في تمام الساعة السادسة والنصف بتوقيت أنقرة استهدف هجوم إرهابي عربات نقل عناصر من القوات المسلحة التركية في شارع إينونو بالعاصمة التركية، حيث ألحق التفجير أضرارًا بـ 3 عربات نقل عسكرية، وسيارة مدنية خاصة، فضلاً عن تحطم نوافذ السيارات، التي تصادف مرورها وقت وقوع التفجير.
أسفر هذا الحادث الإرهابي عن مقتل 28 شخصًا وجرح 61 آخرين حتى الآن، وقدر رجح والي العاصمة، محمد قليجلار، أن التفجير نُفذ بواسطة سيارة مفخخة، فيما أفاد بيان لرئاسة الأركان التركية أن “عملًا إرهابيًا”، وراء التفجير الذي استهدف عربات نقل لعناصر القوات المسلحة، لدى وقوفها عند إشارة مرورية في إحدى شوارع العاصمة أنقرة.
التفجير الذي تم كان في منقطة حساسة من العاصمة التركية، حيث تم استهداف الناقلات العسكرية قرب ساحة كيزيلاي التي تضم وزارات عدة إضافة إلى مقر رئاسة أركان الجيش والبرلمان التركي، وقد سمع دوي الانفجار القوي في قسمٍ كبير من العاصمة التركية مما أثار هلعًا بين السكان في المدينة، في الوقت الذي لم تتبن أي جهة مسؤولياتها عن الحادث.
ردود أفعال رسمية
ألغى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارته المقررة إلى دولة أذربيجان غدًا على خلفية هجوم أنقرة الإرهابي، وكذلك فعل رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو الذي ألغى زيارته المقررة إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، فيما ذهب الرجلان إلى اجتماع أمني مغلق لمناقشة الوضع الأمني في البلاد بعد التفجير.
هذا وقدر أكد الرئيس التركي في تصريحات له معقبة عن الحادث: “سنواصل بحزم أكبر كفاحنا ضد البيادق التي تنفذ هذه الهجمات التي تنتهك كافة المعايير الأخلاقية والإنسانية وكذلك القوى التي تقف وراءها”.
مضيفًا: “سيرى من يسعى لإبعاد تركيا عن أهدافها باستخدام التنظيمات الإرهابية أنه على خطأ فكل محارب وشهيد هو ضمان بأنَّ هذا التراب سيبقى دولة لنا للأبد”.
من جانبه أكد وزير العدل التركي، بكر بوزداغ، أن تفجير أنقرة الإرهابي الذي وقع مساء اليوم، نفّذ بسيارة مفخخة متوعدًا بمحاسبة المتورطين في الهجوم.
أما رئاسة الأركان التركية فقد أدانت في بيانها، الهجوم بشدة واصفة إياه بـ “الجبان والسافل”، متوجهة بتعازيها لأسر الشهداء، وأعربت عن تمنياتها بالشفاء العاجل للجرحى.
فيما تؤكد تصريحات لقيادات أمنية تركية أن الدلائل الأولية تُشير إلى أن “حزب العمال الكردستاني” هو من يقف وراء تفجير أنقرة، ولكن المتحدث باسم الحكومة التركية قال أنه لا معلومات لدينا حتى الآن حول من يقف وراء التفجير بالتحديد.
تداعيات الحادث
يأتي الحادث في غضون شهر من تفجير آخر وقع بمنطقة السلطان أحمد بمدينة اسطنبول استهدف تجمعًا سياحيًا، بينما كانت تركيا لم تستفيق بعد من وقع تفجيرات أنقرة السابقة التي أدت إلى سقوط أكثر من مئة قتيل.
شنت تركيا جراء ذلك سلسلة من الإجراءات الأمنية العنيفة في الشهور الماضية ومن المتوقع أن تزداد وتيرتها في الفترات المقبلة، حيث اتخذت تركيا على إثر هذه الهجمات العنيفة إجراءات أمنية مشددة لمنع المقاتلين من العودة إلى أراضيها عبر حدودها مع سوريا، كما تم تأمين كافة الحدود من خلال نظام مراقبة الكتروني.
هذا بالإضافة إلى حملات الاعتقال الواسعة التي شملت عناصر يشتبه في انتمائها لمنظمات تصنفها أنقرة “إرهابية”، كانت آخر الحملات بعد هجوم السلطان أحمد، إذ اعتقل أكثر من 60 شخصًا أغلبهم أجانب من بينهم مواطنون روس وسوريون وجنسيات أخرى، وبحسب وزير الداخلية، أفكان آلا، تم اعتقال 3300 عنصرًا أغلبهم ينتمون لحزب العمال الكردستاني بالإضافة إلى تنظيمات أخرى من بينها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
وعلى وقع اتهامات لحزب العمال الكردستاني بالوقوف خلف هذه الأحداث واصلت المدفعية التركية، قصفها لمواقع منظمتي “بي كا كا”، و”ب ي د” الإرهابيتين، في محيط مدينة “أعزاز”، التابعة لمحافظة حلب شمالي سوريا.
وقد أكدت مصادر عسكرية تركية، أن “وحدات المدفعية، المنتشرة على الحدود مع سوريا، عند ولاية كليس في الجنوب التركي، واصلت استهدافها لمواقع المنظمتين المذكورتين، في كل من، قرية منغ ومطارها، وقرية عين دقنة”.
جدير بالذكر أن وحدات الجيش التركي بدات، قصف مواقع منظمتي “بي كا كا”، و”ب ي د” الإرهابيتين في سوريا، منذ 12 من فبراير الحالي وذلك وفقا لقواعد الاشتباك، التي صرح الرئيس التركي اليوم أنها ربما توسع.
ومنذ الصيف الماضي، تجدد في تركيا النزاع مع الأكراد. حيث تدور مواجهات عنيفة بشكل شبه يومي بين قوات الأمن وأنصار حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق البلاد حيث الغالبية الكردية.
داعش أم حزب العمال الكردستاني؟
أشار محللون إلى أن طريقة وأسلوب التفجير ربما تُشير إلى تورط عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في التفجير، بعدما أدانت السلطات التركية التنظيم في آخر تفجير استهداف فوجًا سياحيًا في مدينة اسطنبول.
حيث تتأهب أجهزة الأمن التركية ضد التنظيم وعناصره منذ أشهر عدة بعد سلسلة هجمات على أراضيها منذ الصيف الماضي نسبتها السلطات التركية إلى عناصرمن التنظيم.
بينما يرى البعض أن تزامن هجمات حزب العمال الكردستاني وداعش في القلب التركي قد يدفع تركيا لاتخاذ إجراءات عسكرية أكثر صرامة في سوريا، خاصة في ظل تدوال الحديث حول عملية برية عسكرية مشتركة مع المملكة العربية السعودية، والتي لم تتخذ الحكومة التركية قرارًا بشأنها حتى الآن، وربما يرى مراقبون أن مثل هذه الأحداث قد تدفع في اتجاه سرعة اتخاذ هذا القرار.