انطلقت أول أمس الإثنين حملة تجنيد استثنائية في صفوف الجيش التونسي في إطار شروع وزارة الدفاع الوطني في تنفيذ مشروعها لإدماج الشباب العاطل عن العمل من أصحاب الشهادات الجامعية أو دون ذلك بعد القيام بواجب الخدمة العسكرية.
وأعلنت وزارة الدفاع التونسية في بلاغ لها الأربعاء الماضي أنها ستتولى القيام بعملية تجنيد شبان لأداء الخدمة الوطنية بغية انتدابهم بصفوف الجيش الوطني.
وبينت أن هذه العملية تهم الشبان الذين لم يؤدوا الواجب الوطني طبقًا للإطار القانوني المنظم للخدمة الوطنية، وأوضحت أن هؤلاء الشبان سيتمتعون بعدة امتيازات من ذلك الحصول على منحة شهرية خلال سنة الخدمة العسكرية وهي 100 دولار للمجند المحاصل على شهادة عليا و50 دينارًا للمجند غير حامل لشهادة شهريًا، بالإضافة إلى مجانية الأكل والملبس والعلاج والإدماج مباشرة بصفوف الجيش الوطني بعد انقضاء السنة الفعلية للخدمة العسكرية والحصول على رتبة مطابقة للشهادة الحاصل عليها.
وسبق لرئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد أن أعلن في كلمة له أمام مجلس نواب الشعب (البرلمان) آخر الشهر الماضي عن رفع حصة التجنيد هذه السنة إلى 30 ألفًا.
وأشار الصيد إلى أن المؤسسة العسكرية تجند سنويًا 5 آلاف جنديًا فقط في حين أنها قادرة على تجنيد 30 ألفًا، مع إمكانية الانتداب المباشر للجنود الذين أمضوا سنة التدريب بصفة عادية.
وقال المدير العام للتجنيد والتعبئة بوزارة الدفاع التونسية لطفي بن وحيدة أمس الثلاثاء إن حملة التجنيد الاستثنائية التي انطلقت الإثنين 15 فبراير 2016 تشهد إقبالاً كبيرًا من قبل آلاف الشباب، مشيرًا إلى أنه سيتم إعداد القائمات على المستوى المركزي حيث سيتم في مرحلة أولى قبول 12 ألف شابًا كدفعة وستقع على 4 مراحل مع الأخذ بعين الاعتبار طاقة استيعاب الجيوش الثلاثة.
وأكد بن وحيدة، وجود نية لدى وزارة الدفاع لإطلاق حملة لتجنيد الشابات الراغبات في أداء الخدمة الوطنية في القريب العاجل”، وتتواصل عملية التجنيد الاستثنائية هذه إلى حدود يوم 29 من الشهر الحالي.
وينص الفصل 9 من الدستور التونسي على “الحفاظ على وحدة الوطن والدفاع عن حرمته واجب مقدس على كل المواطنين، الخدمة الوطنية واجب حسب الصيغ والشروط التي يضبطها القانون”، وينص الفصل 2 من القانون عدد 1 لسنة 2004 المؤرخ في 14 يناير 2004 المتعلق بالخدمة الوطنية على أنه “يجب على كل مواطن بلغ من العمر عشرين عامًا أن يتقدم تلقائيًا لأداء الخدمة الوطنية ويبقى ملزمًا بأدائها إلى حين بلوغه سن الخامسة والثلاثين، ويمكن للمواطن البالغ من العمر ثمانية عشر عامًا أن يؤدي الخدمة الوطنية بطلب منه وبترخيص من الولي وذلك بعد موافقة الوزير المكلّف بالدفاع الوطني”.
