انطلقت الحكومة التونسية في الاستعداد لمواجهة تداعيات أي تدخل عسكري دولي محتمل في ليبيا، حيث قرر رئيس الحكومة، الحبيب الصيد، أمس الجمعة، تشكيل لجان محلية في المناطق الحدودية مع ليبيا، تحسبًا لأي تطورات قد تعرفها المنطقة، مع تواتر أنباء عن تدخل عسكري وشيك في الجارة الشرقية للبلاد.
وقالت الحكومة في بيان لها أمس: “تحسبًا لتطور الأوضاع في ليبيا ولتداعياتها، أذن الحبيب الصيد رئيس الوزراء، لولاة (محافظي) جهات الجنوب الشرقي (المحافظات الحدودية مع ليبيا)، بتكوين لجان جهوية (محلية) تضم مختلف الأطراف المعنية، قصد اتخاذ الاحتياطات الضرورية، وإعداد خطة عمل على مستوى كل ولاية، للاستعداد للتعامل الناجع والميداني، مع ما قد يطرأ من مستجدات وأوضاع استثنائية”، وأكد الحبيب الصيد ضرورة اتخاذهم التدابير اللازمة لضمان التنسيق والتكامل بين المناطق المعنية، وستعمل اللجان بالتنسيق مع اللجنة الوطنية التي تم إحداثها إثر اجتماع خلية التنسيق الأمني والمتابعة، الثلاثاء الماضي.
وفي اجتماع خلية الأزمة، أقرت الحكومة دعم التعزيزات الأمنية والعسكرية على الحدود مع ليبيا، كما كشف الصيد عن خطة عمل تعدها الحكومة بالتعاون مع وزارة الصحة والشؤون الاجتماعية، للاستعداد لأي طارئ على الحدود.
بدوره أعلن وزير الصحة في تونس سعيد العايدي أمس أن بلاده استعدت على المستوى الطبي لأية ضربة عسكرية محتملة في ليبيا، وأكد العايدي أنه تم ببادرة من رئيس الحكومة وبالتنسيق مع وزارة الخارجية اتخاذ الإجراءات اللازمة وإعداد برنامج في أية من الحالات التي قد يتم فيها التدخل عسكريًا في ليبيا.
وسبق لوزارة الصحة أن أصدرت بيانًا قالت فيه إنها تدرس خططًا عاجلة تحسبًا لتوافد لاجئين من ليبيا في حال شن تحالف غربي ضربات عسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وقالت الوزارة إنها تدرس خطة طوارئ في المجال الصحي تحسبًا لتدفق اللاجئين والمهاجرين إلى التراب التونسي، هربًا مما قد يحدث في ليبيا من ضربات عسكرية تلوح بها الدول الغربية.
من جهته قال وزير التجارة التونسي محسن حسن في وقت سابق إن وزارته أعدت خططًا لضمان التموين تأهبًا لإمكانية توافد الليبيين بأعداد كبيرة في حال شهدت ليبيا عملية عسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وصرح وزير التجارة محسن حسن بأن الوزارة تقوم بتخزين كميات هامة من المواد الغذائية لضمان حسن تزويد الأسواق عند توافد الليبيين، كما أوضح أن الخطة تهدف إلى التحكم في الأسعار وضمان عدم ارتفاعها.
في سياق متصل قال رالف شالين، عضو مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، في مدينة “جرجيس” التونسية (جنوب شرق)، في تصريحات للصحفيين خلال مشاركته مساء أمس الجمعة، في اجتماع بمحافظة “مدنين” لإعداد خطة استباقية لمواجهة أزمة محتملة للاجئين من ليبيا، إن منظمته لن تلجأ إلى إقامة مخيمات على الحدود التونسية الليبية، حال تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين الليبيين إلى تونس، في ظل تواتر أنباء عن تدخل عسكري محتمل في الدولة الجارة.
وقال شالين: “حتى الآن لا نعرف هل سيكون هنالك لاجئين أم لا، ولا نعلم العدد الذي من الممكن أن يدخل إلى تونس، ولكننا لن نعيد تجربة إقامة مخيم للاجئين، وسيتم إيواء النازحين المحتملين داخل المناطق السكنية التونسية”.
وأقامت مفوضية اللاجئين في العام 2011، مخيم “الشوشة” الذي يقع على بعد 10 كيلومترًا من الحدود الليبية التونسية، لاستقبال آلاف النازحين من الدولة الجارة، بعد توتر الأوضاع الأمنية هناك، قبل أن يتم إغلاق المخيم رسميًا في 2012.
وطالبت منظمات إغاثة من بينها الهلال الأحمر في محافظتي مدنين وتطاوين جنوب شرق تونس، السلطات بتوفير دعم لوجيستي من سيارات إسعاف ونقل وأدوية ومواد شبه طبية قبل حدوث أي طارئ على الأراضي الليبية.
من جهة أخرى جدد رئيس البرلمان التونسي، محمد الناصر عقب لقاء جمعه ظهر أمس الجمعة بسفير أمريكا لدى تونس دانيال روبنسن، ووزيرة خارجيتها الأسبق مادلين أولبرايت، تأكيد بلاده على تمسكها بالحل السلمي في ليبيا ورفضها للتدخل العسكري في أراضيها، معربًا عن مخاوفهم من الأوضاع التي تشهدها جارتهم الشرقية.
وقال الناصر إنه أبلغ الضيفين، بمخاوف تونس من الوضع في ليبيا، مضيفًا أن اللقاء تطرق إلى مسألة التدخل الأجنبي في الأراضي الليبية، لكن من الواضح أنه لا توجد خطة حاليًا، وكل ما يُروج عن احتمال التدخل فيها، مازال مجرد أخبار واحتمالات، إذ لا شيء يؤكد وجود توجه نحو الحرب”، وتابع: “كل أمر من هذا النوع ( التدخل العسكري)، يهم تونس، ومن الطبيعي التفاهم معنا، وإعلامنا بكل شيء قد يحدث.
وأشارت مصادر أمنية أنه من المنتظر أن يتم فتح معبر راس الجدير ببن قردان (محافظة مدنين) لعبور التونسيين فقط، في حين أنه سيتم استقبال اللاجئين الليبيين وغيرهم عبر معبر الذهيبة وازن من محافظة تطاوين، وذلك تحسبًا لأي هجمات عسكرية ضد ليبيا.
وتخشى تونس من انعكاسات أمنية واقتصادية محتملة في حال نفذ تحالف دولي ضربة عسكرية بليبيا في وقت تشهد فيه البلاد نموًا اقتصاديًا متدنيًا واضطرابات اجتماعية مطالبة بالتنمية والتشغيل.