العرب الأمريكيون يؤيدون بيرني ساندرز

ترجمة وتحرير نون بوست
عندما جاء المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية، بيرني ساندرز، إلى مدينة ديربورن، التي تعد أكبر تجمعات العرب خارج الشرق الأوسط، ألقى خطابًا جدّد فيه رسالته حول عدم المساواة الاقتصادية، مشددًا على الحاجة إلى الإصلاح في وول ستريت.
وعلى الرغم من أن عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت لم يركّز على قضايا محددة تخص الأميركيين الشرق أوسطيين، إلا أن مئات الجمهور العرب الشباب من الحضور لم يتوقفوا عن الهتاف بحماس لتصريحاته، حيث يبدو من الواضح بأن رسالة ساندرز تلقى تجاوبًا جيدًا في أوساط العرب الأميركيين، خاصة من هم دون سن الـ30 عامًا.
تحدث ساندرز في ديربورن، وهي إحدى ضواحي ديترويت المؤلفة من 100.000 نسمة، معروفة باسم العاصمة الأمريكية العربية لضخامة المجتمع الشرق الأوسطي الذي يعيش فيها، يوم الاثنين أمام جموعه المؤيدة في الفرع المحلي لنقابة عمال السيارات المتحدة، حيث ركز ساندرز، الذي يصف نفسه بالاشتراكي الديمقراطية، على السياسات الاقتصادية المحلية، انتقد المصرفيين والأغنياء الفاسدين، ودعا إلى مضاعفة الحد الأدنى للأجور تقريبًا.
ولكنه في خضم ذلك، انتقد بمهارة سياسات التدخل الأميركية، وذكّر الحشد بمعارضته لحرب العراق، حيث قال: “إذا استطعنا إعادة بناء القرى في العراق وأفغانستان، فيمكننا إعادة بناء فلينت بولاية ميشيغان بشكل جيد”.
فلينت، وهي مدينة ما بعد صناعية تبعد حوالي 60 ميلًا عن المكان الذي ألقى فيه ساندرز خطابه، تواجه أزمة صحية بسبب مستويات الرصاص العالية في مياه الشرب، وهي الأزمة التي اشتعلت جرّاء قرار الدولة بتبديل مصدر المياه.
التنوع
يشير عامر زهر، وهو ناشط وممثل كوميدي فلسطيني- أمريكي، بأنه يؤيد حملة ساندرز، لأن السيناتور يتحدث عن قضايا العدالة العرقية بشكل أكثر نزاهة من المرشحين الآخرين.
رفض ساندرز مرارًا خطابات دونالد ترامب المعادية للمهاجرين والخطابات المعادية للمسلمين، كما تحدث أيضًا عن وحشية الشرطة والحرب على المخدرات، والتي يقول بأنها تستهدف بشكل غير متناسب الأميركيين الأفارقة؛ ففي الأسبوع الماضي، أطلق ساندرز حملة إعلانية تضم ابنة إريك غارنر، وهو رجل أسود أعزل قُتل خنقًا على عناصر الشرطة في مدينة نيويورك في عام 2014.
يشير زهر بأن المجتمع العربي الأمريكي، بما في ذلك أصحاب الأعمال الصغيرة وطلاب الجامعات، سيستفيدون من خطط ساندر الاقتصادية، “العرب الأميركيون هم في الغالب أناس من الطبقة الوسطى، والذين يمكنهم الاستفادة من الحلول التي يقترحها ساندرز”، قال زهر.
النداءات الليبرالية الشعبية التي يطلقها ساندرز تذكرنا بطريقة أو بأخرى بحملة باراك أوباما الرئاسية لعام 2008، وعلى الرغم من أن الأمريكيين العرب ربما أصيبوا بخيبة أمل من بعض سياسات أوباما، ولكن زهر يعتقد بأن ساندرز سيرقى إلى مستوى التطلعات.