وعادة ما يقوم رؤساء فرق “التجنيد والتعبئة” في تونس بتبليغ استدعاءات شخصية لكل تونسيّ يشمله الإحصاء ويبلغ من العمر 20 سنة كاملة، حتى يتقدّم طوعًا لتسوية وضعيته إزاء الخدمة العسكرية، ويحصل الطلاب وأصحاب الإعاقات الجسدية على إعفاء نهائي أو على تأجيل مؤقت، لكن عدم تقدم من تتوافر فيه شروط الخدمة العسكرية طوعًا لأداء واجبه يجعله عرضة لتتبعات عدلية تصل إلى حد المحاكمة العسكرية.
وتعقيبًا على الإقبال العام في السنوات الماضية على أداء الخدمة العسكرية قال رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر إن الإقبال على الخدمة الوطنية (الخدمة العسكرية) يعتبر ضعيفًا في تونس، في أول انتقاد رسمي عالي المستوى لظاهرة تهرب الشباب التونسي من القيام بواجبه العسكري.
وأضاف الناصر خلال جلسة عقدتها لجنة القوات المسلحة بمجلس نواب الشعب أمس الإثنين، أن مسألة عزوف الشباب عن أداء واجبهم الوطني تهم الجميع ويجب التطرق إليها خلال جلسات برلمانية مقبلة للوقوف على الأسباب، مشيرًا إلى أن المسألة تحتاج إلى بحث عميق في الدوافع والأسباب التي تجعل الشاب التونسي غير متحمس لأداء الخدمة العسكرية.
من جهته ثمن الشاب التونسي أشرف بن حسين (25 سنة) هذا الإجراء وعبر عن سعادته به قائلاً: “فرصة للمعطلين عن العمل كي يثبتوا لتونس شعبها بأنهم مستعدون دومًا ومتأهبون للعمل وللبذل رغم كل الظروف ورغم كل التشكيكات”، وتابع “في الأخير يظل جيش تونس فخر وقدوة، والخدمة العسكرية واجب وتجربة لصقل الشخصية وتنميتها”.
وفي مقابل ذلك شكك الشاب (27سنة) صالح بن أحمد بجدوى في هذا القرار وقال “سؤال بسيط، إذا كانت الدولة لا تستطيع تشغيل الشباب أو حتى إعطائهم منحة صغيرة، فكيف باستطاعة وزارة الدفاع تشغيل هؤلاء المعطلين؟ من أين لهم المال لذلك؟”، وأضاف “يريدون إسكات الشعب الفقير من خلال القيام بإجراءات كاذبة تزيد من تعميق الأزمة بدلاً من حلها، إنهم لا يريدون الخير لشباب تونس”.
وجاء الجيش التونسي في المرتبة السابعة عربيًا من حيث القوة حسب دراسة نشرتها مؤسسة “غلوبال فاير باور” الأمريكية السنة الماضية، ونشر المعهد جزءًا من القدرات والإمكانيات العسكرية التي يتمتع بها الجيش التونسي، مشيرًا إلى أن عدد الجنود التونسيين المباشرين يبلغ 40 ألف جندي بالإضافة إلى الآلاف من جنود الاحتياط، وبلغت ميزانية وزارة الدفاع التونسية، حسب الدراسة، 550 مليون دولار لعام 2015، وبالنسبة للتجهيزات العسكرية، أبرزت الدراسة أن الجيش الوطني التونسي يمتلك 180 دبابة و679 مركبة ومدرعة، و19 مدفعًا ذاتي الحركة، و162 نظامًا متعددًا لرمي القذائف، وأشارت الدراسة إلى أن التجهيزات الموضوعة حيز الخدمة هي 138 طائرة مقاتلة، 12 طائرة هجومية، 86 طائرة نقل وشحن، 40 طائرة تدريب، 75 هيلوكبتر، و50 سفينة عسكرية.
الجدير بالذكر أن الجيش التونسي الحديث تأسس في 30 يونيو 1956، وقد قامت تونس مؤخرًا السنة الماضية بتصنيع أول فرقاطة لها وفي العالم العربي والثانية بأفريقيا بعد جنوب أفريقيا وهي “استقلال بي 201” وذلك تصنيعًا محليًا كاملًا.