فتحت الحادثة الإرهابية بالأمس التي وقعت في قلب العاصمة التركية أنقرة ملف الهجمات الإرهابية المستمرة في استهداف الداخل التركي من جهات متعددة منذ قرابة 3 سنوات بشكل مستمر، حيث تُعاني تركيا من ويلات تفجيرات غادرة تستهدف مناطق حيوية في البلاد لأغراض انتقامية.
ترواحت مسؤولية تنفيذ هذه الهجمات بين تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وعناصر حزب العمال الكردستاني الذي يخوض صراعًا مسلحًا مع الحكومة التركية، فيما يتحدث بعض المحللين عن ضلوع أجهزة مخابراتية في الإعداد لتنفيذ مثل هذه الهجمات لأغراض سياسية.
نحاول في هذا التقرير إلقاء الضوء على أبرز الحوادث الإرهابية التي ضربت الداخل التركي خلال فترة الثلاثة أعوام الماضية مع توضيح مسؤولية تنفيذها سواء عبر إعلانات سلطات الأمن التركية أو تبني صريح من أحد الأطراف.
* تفجير أنقرة “حافلات هيئة الأركان”
حيث استهدفت سيارة مفخخة حافلات نقل عسكرية تابعة لهيئة الأركان التركية مساء أمس الأربعاء 17 فبراير في شارع إينونو بالعاصمة التركية أنقرة، وهو ما أدى إلى إلحاق أضرار بـ 3 حافلات نقل عسكرية، وسيارة مدنية خاصة، فضلاً عن تحطم نوافذ السيارات، التي تصادف مرورها وقت وقوع التفجير.
أسفر هذا الحادث الإرهابي عن مقتل 28 شخصًا وجرح 61 آخرين في منطقة حساسة في قلب أنقرة قرب ساحة كيزيلاي التي تضم وزارات عدة إضافة إلى مقر رئاسة أركان الجيش والبرلمان التركي.
روى شهود عيان للحادث، بأن أحد الإرهابيين قادة سيارة مفخخة نحو الحافلات التي كانت تقل أعدادًا من الموظفين، ولدى تقاطع مروري تم تفجير السيارة التي دمرت الحافلة الوسطى التي كانت تُقل ما بين 20 إلى 25 موظفًا ما بين مدني وعسكري.
المعطيات الأولية للتحقيقات، أفادت بأن العملية تم تنفيذها عن طريق سيارة مفخخة من نوع Cherokee”” تحمل لوحة رقمية مزورة “34 “KK 3340، وتبين بعد ذلك أن السيارة مسجلة في سجلات مواصلات مدينة إسطنبول، وقد تمت سرقتها من صاحبها الأصلي خلال تواجدها في مدينة إزمير.
هذ وقد أعلنت الحكومة التركية أن الأجهزة الأمنية نجحت في حل لغز التفجير بعد العثور على جزء من جثة منفذ الهجوم الإرهابي، وبعد إجراء الفحوصات على بصمات الأصابع، تبين أنه مواطن سوري الجنسية يدعى صالح نجار، دخل إلى تركيا مع اللاجئين الذين توافدوا خلال عمليات النزوح، فيما أكد رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو أن حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي هو من يقف خلف منفذ تفجير أنقرة بالأمس.
* تفجير السلطان أحمد بإسطنبول
وقع هذا التفجير في منطقة مسجد السلطان أحمد السياحية في مدينة إسطنبول التركية، صباح الثلاثاء 12 يناير هذا العام ، حيث فجر انتحاري نفسه في فوج سياحي غالبيته من الألمان، وهو ما أوقع 15 قتيلًا وعشرات من الجرحي.
السلطات التركية أعلنت أن المنفذ سوري الجنسية يُدعى نبيل فضلي منتمٍ لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
* هجوم مطار صبيحة غوكتشين
وقع هذا الهجوم بتاريخ 23 من ديسمبر عام 2015 على مدرج الطائرات التابع لمطار صبيحة غوكتشين في الجانب الآسيوي من مدينة إسطنبول التركية.
نفذ الهجوم بواسطة قذائف الهاون وقد تبنته جماعة تسمى “صقور حرية كردستان” المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، وقد خلف الحادث وقوع قتيلة كما أدى إلى إصابة سيدة أخرى.
* تفجيرات أنقرة “محطة القطار”
اهتزت العاصمة التركية أنقرة صباح السبت الموافق 10 أكتوبر 2015 بانفجارين نفذهما انتحاريان أثناء مسيرة لنشطاء موالين للأكراد ويساريين عماليين خارج محطة القطارات الرئيسية.
الهجمات كانت الأعنف في تاريخ الجمهورية التركية، حيث أسفرت عن مقتل 97 شخصًا، فضلًا عن إصابة 246 آخرين، وهو الأمر الذي أسفر عنه إقالة مدير أمن العاصمة التركية أنقرة على خلفية اتهامه بالتقصير الأمني.
في الوقت الذي وجهت فيه الحكومة التركية أصابع الاتهام نحو تنظيم “داعش” بشأن هذا الاعتداء.
* إطلاق نار بقصر دولمة بهتشه
هاجم مسلحان القصر التاريخي الواقع على مضيق البوسفور، وقد شهدت ساحة القصر التاريخي تبادل لإطلاق النار بين المهاجمين المزودين بقنابل يدوية وأسلحة آلية من جانب، وقوات الشرطة المسؤولة عن تأمين القصر من جانب آخر بتاريخ 19 أغسطس عام 2015.
الهجوم نسب إلى المجموعة اليسارية “جبهة حزب التحرير الشعبي الثوري” وهي حزب يتبنى الفكر اليساري الثوري في تركيا.
