صار الجميع لديه رغبة في الذهاب للسياحة في إيران بشكل فجائي، وبخاصة تلك الدول التي ظلت إيران بالنسبة لهم جزءًا غير موجود على الساحة الدولية من العالم، كالولايات المتحدة الأمريكية ومعظم دول أوروبا الغربية، إلا أنه الآن وبعد الثورة النووية في إيران، لم تعد الثورة الإسلامية هي الثورة الوحيدة في تاريخ إيران الحديث، فإيران الآن على أعقاب حقبة تحوّل جذري في تاريخها، فيبدو أن إيران 2016 ليست كإيران التي ظلت في مخيلتنا طوال الثلاثة قرون الماضية، فما الذي ينتظرك إذا قررت القيام برحلة إلى إيران غدًا؟
قرر الصحفيان ماركو ويرمان وماثيو بيل من الراديو الأمريكي PRI الذهاب في جولة سياحية إلى إيران في ذكرى الثورة الإسلامية، لتوضيح صورة إيران لدى الشعب الأمريكي الذي غض البصر عن إيران لمدة 37 عامًا، نقل الصحفيان تجربتهم في إيران من خلال النقاط التالية، محاولين تقريب الصورة ما بين الشعبين الأمريكي والإيراني، حيث بدأوا حديثهم مستلهمين عبارة من الثورة الإسلامية عام 1979، “في الثورة الإسلامية عرف الإيرانيون أن كل ما لا يريدونه هو القادم، ولكنهم لم يعرفوا حقيقة ما يريدون بالفعل”، ولكن في رأي الصحفيين الأمريكيين، فإن الإيرانيين الآن يعرفون جيدًا ما يريدون.
تبدأ رواية الصحفيين عن رحلتهم في إيران بداية من طلب تأشيرة الدخول، والتي في العادة يعاني من الحصول عليها العديد من الوكلات الإخبارية، إلا أنهم حصلوا عليها بسهولة من وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، ثم يبدأن بعد ذلك في رواية ما أثار اندهاشهم في إيران.
1- الحرية
يروي كل من ماركو ويرمان وماثيو بيل بأنهم لم يتعرضا للقيود والضغوطات التي تعرضوا إليها من قبل كونهم صحفيون في بلاد الشرق الأوسط المختلفة، إلا أن في إيران كان الوضع مختلفًا، فقد تمتعوا بقدر من الحرية سمح لهم بالخروج والتجول في أي مكان والتحدث إلى العامة بشكل مريح في دردشات ودية بين الطرفين، ليحطم المجتمع الإيراني كل الصور النمطية التي بناها العالم والشعب الأمريكي بالتحديد لدى ويرمان وبيل، فعلى عكس عناوين الأخبار التي تحدثت عن المجتمع الإيراني لعقود، واضعة الإيرانيين تحت وطأة القيود الدينية من جانب وقيود السلطة من جانب آخر، إلا أن كل ذلك قد جعل من الشعب الإيراني شعبًا جريئًا بشكل أو بآخر، وهو الأمر الذي أدهش كلا الصحفيين، فعلى الرغم من مرور عقود على حظر السلطة الإيرانية لمواقع التواصل الاجتماعي كيوتيوب وفيس بوك والساوند كلاود، فالإيرانيون لديهم شجاعة وجرأة في استخدامها بشكل غير قانوني بدون خوف أو قلق من السلطة.
بالإضافة إلى التمرد على المظهر الخارجي للمرأة الإيرانية، فوجد الصحفيين العديد من النساء لافتات للانتباه في تحديهن لارتداء الحجاب بطريقة حديثة، وذلك عن طريق ارتداء الحجاب مع إظهار الشعر من الأمام في نفس الوقت، كما يقومن بإدخال التصميمات الجلدية والأزياء الحديثة مع ارتدائهم للحجاب.
2- الإيرانيون علمانيون أكثر مما توقعنا
عندما سأل ويرمان وبيل الإيرانيين عن صلاة الجمعة، أدهشهم أن معظم الإيرانيين لا يذهبون لصلاة الجمعة، عكس ما حدث معهم عندما كانوا في مصر حيث يذهب الأغلبية إلى الصلاة يوم الجمعة، فإذا أردت أداء الصلاة في ذلك اليوم في إيران، يمكنك زيارة بعض المجمعات الدينية القليلة التي تقوم بأداء الصلاة في ذلك اليوم.
يروي بيل بأنهم قابلوا سيدة حكت لهم ما حدث معها وقت الانتخابات الإيرانية في يونيو عام 2009 بالتزامن مع وفاة مايكل جاكسون، اجتاحت المظاهرات شوارع إيران وقُتل العديد، روت لهم السيدة بأنها كانت تبكي بحرقة في ذلك الوقت لتسألها أمها ما إذا كانت تبكي بسبب الفوضى والعنف في الشوارع، فأجابت لا ولكنني أبكي لأنني لن أرى مايكل جاكسون بعد ذلك لما تبقى من حياتي في إيران.
3- أهلًا بكم في أرض التناقض
تحدث ويرمان وبيل عن التناقض الذي وجدوه في إيران، فجدران المكاتب الحكومية ومؤسسات السلطة تتزين بصور الخميني مفجر الثورة الإسلامية، ولكن الشارع الإيراني يتجه نحو العلمانية والحداثة بشكل ملحوظ.
كما واجهوا ذلك التناقض أنفسهم، حين مرت بهم مسيرة للمتشددين رافعين شعارات مثل “الموت لأمريكا” و”الموت لإسرائيل”، ولكن ما إن رأوهم سألوهم من أي بلد جاءوا وبعد معرفتهم بأنهم أمريكيان رحبوا بهم قائلين بأنهم يحبوا أمريكا وأنهم سعداء بهم في إيران، وبعدها عادوا لمسيرتهم المناهضة لأمريكا من جديد.
4- الطعام الإيراني يتميز عن طعام بقية بلدان الشرق الأوسط
ذكر ويرمان وبيل بأن الطعام الإيراني له مذاق خاص يختلف كليًا عن مطبخ بلدان الشرق الأوسط، فإلى جانب الكباب الذي يتميز به الأتراك والعديد من بلاد الشرق الأوسط، تتميز إيران بضم الفاكهة إلى الأطباق الرئيسية في الوجبات، فيمكنك أن تتناول الأرز بصوص التوت البري، أو أن تأكل لحم الضأن مع الخوخ، أو الدجاج مع صوص الرمان، هذا ما يجعل الأكل في إيران مختلفًا عن الشرق الأوسط كليًا.
استطاعت إيران مؤخرًا بعد رفع القيود أن تزدهر في صناعة الطعام وتنوع المأكولات، فيمكنك أن تجد محلات البقالة والمخبوزات غنية بالبضائع وفي كل ركن في طهران.
كانت هذه انطباعات الصحفيين من الراديو الأمريكي الأولية عن زيارتهم إلى إيران، وهناك المزيد من القصص سينشرها ماثيو بيل بالتتابع على الإذاعة الأمريكية الدولية PRI.