بعد أن أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، يوم أمس الأربعاء، أنه توصل إلى صيغة نهائية للاتفاقية الثنائية بين أمريكا وأفغانستان، بدأ اليوم الخميس، أعضاء المجلس التقليدي الكبير (اللويا جيرغا)، البالغ عددهم حوالي 2500 من ممثلي المجتمع المدني وزعماء قبائل وبرلمانيين، بالإضافة إلى الرئيس الأفغاني حامد كرزاي، جلسات نقاشية ستستمر لأربعة أيام لتقر أو ترفض “الاتفاقية الأمنية الثنائية”.
وجرت، طيلة الأشهر الماضية، مفاوضات شاقة بشأن الاتفاقية بين واشنطن وكابول، وذلك لوضع اتفاق ثنائي بشأن الوجود العسكري الأمريكي في افغانستان بعد انسحاب قوات حلف الناتو المقرر نهاية سنة 2014، وقد شاركت في المفاوضات المتعلقة بهذه الاتفاقية السلطات الباكستانية التي لعبت دور الوساطة بين الحكومتين الأمريكية والأفغانية من جهة وحركتي طالبان الأفغانية والباكستانية من جهة أخرى.
ورغم تهديد أمريكا بسحب كامل قواتها بالتزامن مع انسحاب قوات الناتو في نهاي سنة 2014، فإن بقاءها في أفغانستان يمثل مصلحة مشتركة بالنسبة للحكومتين الأمريكية والأفغانية، فالحكومة الأفغانية معرضة للانهيار بسهولة في وجه حركة طالبان في حال فقدانها للدعم الأجنبي، وكذلك ستواجه أمريكا مشاكل لوجيستية كبيرة في حال رغبتها في الخروج من أفغانستان في الفترة القادمة، وذلك لعدم وجود منفذ آمن يمكنها من إخراج قواتها وعتادها ومن إخلاء قواعدها العسكرية.
والاتفاقية المنتظرة لا تلزم الولايات المتحدة بالدفاع عن أفغانستان من أي هجوم أجنبي، في حين تعطي للقوات الأمريكية صلاحية اقتحام المدن والمنازل السكنية شريطة ألا تستهدف هذه التحركات المدنيين الأفغان، كما تقول الاتفاقية أيضا أنه قد تكون هناك حاجة إلى عمليات عسكرية أمريكية لمحاربة تنظيم القاعدة وأن البلدين سيتعاونان “بهدف حماية المصالح الوطنية الأمريكية والأفغانية دون القيام بعمليات عسكرية أمريكية أحادية الجانب لمحاربة الإرهاب”، وهي صياغة لا تستبعد بشكل مطلق إمكانية أن تتصرف الولايات المتحدة من تلقاء نفسها.
وتنص مسودة الاتفاق على منح الحصانة للجنود الأميركيين في حال بقائهم بعد انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي في نهاية 2014، فوفقا للمادة 13 من مشروع الاتفاق الذي يحمل تاريخ 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 ، توافق أفغانستان على أن “يكون للولايات المتحدة الحق الحصري في محاكمة” الجنود الأميركيين في حال ارتكابهم لجرائم على الأراضي الأفغانية.
ويذكر أن الحكومة الباكستانية كانت تسعى إلى إبرام اتفاق سلام بين الحكومة الأفغانية والقوات الأمريكية من جهة، وحركة طالبان الأفغانية والباكستانية من جهة أخرى، وبعد أن استمرت هذه الجهود لأشهر، توقفت كلها على إثر اغتيال القوات الأمريكية لقائد حركة طالبان الباكستانية حكيم الله محسود، وهو الأمر الذي جعل وزير الداخلية الباكستاني يتهم الولايات المتحدة الأمريكية “بإحباط جهود السلام”.