من قال إن الأنظمة لا تُسقط نفسها؟

sysy_1

طبيب الفلاسفة في زينته

نبدأ من الحدث الأبرز الآن على الساحة السياسية وغير السياسية المصرية، فعوالم السياسية الآن في مصر لم تعُد حكرًا على أبنائها المشتغلين بها، فشكرًا لثورة يناير المجيدة على هذه الإتاحة، وما أعنيه هنا، هو خطاب السيد طبيب الفلاسفة الأعظم، عبدالفتاح السيسي في مجلس نوابه، ولكي أكون صريحًا معكم بعض الشيء، فاهتمامنا بخطاب الرئيس المعظّم، يجب أن يكون أقلّ بكثير من اهتمامنا، من النثريات التي يُنعم علينا بها هو ونظامه من آن لآخر، موكبه المهيب أقرب مثال.

فالرجل أغلق القاهرة تمامًا من أجل وصوله إلى مجلس النواب، رغم أنه سيصل بالطائرة أصلًا إلى أقرب نقطة التي سينطلق بها بضعة كيلومترات إلى مقر المجلس.

تابعت ككثيرين ردود أفعال المؤيدين لهذا السفاح قبل معارضيه، عن مدى التحصينات الأمنية التي صنعتها حاشيته، ليخرج علينا في أبهى زينته.

وبذكر مجلس النواب، فلا ضير أن ننصح رئيس هذا المجلس أن يخصص من وقته هو ووكيليه، القليل للمداومة عند أحد مدرسي اللغة العربية، على الأقل ليصحح لهم قراءة نص، يتقن قراءته أصدقاء أخي الأصغر في الصف السادس الابتدائي.

مجدي تقتاق والثورة المستمرة

يقولون إن الأنظمة تواجه بالسخرية، لكن أن تكون هذه السخرية هي إحدى مفرزات ماكينات التأييد السيساوي، فهو أمر شديد الأهمية، يتحفنا المصمم العزيز مجدي تقتاق مع كُل حدث سياسي بتصميماته العبقرية لتأييد فخامة الزعيم، لتتحول ذات التصاميم إلى مادة هامة، لصناع السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، عمومًا ودون الدخول في تفاصيل كثيرة، أنصحكم بمتابعته.

يعجبني كثيرًا من أصبحوا غير عابئين بهذا الرجل ولا قراراته، قدر اهتمامهم بلسانه، فكما قال الأستاذ وائل قنديل، إن أفضل عقاب للسيسي هو أن تعطيه ميكرفون وتطلب منه أن يتكلم، فمن يسخر منه كما سخريته من نفسه؟

سياسة “الحيطان ليها ودان” التي يتقن التعامل في مساحتها كُل المصريين أصبح واضحًا أن أنصار السيسي قبل معارضيه يتعاملون بها، فهم يعلمون مدى قمع الدولة وتجبرها، ومدى “غشومية” مخبري وأمناء الشرطة، الذين يعلمون أيضًا أنهم مرتشون وفسدة وبلطجية، لكن “الحيطان ليها ودان يا صاحبي”.

ضد الجميع

حدثني عن أي فئة لا يعاديها النظام، بالتأكيد غير أدوات قمعه، الجيش والشرطة والقضاء، الذين تُفتح لهم خزائن البلد بما وسعت، بينما تُغلق في وجه حمَلة بطاقات التموين، الذين يخبرهم الوزير بأن المخازن مليئة بالسلع المدعمة، فيرد التجار، أن المتوفر فقط هي المياه المعدنية والملح، وأسعارهم أغلى من المحال الأهلية أصلًا!

حدثني عن جمعيات الخير التي أغلقها النظام، وهي الجمعيات التي كانت تجبر فشل الدولة على مدار عقود من علاج للمرضى، وتزويج لغير القادرين، وإعالة اليتامى والأرامل، وجمع أطفال الشوارع من تحت كباري القاهرة وإعادة تأهيلهم مجتمعيًا، بالمناسبة، الصورة التي انتشرت لزوج يهدي زوجته مجموعة ورود بمناسبة عيد الحُب، هي صورة لزوجين أسسا جمعية أهلية، لجمع أطفال الشوارع وإعادة تأهيلهم، ويقبعون الآن في السجون بتهم واهية.

أخبرني ماذا يفعل السيسي بموظفي الحكومة في كُل القطاعات الإدارية، أكذبني القول، وأخبرني أن ازدياد الأسعار سيتوقف قريبًا.

أين الأقاليم من التنمية، أين سيناء والصعيد ووجه بحري من الخطط الخمسية، التي أصبحت محط سخرية المواطنين، ثُم أي أقاليم تلك التي ترجو التنمية، بينما لا تتحمل الإسكندرية موجة أمطار شتوية، ثم هل رأيت أسعار شرائح الكهرباء الجديدة التي لا تأتي أصلًا؟

هذه السلطة، تقف ضد الجميع؛ ضد السياسين، ضد الصحفيين، ضد المحامين ضد الأطباء، ضد الغلابة وحتى الباعة الجائلين، وضد الخريجين وحملة الماجيستير والدكتوراة، هذه السلطة تقف ضد كُل فئات المجتمع، هذه السلطة، لا تحمل عوامل بقائها، هذا الانقلاب العسكري سيُسقط نفسه بنفسه، بفشله وفساده وقمعه وعمالته وتبعيته وجهله، سيُسقط نفسه، فمن قال إن الأنظمة لا تُسقط نفسها؟!