ترجمة وتحرير نون بوست
يتصاعد الاستنكار الأوروبي ضد مصر بعد اكتشاف تعذيب جوليو ريجيني حتى الموت، وهو طالب إيطالي بجامعة كامبريدج كان يجري بحثًا لرسالة الدكتوراه في القاهرة عن النقابات العمالية، حيث شوهدت الشرطة المصرية وهي تعتقله قبل وقت قصير من وفاته البشعة.
أنكر العديد من كبار المسؤولين المصريين الاشتراك في تلك الجريمة وقالوا أن التحقيقات المصرية مازالت مستمرة، لكن وفاة ريجيني تتطابق مع الأسلوب المصري في إخفاء وتعذيب وقتل المئات كجزء من السياسة القمعية للرئيس عبدالفتاح السيسي، وحتى الآن، بالرغم من تجنب المثقفين الأجانب الحديث عن هذا الموضوع، إلا أن إيطاليا، وخاصة الإعلام الإيطالي، تتفاعل مع هذا الغضب.
في الأسبوع الماضي قامت سارا سيوال، وكيلة وزير الخارجية الأمريكية والمشرفة على انتهاكات حقوق الإنسان، بزيارة مصر وإلقاء خطاب رسمي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وقد نُشر هذا الخطاب على موقع وزارة الخارجية، ولكن يبدو أن وسائل الإعلام قد تجاهلته، حيث استهلت خطابها بالقول:
“قبل أن أبدأ، أريد أن أشارككم تلك اللحظة الحزينة وأن أعترف بمقتل جوليو ريجيني مؤخرًا، طالب الدكتوراه الإيطالي وأحد أعضاء هذا المجتمع، وتأسف الولايات المتحدة لفقدان هذا الشاب المتألق، عزاؤنا وصلواتنا مع عائلة ريجيني، والشعب الإيطالي، ومجتمع الجامعة الأمريكية بالقاهرة في هذا الوقت العصيب، لقد وُجدت الجامعة للسماح للعقول المُتسائلة بالاكتشاف والتواصل والسؤال، وكان هذا ما يسعى إليه جوليو، وأنا واثقة من أنكم ستواصلون التساؤل من أجل روحه … عندما يتعرض الناس للتعذيب ويتم إطلاق النار على المتظاهرين السلميين واعتقالهم، فبهذه الطريقة يتحول المعارضون إلى إرهابيين”.
كانت سيوال حذرة في عباراتها، حيث اقتصر تصريحها حول الواقعة على أنها “جريمة قتل حدثت مؤخرًا” ومع ذلك فقد تحدثت الولايات المتحدة علنًا، وعندما حدثت الجريمة، اجتمع الرئيس الإيطالي ماتاريلا في واشنطون مع الرئيس أوباما، وقد نشرت خدمات الأنباء الإيطالية أخبار الاجتماع تحت عنوان “ريجيني، ماتاريلا، أوباما: الولايات المتحدة مستعدة للتعاون من أجل الحقيقة”، وإليكم الترجمة التقريبية من الأصل الإيطالي:
“واشنطون، 8 فبراير (أسكانيوز) – الرئيس الأمريكي باراك أوباما والإيطالي سيرجيو ماتاريلا يتحدثان في اجتماعهما اليوم بالبيت الأبيض حول قضية جوليو ريجيني، وإنطلاقًا مما تقوله المصادر الإيطالية فقد ناقش الزعيمان مقتل الباحث الإيطالي في مصر، وفي نهاية الإجتماع بعد أن غادرت الصحافة المكتب البيضاوي، أعلنت إدارة أوباما استعدادها للتعاون بحثًا عن الحقيقة”.
كما نشرت النيويورك تايمز افتتاحية كاملة عن الموضوع منذ عدة أيام، وانتهت بما يلي: “في الحقيقة، لقد حان الوقت لجميع حلفاء مصر، بما فيهم الولايات المتحدة، بأن يوضحوا للسيسي أن الانتهاكات التي يدعم نموها وانتشارها لا يمكن السكوت عليها، وقد أرسلت إيطاليا فريقًا من المحققين للمشاركة في التحقيقات حول مقتل السيد ريجيني، ويجب على الحكومة المصرية أن تضمن شفافية قوات الأمن وتعاونهم التام مع المحققين”.
لن نتوقف هنا للحديث حول التفاصيل المثيرة لمهنة ريجيني الأكاديمية، تعذيبه المرعب حتى الموت، ردود الفعل الدولية في إيطاليا وإنجلترا ( فقد كان طالب دراسات عليا في كامبريدج وأقام هناك لمدة عشر سنوات)، أو الكشوفات المتدفقة حول ممارسات السلطات المصرية.
بدلا من ذلك، يجب أن يُرى مقتل ريجيني في إطار رقابة منظمات حقوق الإنسان الأمريكية على مصر.
انتهت مصر مؤخرا من الانتخابات البرلمانية. بالنسبة للمعارضة – ليس فقط الجماعات الإسلامية – بل أيضًا الشباب الإصلاحيين الذين أسقطوا حسني مبارك منذ خمس سنوات – فقد تم اعتقالهم وإبعادهم عن المشاركة، وكما قال السيناتور ليهي (عضو مجلس الشيوخ الأمريكي) لفوربس: “في الحقيقة، لقد حان الوقت لجميع حلفاء مصر، بما فيهم الولايات المتحدة، بأن توضح للسيسي أن الانتهاكات التي يدعم نموها وانتشارها لا يمكن السكوت عليها”.
ولكن لماذا لم تكن الولايات المتحدة أكثر حدة في موقفها؟ بجانب الحذر طويل المدى من مواجهة السيسي، فنحن الآن بحاجة لمشاركة مصر في حربنا ضد داعش في ليبيا، وفي الحقيقة، قد تخفف الإدارة الأمريكية من رقابة حقوق الإنسان على مصر بدلًا من تشديدها.
في السنوات السابقة، كانت يتم منح 15% من المساعدات الأمريكية لمصر تحت غطاء الالتزام بحقوق الإنسان، وكان من الممكن التنازل عنها لكن ذلك سيتطلب تقريرًا رسميًا من الإدارة الأمريكية للاعتراض على سلوك النظام المصري.
يقول نيل هايكس في الهافنغتون بوست: “علاوة على ذلك، ففي اليوم الذي تحدثت فيه وكيلة الوزارة، سيوال، في القاهرة، أظهرت الأنباء أن إداراة أوباما قامت بإلغاء بند الالتزام بحقوق الإنسان من طلب الميزانية المُقدَم للكونجرس من أجل المساعدات الخارجية لمصر”.
نأمل ألا تكون هذه الكلمة الأخيرة لإدارة أوباما تجاه القاهرة!
المصدر: فوربس