هذا ما جرى بالضبط مع حادثة الهجوم على الموظف البريطاني العامل في شركة شلمبرجير النفطية المتواجدة في البصرة جنوب العراق ، الفيديو الذي انتشر يوّضح الطريقة المخيفة في الهجوم على سيارات الشركة ، ومن ثم إجبار الموظف على النزول منها ، والبدء بضربه ، بأدوات مختلفة ، وبعدائية كبيرة .
الذي تمّ تناقله حول سبب الهجوم ، أن هذا الموظف ، قام بإزالة راية كُتب عليها ( يا حسين ) كان قد وضعها أحد السوّاق العاملين مع الشركة على مقدمة السيّارة ، ما سبّب غضباً كبيراً لدى السائق الذي جمع بعض رفاقه وانتظروا سيارات الشركة ليقوموا بالهجوم عليها ، خصوصاً أن ما حدث كان في شهر محرم ! الشهر الذي يرتدي فيه الشيعة الأسود حزناً على استشهاد سيّدنا الحسين .
لكن ، هل هذه الحقيقة فعلاً ؟ وهل الراية التي أنزلت هي التي أثارت غضب المهاجمين ؟ من يقف وراء الهجوم ؟ والطريقة البشعة في ضرب البريطاني ؟
يروي أحد المهندسين العاملين في الشركة البريطانية ، وهو عراقيّ من البصرة ، ما حدث بالضبط ، فالموظف البريطاني حين رأى الراية المذكورة ، انزعج من وجودها ، لكونها تجعل السيّارة متميّزة عن بقيّة سيارات الشركة ، وهذا ما قد يعّرضهم لاستهداف أو هجوم ما ، وأن كل ما قام به البريطاني أنه أخذ الراية ، رتّبها ووضعها في جيبه بهدوء ، وبلا إهانة لا لقطعة القماش ، ولا للعاملين في الشركة ، وانتهى الحادث ببساطة دون أن يحدث شيء !
ثمّ بعد أربعة أيّام ، قامت مجموعة من ( عصائب أهل الحق ) الموالية لإيران ، بـ فبركة قصّة مختلفة عن الحادثة ، ثم جمع مسلّحيها ، وانتظار قافلة الشركة ، والهجوم عليها بالطريقة المذكورة ، وبعد ضرب الموظف ، قامت العصائب بمحاصرة جميع شركات النفط الأجنية في البصرة ، والهجوم عليها ، وسرقة محتوياتها ، أو تهديدها إن لم تغادر العراق !
لماذا تمّ إخفاء الحقيقة ؟ ما الهدف من كلّ ما جرى ؟ ولماذا هذا التوقيت بالذات ؟ أليست الشركات الأجنبية العاملة في العراق كثيرة ، ومتواجدة منذ الاحتلال ؟ لماذا الآن إذن ؟ من يقف وراء ذلك ؟
بنظرة بسيطة لما جرى قبل الحادث ، يمكننا معرفة الدافع للعمل ، ففي يوم السبت 2/11/2013 ، إي قبل الحادثة بأسبوع تقريباً ، انتقد وزير النفط الإيراني زيادة تصدير النفط الخام العراقي ، المعوّض عن النقص في الانتاج الإيراني ، بسبب العقوبات المفروضة عليها ، وفي تصريحٍ له ، نقلته شبكة ( إي بي سي ) الأمريكية ، أن سياسات النفط العراقية تلحق الضرر بمصالح إيران ، حيث انخفضت صادرات النفط الإيرانية من 2.5 مليون برميل يومياً ، إلى 1.2 مليون برميل في اليوم ، وأن سياسة العراق غير وديّة إطلاقاً !
قبل ذلك ، كانت إيران قد احتجزت ناقلة نفط هنديّة ، محملّة بنفط عراقي ، وسحبها حتى ميناء بندر عباس ، ويجيء هذا الفعل بعد تقليص الهند استيراد النفط الإيراني التزاماً بالعقوبات المفروضة عليها ، ثمّ تم حل الخلاف ، وصرّحت إيران أن ما فعلته لم يكن له دوافع سياسية ، وأن تصرّفها جاء لأن الناقلة كانت تلوّث مياه الخليج .
يبدو أن تصدير العراق للنفط بكميّات كبيرة أزعج إيران وهي المحكومة بعقوبات ، وأضعف تصديرها ، وهذا ما لا تسكت عليه مع دولة عدوّة ، فكيف بالعراق وهو الذي تحكمه إيران وإن بطريقة غير مباشرة ، يمكننا إذن اعتبار حادثة الهجوم افتعالاً إيرانياً لإخراج شركات النفط من العراق _ وهو ما حدث فعلاً _ لتستطيع بذلك حفظ توازن تصديرها ، مع انخفاض انتاج النفط العراقي !
ومن الواضح أن الميليشات التي قامت بالفعل ، هي ذات انتماء إيراني خالص ، وما يهمّها فعلاً هو مصلحة إيران ، حتى وإن دمرّ العراق !
وإن كان طرد شركات النفط تمّ بهذه السهولة والبساطة ، بادعّاء إهانة المقدّسات ، وبتكتّم كبير ، فكيف بكّل ما يجري في العراق ؟
وبريطانيا التي جاءت من أجل النفط مع الأمريكان عام 2003 ، وقاتلت ، وقُتل من جنودها الكثير ، هل ستسكت على طرد شركاتها من العراق ؟ وكيف ستتصرف مع إيران ؟ هذا ما ستكشفه لنا الأيام !
الفيديو الذي يبين الإعتداء على المهندس البريطاني
https://www.youtube.com/watch?v=aOyFvZXvyCQ