“لقد سار بيرني في هذا الطريق لمدة 40 عامًا، ويبدو من الواضح أنه في الوقت الذي سيصل فيه إلى البيت الأبيض ستكون هذه الوظيفة السياسية الأخيرة له” قال زهر، وتابع: “لن يخرج من البيت ليقضي 10 أو 15 عامًا بالخطب حول فترته الرئاسية، فنحن على أمل أن يغير ساندرز النظام، وليس العكس”.
يقر زهر بأن مواقف ساندرز “ليست مهمة” فيما يخص الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، من وجهة النظر العربية؛ فالسيناتور يؤيد حل الدولتين، ويؤكد على حق إسرائيل في الوجود في سلام وحق الفلسطينيين في الوطن حيث يستطيعون امتلاك مستقبلهم السياسي والاقتصادي، وعلى الرغم من أن ساندرز، وهو يهودي أميركي، كان ينتقد العنف الإسرائيلي في الماضي، ولكن هذا الانتقاد غالبًا ما يترافق مع المنطق التقليدي الساري في واشنطن حول أحقية إسرائيل بالدفاع عن نفسها.
“يقول بيرني على موقعه على الإنترنت بأنه سيعامل الفلسطينيين والإسرائيليين بالتساوي، أما هيلاري (كلينتون) فلن تقول شيئًا من هذا القبيل”، قال زهر.
وأضاف الممثل الكوميدي بأنه لا يوجد مرشح رئيسي يؤطر أجندات السياسة الخارجية لأميركا بطريقة ترضي العرب الأميركيين بشكل كامل، حيث يقول:”إذا كنت ستصوت لأي مرشح رئاسي بناء على آرائه في موضوع الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني فلن تصوّت لأي مرشح حينها، وإذا كان اختيارك ينصب على ذلك، فأنت حر، ولكن بالنسبة لي اخترت ألّا أتبنى هذا الخيار، بل اخترت أن أنخرط بالموضوع بقدر ما أستطيع”.
من جهتها، رددت رشا المليكي، وهي ناشطة نسوية يمنية – أمريكية، تعليقات زهر، حيث تقول: “عدم الذهاب إلى التصويت بسبب قضية واحدة، يقوّض الحركة العربية الأمريكية بشكل حقيقي”، وأضافت المليكي بأنها معجبة بسجل ساندرز المستمر بموضوع المساواة، كما ترى المليكي بأن خطب ساندرز السياسية غير الملمعة والمصقولة، على خلاف بعض خصومه، هي أمر محبب.
حضر خطاب ساندرز في ديربورن تجمع من عشرات النساء المسلمات المحجبات، بما في ذلك المليكي، التي تعلّق على ذلك بقولها: “هذا الأمر يظهر الديموغرافية المتنوعة التي يخاطبها بيرني”.
جزء من التحرك
تشير مايا بيري، المدير التنفيذي للمعهد العربي الأمريكي (AAI)، وهي منظمة دعوة سياسية مقرها واشنطن، بأن الشباب العربي الأمريكي لا يختلف عن باقي الناخبين بشكل عام.
“بعد أن شهدتُ حملة ساندرز والاتجاه الذي سلكته، وبعد رؤية الطريقة التي حشد بها الناس في جميع أنحاء البلاد، مركزًا بشكل خاص على الشباب، لا يبدو مستغربًا بالنسبة لي أن يكون طلبة الجامعة العرب الأمريكيين جزءًا من هذا التحرك”.
ترى بيري بأن دعم الشباب العرب الأمريكيين لساندرز هو جزء من سياق خطابه الواسع تجاه الشباب، كما تشير بأن الشباب الأميركيين العرب يصنفون المرشحين في كثير من الأحيان بناءًا على سياساتهم الداخلية، وليس على وجهات نظرهم حول النزاعات في الشرق الأوسط.
