ترجمة حفصة جودة
كجزء من حملة مثيرة للجدل أعلنت عنها الحكومة البريطانية، سيتم حظر مجالس محلية وهيئات عامة وحتى بعض اتحادات الطلاب الجامعية لمقاطعتهم الشركات “غير الأخلاقية”.
بموجب هذه الخطة، جميع المؤسسات الممولة من القطاع العام سوف تفقد حريتها في رفض شراء البضائع والخدمات من الشركات العاملة في مجال تجارة الأسلحة، الوقود الأحفوري، منتجات التبغ، أو المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
“أي هيئة عامة تستمر في المقاطعة ستواجه عقوبات قاسية” يقول الوزراء، وقالت مصادر رفيعة بالحكومة إنهم يتخذون تلك الإجراءات الصرامة ضد المقاطعة التى تقوم بها “البلدية” لأنهم يقوضون العلاقات المجتمعية الجيدة، ويسممون ويستقطبون النقاش، ويدعمون معاداة السامية، بينما يرى النقاد بأن هذه الخطوة هي “هجوم شامل على الحريات الديموقراطية”.
وأوضح متحدث باسم زعيم حزب العمال، جيرمي كوربن، بأن “قرار الحكومة بحرمان المجالس والهيئات العامة الأخرى من التجارة والاستثمارات التي يعتبرونها غير أخلاقية هو هجوم على الديموقراطية على الصعيد المحلي”، وتابع موضحًا: “الناس لديها الحق في انتخاب ممثلين محليين قادرين على اتخاذ قرارات حرة بعيدًا عن سيطرة سياسات الحكومة المركزية، ويتضمن ذلك سحب الاستثمارات أو المشتريات على أساس الحقوق الأخلاقية والإنسانية”.
“هذا الحظر الحكومي قد يحرّم أنشطة المجلس ضد التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، ويتحدث الوزراء عن التفويض لكنهم في الواقع يقومون بفرض سياسات حزب المحافظين على المجالس المحلية المنتخبة في جميع المجالات”.
تأكيدًا على الهدف الرئيسي للحظر، سيقوم مجلس الوزراء بالإعلان الرسمي عن الحظر من مكتب الوزير، مات هانكوك، عند زيارته لإسرائيل هذا الأسبوع.
كانت هذه المقاطعة غير الرسمية في الماضي، تستهدف الشركات الإسرائيلية بجانب الشركات الأخرى التى تقوم بالاستثمار في الضفة الغربية المحتلة، وفي عام 2014، أصدر مجلس مدينة ليستر سياسة لمقاطعة البضائع المُنتَجَة في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية، بينما قامت الحكومة الإسكتلندية بنشر إخطار شراء للمجالس الإسكتلندية تشجع ضمنها بقوة على منع التجارة والاستثمار مع المستوطنات غير الشرعية.
بموجب هذه القواعد الجديدة، جميع الجهات المتعاقدة مع الحكومة البريطانية، بما فيها المجالس المحلية والمنظمات غير الحكومية والجامعات التي تحصل على غالبية تمويلها من الحكومة، سوف تفقد حريتها في اتخاذ قرارات أخلاقية حول الأماكن التي سيقومون بشراء البضائع والخدمات منها، والاستثناء الوحيد لهذه القوانين هي تطبيق العقوبات على كامل بريطانيا بقرار من حكومة ويستمنستر، كما قالت مصادر حكومية إن الحظر قد يشمل مقاطعة الاتحادات الطلابية، ولكن المصادر أوضحت بأن هذا القرار ما زال غير واضح بعد.
من جهتها، قالت متحدثة باسم الاتحادات الوطنية للطلاب إنهم “قلقون من أي ضغط خارجي قد يمنع اتحادات الطلاب من اتخاذ قرارات في أي قضية من شأنها أن تؤثر على ما يمثله الطلاب”، بينما يرى هانكوك أن الوضع الحالي الذي تستقل فيه السلطات المحلية باتخاذ القرارات الشرائية الأخلاقية هو “تقويض” للأمن القومي البريطاني.
“نحن بحاجة لتحدي ومنع هذه المقاطعة المسببة للشقاق” يقول هانكوك، ويتابع: “هذه الإرشادات الجديدة للشراء بجانب التغيرات التي سنقوم بها لكيفية استثمار أموال المعاشات الضخمة سوف تساعد في منع النتائج العكسية والتلف الذي تسببه السياسات الخارجية المحلية من تقويض لأمننا القومي”.
