريخي على نظام علي عبدالله صالح، في قارعة الطريق ومجردين من الجمهورية وكل مؤسسات الدولة، التي سهل لاقتحامها من قِبل المليشيا التي تنتمي للعهد البائد الذي ظن أنه قد قضي عليه، أو انتهى إلى غير رجعة.
- انحراف مسار
واليوم يتساءل كثيرون هل بالفعل مازال فبراير الحدث الأبرز والمهم في التاريخ اليمني المعاصر، أم تم القضاء عليه، وتم طمس معالمه وأحلامه عن سبق إصرار وترصد، بعد انقلاب وصفه البعض بالتاريخي وغير المتوقع لأنه حاول أن ينحرف بمسارات تغيير كانت تتشكل على نار هادئة لتتوج في الحادي عشر من فبراير من العام 2011م عام ثورات الربيع العربي.
- كشف
الصحفي فهد سلطان يقول “إن ثورة فبراير ستبقى حقيقة هي الحدث الأبرز في عقول ووجدان اليمنيين، بل والعالم العربي، بما أحدثته من أثر كبير وواسع في نفوس الجميع، وبما كشفت فيه عن واقع عربي هش وحالة فساد وعبث متراكم كانت تعيشه الدول العربية منذ عقود.
- خريف دام
وهو الواقع المؤلم الذي ظهر بجلاء في الأعوام الخمسة السابقة، ليس في اليمن فقط، إنما في دول الربيع، الذي يصفه متابعون بأنه تحول إلى خريف دائم، وموسم دام، سالت فيه الدماء وما زالت تسيل وكأنه أي الربيع فاتحة لواقع لا يمكن أن يعرف الاستقرار والأمن في البلدان، التي دوت فيه صيحات وهتافات الجموع، بالشعب يريد إسقاط النظام.
- مراحل
لم تسقط الأنظمة، إنما زج بالشباب والساسة في السجون والمعتقالات وصودرت الحقوق والحريات من جديد، ودفع آخرون لخوض الحروب، بعد ظهور مشروعات أرادت استعباد الشعوب وتقييد الطاقات ومنعها مرة أخرى من التفكير في التغيير والإصلاح في بلدانها المختلفة، عن ذلك يواصل فهد سلطان قوله بأن الثورات لا تنتصر بالضربة القاضية، ولكنها تمر بمراحل، ومن الطبيعي أن يمر الربيع العربي بمراحل من النضال حتى تحقيق أهدافه كاملة غير منقوصة.
- اختطاف أحلام
وعما حدث في اليمن انقلاب على الشرعية والجمهورية، وما تم من اختطاف لأحلام الشباب يرى سلطان بأن في اليمن انقلاب من نوع خاص، فهناك ثورة انقلاب من شقين الأولى مضادة على ثورة 26 سبتمبر، والتي يمثلها جناح الحوثيين، من بقايا الإمامة، والتي تعمل منذ خمسين عامًا، وثورة مضادة من شق آخر، قامت بها بقايا النظام السابق، بما يمثله من انقلاب على تلك الثورة وعلى ثورة 2011م.
- مشاريع تقسيم
ويضيف سلطان بأن الثورات المضادة اليوم رافقت أعمالها رغبة خارجية في الإجهاض على الربيع العربي الذي أزعج الأنظمة الفاسدة، إضافة إلى القوى الكبرى التي شعرت بأن مصالحها سوف تتغير مباشرة إذا نجح هذا الربيع وعادت اليوم إلى مشاريع التقسيم وتعزيز الطائفية وخلق جماعات دينية تؤسس لوضع قلق قد يستمر لعقود طويلة.
- ضريبة
فتشكل حسب سلطان خوف كبير من أن يتحول الربيع العربي إلى حالة من الاستقرار، والتي ستعيد ربط الشعوب مع مصالحها وثوراتها، وهي الخطوة التي لا يمكن أن تمر بسهولة، فلا بد من دفع ضريبة ذلك وهو ما يحدث اليوم في كثير من بلدان الربيع العربي ومنها اليمن.
- اختراق
الكاتب عبدالعزيز العسالي يرى أيضًا أن فبراير هو الحدث الأكبر لليمنيين ويضيف بأن الطمس وارد للثورة في المجتمع، الذي نجح النظام السابق في اختراقه وبث روح الهزيمة فيه من قبيل، ماذا جنيتم من التغيير، وماذا وجدتم في الثورة، والمواطن البسيط يتفاعل في مثل هكذا أطروحات.
- غياب
وعن الثورة هل هي مستمرة وستبقى، يعيد العسالي إلى دور المثقف ومنظمات المجتمع المدني في التوعية والتوجيه، وهو الدور الذي يرى كثيرون بأنه غاب في الفترة الماضية، وتماهى بعضه مع الانقلاب وأهدافه التي أراد منها القضاء على أحلام الثورة وأمنياتها العظام.
- ننتصر أو ننتصر
صيحة جديدة انبعثت من ركام الحرب، انطلقت من أفواه بعض شباب الثورة، لم تنحصر في وسائل التواصل الاجتماعي، بل كانت في ميادين أخرى بعضهم في ميادين القتال وجبهات المقاومة المسلحة، تظهر صور لشباب من شباب الثورة السلمية، فتركوا وسائل النضال السلمي وحملوا السلاح لاستعادة ثورتهم ودولتهم المرتقبة.
- احتفالات رغم الحرب
وحدها تعز أعلنت الاحتفال والابتهاج بالثورة، رغم الحرب والقصف اليوم، ففي شارع الثورة، شارع جمال تم الإعلان ليكون مكانًا لكرنفال فبراير، الذي تحل ذكراه والمدينة التي انطلقت منها أولى صيحاتها محاصرة وتعيش تفاصيل الثورة الثانية بالمقاومة والتضحية والثبات.
- نموذج
احتفال آخر تم الإعلان عنه في مدينة التربة غرب تعز، تم الإعداد له من قِبل الثوار السلميين، وبعضهم عاد مؤخرًا من الجبهات المختلفة كمحمد عبد القوي، الذي قال إنه يشعر بالفخر كونه من شباب الثورة، ويحس بالألم إذا لم يتم الاحتفاء بفبراير واسترجاع أحلامه العظام مع الدعاء للشهداء والانتصار لقيمهم والمبادئ التي ماتوا من أجلها، كما يرى بأن عدم الاحتفاء بفبراير يعطي الفرصة لأعدائها للتحدث عن أنها فشلت وأنها كانت السبب فيما وصلنا إليه.
- معارضات
مجموعة من الشباب تعكف على الإعداد للحفل، الذي وجد معارضات كثيرة لإقامته في المدينة، التي صارت حسب مواطنين عرضة للقصف بالكاتيوشا من قِبل الحوثيين المتمركزين في مكان مرتفع عليها في جبال حيفان، وهو الأمر الذي زرع الخوف في أوساط المواطنين الذين لهم تجربة مع القصف إبان تشكيل معسكر لتدريب أفراد المقاومة، انفض سريعًا بعد القصف الذي طال أحياء المدينة والقرى المجاورة لها.