“طالما أن المرشحين لا يختلفون أو يتفوقون على بعضهم فيما يخص السياسة الخارجية، فإنني لا أرى أنه من المجدي أن نركز كناخبين على هذه الناحية” قالت بيري، وأضافت: “سأبحث بشكل أكبر عن شخص يطرح سياسة تعليم ناجعة بالنسبة لي ولعائلتي، وعن شخص يقدم خيارات أفضل للرعاية الصحية، ويركز على الوظائف التي ستؤثر على وضعي بشكل أكبر”.
تشير بيري إلى أن ساندرز، وباعتباره أحد المشرعين في مجلس الشيوخ، يركز على القضايا الاقتصادية التي يشعر بأنها تعتبر مهمة لناخبيه، وتضيف قائلة: “ليس لديه سجل هام فيما يخص الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي أو الشرق الأوسط، ولكن موقفه في حرب العراق يظهر مستوى هامًا من إلمامه بالسياسة الخارجية، فكما أثبت التاريخ، لقد كان ساندرز يقف بالجانب الصحيح من حرب العراق”.
ارتفعت درجات ساندرز في استطلاعات الرأي على مدار الأشهر القليلة الماضية، وعلى الرغم من أنه لا يزال متخلفًا عن وزيرة الخارجية السابقة كلينتون، إلا أنه تمكن من تقليص الفجوة ما بينهما إلى 10 نقاط مئوية، وفاز في الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشاير.
استقطاب الجمهور
وعود ساندرز بجعل الكليات العامة معفاة من الرسوم وإعادة إصلاح ديون الطلاب أكسبته دعمًا هائلًا من الناخبين الشباب، كما أن مظهر وتصرفات السيناتور البسيطة والمتواضعة جعلته مقربًا منهم بشكل أكبر.
“إنه متواضع للغاية، إنه شخص ممتاز للأقليات، ويعمل لصالح الطبقة العاملة”، قالت أنغام القاضي، 20 عامًا.
كما تقول ألفت معتوق، وهي مهندسة تبلغ من العمر 25 عامًا، بأن ساندرز يعطيها الأمل بأن التغيير ممكن على المستوى الوطني، حيث تقول: “إنه مرشح مُجدِّد، ويأتي في الوقت الذي فقد فيه معظم الشباب الثقة في نظامنا السياسي”، وتابعت: “نزاهته، شغفه، وطاقته أحيت اهتماماتنا السياسية، فهو قادر على جمع حشود من عشرات الآلاف من الناس الذين ضاقوا ذرعًا بنفاق واشنطن ووعودها الفارغة”.
وأضافت معتوق بأن ساندرز قد لا يكون قادرًا على تلبية جميع الأهداف التي حددها، إلا أنه لأمر رائع أن نرى سياسيًا يهاجم الشركات الغنية ويدافع عن الشعب.
راوية المفحلي، 17 عامًا، وعلى الرغم من أنها ليست بعمر يسمح لها بالتصويت، إلا أنها حضرت الخطاب لتظهر دعمها لساندرز، حيث قالت: “إنه واقعي، مباشر، ويقول ما يؤمن به”.
مهدي شكر، وهو طالب بكلية هنري فورد، يؤيد ساندرز تبعًا لوعوه في المجال التعليمي، وحينما سألناه عمّا إذا كان يعتقد بأن مرشح قادر على أن يحقق خططه لإلغاء الرسوم الدراسية، أجاب: “آمل ذلك، من أجل الديون الدراسية التي تترتب على عاتقي”.
جميع الأشخاص الذي حضروا التجمع انتخابي في مدينة ديربورن خضعوا لفحص أمني، حيث وقف الأنصار أمام المبنى لساعات قبل أن تفتح الأبواب، “ثلاث ساعات وأنا أقف بالطابور لرؤية بيرني ساندرز، لم يسبق لي وأن انتظرت هذه المدة لرؤية رجل يهودي منذ آخر مرة كنت فيها بمطار تل أبيب”، غرّد الممثل الكوميدي زهر على حسابه في تويتر.
المصدر: ميدل إيست آي