لكن مدير برنامج العلاقات الاقتصادية لمنظمة العفو الدولية بالأمم المتحدة، بيتر فرانكينتال، أدان هذه الخطوة، محذرًا من أنها قد تشجع على انتهاكات حقوق الإنسان، واتهم بيتر حزب المحافظين بأنهم غضوا الطرف عن الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في الماضي.
“يجب على جميع الهيئات العامة أن تقوم بتقييم الآثار الاجتماعية والبيئية لأي شركة تقوم بالدخول معها في علاقات تجارية”، يقول بيتر، ويتابع: “ما الذي سيدفع الشركات لتأكيد عدم وجود انتهاكات لحقوق الإنسان مثل (العبودية) في سلاسل التوريد الخاصة بهم، إذا لم تستطع الهيئات العامة محاسبتهم من خلال رفضها لتوقيع عقود معهم؟”.
“لن يكون انعكاس الأمر سيئًا على الهيئات العامة فقط بتعاقدها مع الشركات الفاسدة، لكنه سيكون سيئًا أيضًا بالنسبة للشركات المسؤولة والتي ستتعرض لخطر التقويض من قِبَل هذه الشركات ذات الممارسات السيئة”.
أدان هيو لانينج، رئيس حملة التضامن مع فلسطين، هذه الخطوة باعتبارها “هجومًا شاملًا على الحريات الديمقراطية واستقلال المؤسسات العامة عن التدخل الحكومي، كما لو أنه ليس كافيًا فشل حكومة المملكة المتحدة في القيام بشيء ما عندما قامت الحكومة الإسرائيلية بقصف وقتل آلاف المدنيين الفلسطينيين وسرقة منازلهم وأراضيهم، بل تحاول الآن فرض تقاعسها على جميع المؤسسات العامة” يقول هيو.
ويتابع: “يكشف هذا الأمر بوضوح أين تقف الحكومة من القانون الدولي وحقوق الإنسان، وعلى الرغم من اعتراف الحكومة بأن الاحتلال الإسرائيلي وإنكار الحقوق الفلسطينية أمر خاطئ وغير قانوني، فعندما يتعلق الأمر بذلك فسوف تقوم بحماية إسرائيل من عواقب أفعالها، لذا يبدو أن حكومة المملكة المتحدة، ومهما ارتكبت إسرائيل من جرائم ضد القانون الدولي، تعتبر كونها حليفًا عسكريًا، يتفوق على حقوق مواطنيها ومؤسسات الدولة لدعم حقوق الإنسان”.
على خلفية المقاطعة: عقوبات غير رسمية
في أبريل الماضي كانت شركة فيوليا متعددة الجنسيات والمملوكة لفرنسا في مجال إدارة المياه والطاقة والنفايات – والتي تقوم بجمع القمامة لعدد كبير من السلطات المحلية البريطانية – قد أعلنت أنها أنهت أعمالها بإسرائيل.
يأتي هذا القرار بعد حملة مكثفة لإقناعها بوقف أنشطتها في مستوطنات الضفة الغربية، حيث كان مجلس برمنجهام – الذي يسيطر عليه حزب العمال – هو الثالث على الأقل في تهديد فيوليا بأنه لن يجدد عقد التخلص من النفايات، الذي تبلغ قيمته 35 مليون جنيه إسترليني سنويًا، بعد انتهائه في عام 2019، إذا استمرت الشركة في أنشطتها بالضفة الغربية المحتلة.
في نوفمبر 2014، أصدر مجلس مدينة ليستر سياسة لمقاطعة البضائع الإسرائيلية المُنتجة في مستوطنات الضفة الغربية، وقد قامت جماعات يهودية مؤخرًا برفع دعوى قضائية على قرار المجلس بدعوى أنه “يسعى للتخلص من يهود ليستر وطردهم من المدينة”.
وفي أغسطس 2014، نشرت الحكومة الإسكتلندية إخطار شراء للمجالس الإسكتلندية “يشجع بقوة على منع التجارة والاستثمار مع المستوطنات غير الشرعية” بالرغم من اعترافها بأن تلك القرارات يجب اتخاذها كل على حده.
كما صممت أربع مجالس إسكتلندية على مقاطعة البضائع الإسرائيلية وهي: كلاكمانانشير، ميدلوثيان، ستيرلنج و ويست دونبارتونشير.
وفي ديسمبر الماضي قام مجلسي ويلش بالتراجع عن قرارهما بمقاطعة البضائع الإسرائيلية عقب الإجراءات القضائية التي تابعتها هيومن رايتس ووتش اليهودية.
بينما قال مجلس مقاطعة جويند ومجلس مدينة سوانسي إن هذه المذكرة غير ملزمة وأنها الآن باطلة بطريقة أو بأخرى.
المصدر: الإندبندنت