شركة “النقل”، المتخصصة في استيراد وبيع السيارات الألمانية من طراز فولكس فاغن والسيارات الفاخرة مثل بورش وغيرها، تأسست كشركة عمومية مملوكة للدولة في سنة 1965، ورغم تحقيقها لأرباح كبيرة في سنة 2006 فإن الحكومة التونسية، آن ذاك، عرضت الشركة للبيع للقطاع الخاص، ليستحوذ عليها صخر الماطري، صهر الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي.
الماطري، وبفضل نفوذه، حصل على شركة “النقل” بما يعادل 13 مليون دولار، وهو المبلغ الذي قال عنه منتصر الباهي، النقابي البارز في الشركة منذ سنوات، للجزيرة نت أنه “مبلغ لا يعادل قيمة قطعة الأرض التي تقام عليها الشركة”، مؤكدا أنّ “عملية التفويت (البيع) لم تحترم معايير الشفافية أو المنافسة النزيهة”.
ومنذ قيام الثورة، وبعد فرار عدد من رجال الأعمال المتورطين في صفقات فساد من أمثال صخر الماطري، وسجن أو بدأ ملاحقة آخرين، قامت الدولة التونسية بمصادرة عدد كبير من الشركات المملوكة لهم ومن بينها شركة النقل وشركة تونيزيانا للاتصالات والبنك التونسي وشركة النقل وسيتي كار (كيا) وستافيم بيجو وغيرها، وقام طيلة الفترة الماضية بإدارة هذه الشركات قضاة متصرفون عينت بعضهم الحكومة الانتقالية برئاسة الباجي القائد السبسي وبعضهم الآخر الحكومة المنتخبة برئاسة كل من حمادي الجبالي وعلي العريض.
وخلال هذه الفترة تراجع أداء معظم الشركات المصادرة إما لسبب سوء أداء القضاة المتصرفين أو لوجود ولاءات لإداريين داخل هذه المؤسسات لأصحابها المتهمين بالفساد، وأحيانا أخرى بسبب تواطؤ بعض القضاة المتصرفين مع رجال النظام السابق، وهو الأمر الذي قال عنه مستشار رئيس الحكومة المكلف بالمالية، سليم بسباس: “إن هيئة الرقابة المالية الحكومية تدقق بالأمر، وإن كان هناك خلل سيكون القضاء هو الفيصل”.
وتتوجه الحكومة في المرحلة الحالية إلى بيع وخصخصة الشركات المصادرة، لغايتين، الأولى هي إعادة الشركات إلى وضعها القانوني الطبيعي ورفع صفة المصادرة عنها، والثانية هي الاستفادة من عائدات بيع هذه الشركات لمواجهة ما وصفه سليم بسباس ب”تراجع مداخيل الدولة في هذا الظرف الصعب مقابل ارتفاع الطلبات والنفقات والأسعار العالمية التي كانت لها أثر سيئ على الموازنة”.
وزير المالية إلياس فخفاخ أكد أنّ الدولة جنت مبلغا صافيا ب420 مليون دولار بفضل بيع خمس شركات كبرى هذا العام، مشيرا إلى أن بإمكان الدولة أن تحقق عائدات مالية أكبر من بيع الشركات المصادرة لولا الديون الموجودة بذمتها والتي بلغت ستمائة مليون دولار أي ما يقارب ربع عائدات الدولة من الضرائب، وهي ديون متعلقة بذمة الشركات المصادرة إما بسبب عدم دفعها للضرائب أو لحصولها على قروض من الدولة بصفة غير قانونية.
وعن عمليات البيع، أثنى النقابي منتصر الباهي على عمليات البيع، وقال أن الحكومة الحالية برئاسة علي العريض قامت بإشراك نقابة العمال بمراحل عملية بيع شركة النقل، التي حصلت منها خزينة الدولة على 139 مليون دولار، وهو ما أكده الوزير سليم بسباس قائلا: “هناك نجاح في عمليات البيع بشهادة جميع المحللين، واحترمنا كل قواعد الشفافية من اختيار بنوك الأعمال إلى فرز العروض”.