قلل الخبير العسكري اللواء السابق فايز الدويري، من مصداقية وإمكانية التسريبات التي نشرها موقع “سي إن إن” بالعربية، التي تحدثت حول التدخل العسكري البري في سوريا، بقيادة السعودية وتركيا، عبر قوة برية يصل عددها إلى 150 ألف مقاتل معظمهم من القوات السعودية والمصرية والتركية والسودانية والأردنية.
وقال الدويري “لا أرى في الأفق أي إمكانية لتكوين القوة العسكرية البرية بقيادة السعودية وتركيا، لذلك أستبعد الإقدام على هذه الخطوة الكبيرة، من قِبل السعودية وتركيا تجاه تنظيم الدولة في سوريا”، معتبرًا أن كل ما يقال ويتناقل ما هو إلا مخططات على الورق، وزوبعة في فنجان سرعان ما تهدأ وتختفي.
وكان موقع “سي إن إن” بالعربية نشر الأسبوع الماضي تسريبات قال فيها إن الأردن سيشارك ضمن القوة البرية التي ستقودها السعودية وتركيا للتدخل العسكري في سوريا.
وحسب الموقع ذاته، فإن عدد المقاتلين المشاركين في التدخل البري سيصل إلى 150 ألف مقاتل وأن معظم المقاتلين سعوديين، إلى جانب قوات مصرية وسودانية وأردنية، فيما تشارك ماليزيا وإندونيسيا وبروناي، في هذه القوات، ولفت الموقع الإخباري إلى أن المغرب التزم بإرسال قوات إلى جانب تركيا والكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة وقطر.
بناء على ذلك، أعلنت السعودية أمس عن انطلاق كبرى المناورات والتدريبات العسكرية بمشاركة 350 ألف جندي من دول عربية وخليجية وإسلامية بقيادتها، حيث يشارك في المناورات التي أطلق عليها اسم “رعد الشمال” نحو 25 دولة في مقدمتها السعودية ودول الخليج ومصر والسودان والأردن وباكستان واليمن وتركيا، إضافة إلى دول أخرى ستشارك بصفة مراقب، بحسب موقع “سي إن إن”.
الدويري: التحرك البري هو للحد من النفوذ الإيراني والروسي
وبالعودة إلى تصريحات الخبير العسكري اللواء فايز الدويري، فقد رأى أن الهدف من وراء هذا التحرك العسكري تجاه سوريا وتنظيم الدولة إن تم، هو الحد من النفوذ الإيراني والروسي في المنطقة، المتوسع في ظل الهزائم التي تلحق بالتنظيمات العسكرية المقاتلة في سوريا، لذلك تنبهت السعودية وتركيا لهذا الخطر الجيوإستراتيجي، وتحركتا لمنع أي تثبيت أو ترسيخ للوجود الإيراني أو الروسي بالمنطقة”.
وأردف الدويري قائلاً: “في ظل وجود أكثر من 39 فصيلاً شيعيًا إلى جانب إيران وروسيا وحزب الله، في سوريا، كل ذلك كان مدعاة للتحرك المشار إليه، خوفًا من ضياع المكتسبات التي حققتها السعودية وتركيا لصالح المعارضة السورية ضد نظام بشار الأسد، الأمر الذي سيضر بالأمن التركي والسعودي والأردني أيضًا”.
وحول تخلي الأردن عن مبدأ الحل السياسي في سوريا بعيدًا عن أي حل عسكري، قال الدويري: “الأردن لم يتخل عن الحل السياسي في سوريا، بل على العكس هو يدعو إليه، ولكن بما أن الأردن بلد يشارك في تحالف دولي ضد تنظيم الدولة، فإنه حتما سيشارك في هذه الحملة العسكرية إذا تمت وانطلقت، فالأردن لن يستطيع التملص من الالتزامات الدولية في هذا الملف، خاصة إذا كان التحرك تحت المظلة الأمريكية”.
وأشار الدويري إلى وجود ضبابية وعدم وضوح في الموقف السعودي حول كيفية التدخل العسكري البري في سوريا، فالناطق الإعلامي باسم التحالف العربي العميد أحمد عسيري، قال إن التدخل سيكون عبر قوة برية قوامها 150 ألف مقاتل، في حين خرج وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مؤخرًا، وقال إن شكل التدخل سيكون عبر قوات خاصة فقط، فهذا التباين في التصريحات يشير إلى عدم وضوح في الرؤية حول الملف.
وعزا الدويري هذا التباين إلى صعوبة القرار والخطوة العسكرية في المنطقة، لأن مثل هذه خطوة ليست بالسهلة، وستجر المنطقة إلى حرب وصراع كبيرين، علاوة على عدم وجود أي إشارات أمريكية إيجابية تجاه التدخل العسكري البري في سوريا، وهذا ما يربك المشهد حتى الآن.