* هجوم انتحاري في أغري شرق تركيا
نفذ عناصر من حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة إرهابيًا هجومًا انتحاريًا على مخفر للدرك في قضاء “دوغو بايزيد” بولاية أغري شرقي تركيا في 8 أغسطس من العام 2015، ما أدى إلى مقتل جنديين وإصابة 24 آخرين.
ووفقا لوكالة الأناضول التركية فإن “هجومًا انتحاريًا بواسطة جرار زراعي معبأ بنحو طنين اثنين من المتفجرات استهدف، مخفر “قره بولاك” الذي يبعد نحو 15 كيلومترًا عن قضاء “دوغو بايزيد”، على الطريق نحو ولاية إغدير.
* تفجير سروج
وقع هجوم انتحاري في مدينة سروج التابعة لمحافظة شانلي أورفة التركية في منتصف نهار 20 يوليو من العام 2015، حيث استهدف التفجير تجمعًا لاتحاد الشباب الاشتراكي في حديقة مركز أمارا الثقافي أثناء مؤتمر صحفي لتوضيح الجهود المبذولة لإعادة إعمار عين العرب كوباني من جديد بعد حصارها من قبل تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
سقط جراء هذا الهجوم 34 قتيلًا وقرابة 100 جريح، وقد أعلنت السلطات التركية فيما بعد عن شخصية منفذ التفجير وهو عبد الرحمن آلاغوز وهو على صلة بتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” بحسب إعلان الحكومة التركية.
كان رد فعل حزب العمال الكردستاني على هذا التفجير هو إعلان سقوط الهدنة مع الحكومة التركية، والدخول في صراع مسلح مع الجيش التركي بدأ بقتل ضابطي شرطة، وكان ذلك بمثابة انتهاء لفترة عملية السلام الكردية مع الحكومة التركية التي كانت قد بدأت عام 2009.
* حادثة المدعي العام
أعلنت السلطات التركية مطع أبريل عام 2015 عن وفاة المدعي العام محمد سليم كيراز، الذي احتجزه مسلحون في مكتبه بالقصر العادلي بمدينة إسطنبول، نتيجة لإصابته بجروح بليغة بعد إطلاق النار عليه خلال محاولة لاختطافه، فيما قتل مسلحان بعد تبادل لإطلاق النار مع الشرطة.
هذا وقد أعلن حزب الجبهة الشعبية لتحرير الشعب اليساري مسؤوليته عن محاولة الاختطاف والقتل.
يذكر أن كيراز كان يتولى يتولى عمليات التحقيق في قضية الشاب، بركين ألوان، الذي فارق الحياة، جراء إصابته بقنبلة مسيلة للدموع، خلال احتجاجات منتزه غيزي في منطقة تقسيم بإسطنبول، عام 2013.
* هجوم مديرية السياحة في إسطنبول
في مطلع شهر يناير من العام 2015 استهدف تفجير مديرية السياحة في قسم الشرطة بمنطقة السلطان أحمد في إسطنبول.
وقد كشفت السلطات التركية عن اسم منفذة الهجوم الانتحاري الذي أدى إلى مقتل شرطي وإصابة آخر جراء التفجير، الذي نفذته أليف سلطان كالسان، من جبهة حزب التحرير الشعبي الثوري التركية.
* هجوم الريحانية
وقع في 11 مايو من العام 2013 تفجير لسيارتين مفخختين في بلدة ريحانلي “الريحانية” التابعة لمحافظة هاتاي على مقربة من الحدود التركية السورية، مما أسفر مقتل 46 شخصًا، بينهم 35 تركيًا.
وقد اتهمت سلطات الأمن التركية الحكومة السورية بالضلوع في العملية، حيث أكدت مصادر أمنية تركية أن التحقيقات اكتملت بشقها الأكبر، وقد تقرر أن الشبكة التي نفذت الهجوم والعناصر المرتبطة بها على صلة بأجهزة المخابرات المؤيدة للنظام السوري.
* هجوم غازي عنتاب
نُفذ الهجوم في 20 أغسطس من العام 2012 عبر تفجير نفذته عناصر مسلحة تابعة لحزب العمال الكردستاني، وهو ما أوقع حصيلة 10 قتلى و66 جريحًا.
حيث وقع الهجوم في اليوم الثاني من عيد الفطر في مدينة غازي عنتاب بتفجير نفذه تنظيم (بي كي كي) الإرهابي.
جدير بالذكر أن هذه هي أبرز الحوداث التي وقعت في إطار ثلاثة أعوام بدافع الإرهاب سواء كان المنفذ من الداخل التركي أو مرتبط بمجموعات خارجية، فيما يجدر الإشارة إلى أن العمليات متبادلة بين حزب العمال الكردستاني وقوات الجيش التركي بشكل شبه يومي.
حيث بلغت العمليات الإرهابية لمنظمة “بي كا كا” ذروتها في العام 2015، مقارنة بالأعوام السابقة منذ انطلاق مسيرة السلام الداخلي في تركيا، تلك العمليات التي تزايدت في المناطق المجاورة لمواقع الشرطة، والتي سجلت زيادة في الشهور السبعة الأولى من عام 2015، حتى بلغت 1267 هجومًا على الأمن التركي.
حيث أظهرت الإحصائيات الأمنية لسبعة أشهر فقط، وقوع 1083 عملًا مرتبطًا بالعنف، منها 154 هجومًا مسلحًا، و172 تفجيرًا، و351 اعتداءً بواسطة حجارة أو عصي، و19 حالة خطف، و47 عملية إحراق متعمدة، و241 اعتداءً بواسطة قنابل المولوتوف، و69 عملية تهديد.