وحول السيناريوهات المتوقعة من قِبل تنظيم الدولة في حال تم التدخل البري في سوريا، نوه الدويري إلى “أعتقد أن التدخل البري سيعمل على هزيمة تنظيم الدولة وتشتيت عناصره في الدول المجاورة، لا القضاء عليه، لذلك أتوقع إقدام التنظيم على القيام بأعمال إرهابية عبر تفجيرات هنا وهناك للانتقام من هزيمته وإخراجه من سوريا”.
الأردن: أي تدخل سيعلن عنه في الوقت المناسب
بالإشارة إلى الموقف الرسمي الأردني من التدخل العسكري البري في سوريا، أكد رئيس رئيس الوزراء عبد الله النسور على أن أي قرار بالمشاركة في قوات برية للتدخل في سوريا لمحاربة تنظيم داعش سيعلن عنه إن تقرر ذلك مع مجموعة الدول المنخرطة في تمرينات عسكرية مع السعودية.
وحول وجود قرار رسمي بالمشاركة في التدخل البري في سوريا، إلى جانب السعودية وتركيا، بين النسور عدم اتخاذ قرار للآن في هذا الشأن، دون أن ينفي أو يؤكد قبول مشاركة الأردن في ذلك، لافتا إلى أنه إذا كان هناك خطط موجودة للدخول إلى سوريا فهذا لا يعلن عنه إلا إذا تقرر، ولم يقرر ولا يمكن إخفاؤه.
في السياق ذاته، قالت مصادر رسمية في تصريحات محلية تعليقًا على التدخل الأردني البري في سوريا ضمن القوات العربية بقيادة السعودية وتركيا: “إن الأمر لا يعدو عن كونه تمارين مشتركة على مدار العام، إضافة إلى أن علاقاتنا مع السعودية تاريخية ومتكاملة، ونواجه الأخطار نفسها”.
وأكدت المصادر نفسها على التأكيد على أن موقف الأردن المبدئي الثابت يكمن في ضرورة أن يكون الحل سياسيًا في سوريا، مشيرة إلى أنه من مصلحة الأردن استقرار سوريا، وشددت المصادر الحكومية على أننا عبر جيشنا العربي الباسل وبقدراتنا الذاتية نحمي حدودنا وليس أي طرف آخر من أي نوع.
الفايز: التدخل البري متوقع وبالتنسيق من “الناتو”
من ناحيته، رأى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية فارس الفايز أن التصريحات حول التدخل البري في سوريا، سيناريو متوقع، استنادًا إلى تصريحات مسؤولين أمريكيين سابقة في هذا الشأن، حيث أعلن السناتور لينزي غراهام في مؤتمر صحافي في سبتمبر الماضي، عن استعدادات تجري لدخول مئة ألف مقاتل إلى سورية لمحاربة تنظيم الدولة.
وقال الفايز “باعتقادي، إن التدخل لن يحدث ولن يتم اتخاذ قرار بشأنه إلا بعد مراجعة إستراتيجية، سيتم بحثها في اجتماع حلف الشمال الأطلسي (ناتو) لوزراء الدفاع في العاصمة البلجيكية ببروكسل الأسبوع قريبًا”.
وحول أسباب التدخل البري في سوريا، رأى الفايز أن “السعودية تريد تجنب الهزيمة السياسية في سوريا، خاصة بعد الدعم الروسي لبشار الأسد، إضافة إلى مواجهة المد والمحور الإيراني الذي بات يتمدد في المنطقة”.
واستبعد الفايز انطلاق الحملة البرية بقيادة تركيا والسعودية، خاصة أن الأخيرة متورطة في حرب ضد الحوثيين في اليمن، متسائلاً عن “قدرة السعودية على الدخول في حربين في آن واحد، وعن قدرتها على حسم وإنهاء الوجود الحوثي في اليمن نهاية الشهر الحالي كما أعلنت سابقًا، لتتفرغ للحرب في سوريا عبر التدخل البري للقضاء على تنظيم الدولة”.
إلى ذلك، وعلى الطرف الآخر، كشفت التصريحات المنسوبة إلى المسؤولين العسكريين الإيرانيين عن حجم الانزعاج من إمكانية التدخل البري في سوريا، حيث وصف نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني الأمر بأنه “مزحة سياسية”، في الوقت الذي حذر فيه قائد الحرس الثوري السعودية من هذه الخطوة، التي اعتبرها بمثابة “انتحار لنظام الرياض”، مهددًا بحرب إقليمية مباشرة، وليس فقط بالوكالة.
المصدر: أردن الإخبارية