أثارت مسألة الإفراج عن رجل أعمال بلجيكي تم القبض عليه الأسبوع الماضي “متلبسا” بتهمة إدخال أسلحة إلى تونس بطرق غير شرعية انتقادات كبيرة في تونس.
و تم أمس الخميس الإفراج عن رجل الأعمال البلجيكي فليب تراس وشريكيه الفرنسي و شريكته التونسية وإعادة ملف القضية المتعلقة بهم إلى القضاء الجهوي بمحافظة نابل بعد أن نفى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب شبهة الجريمة الإرهابية على المضنون فيهم.
وقال الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس كمال بربوش فى تصريح إعلامي إنه بالاطلاع على الأبحاث وبسماع المضنون فيهم انتهت النيابية العمومية بالقطب القضائي بالمحكمة الابتدائية بتونس إلى انتفاء الصبغة الإرهابية بالأفعال المنسوبة إلى المضنون فيهم وقررت إرجاع ملف القضية إلى وكيل الجمهورية بنابل المختص ترابيا.
وقال الناطق الرسمي باسم المحكمة أن ملف البحث المتعلق بالأشخاص الثلاثة يحتوي على إمكانية وصف بعض الأفعال المنسوبة بجرائم حق عام ديوانية (جمارك)وغيرها. وأوضح بربوش أن ملف الأبحاث التي أجرتها وحدة البحث في جرائم مكافحة الإرهاب بالعوينة والاختبار الباليستي أثبت أن مسدسا فقط وذخيرته يوصف بالسلاح الناري.
وكانت الديوانة التونسية أعلنت عن إيقاف رجل الأعمال البلجيكي وعرضت كمية من الأسلحة من بينها رشاش كبير متطور ومسدسات وكمية هامة من الخراطيش.
وقد تم الاحتفاظ برجل الأعمال وشريكيه الفرنسي والتونسية لمدة ستة أيام ثم الإفراج عنهم أمس بنهاية المدة القانونية للإيقاف التحفظي في جرائم الحق العام.
وتساءل تونسيون عن سرعة النظر في هذه القضية و الحال ان القضايا في حق التونسيين تبقى أكثر من سنة في أغلب الاوقات و لا يتم النظر اليها.فيما ذهب أخرون الى اعتبار أن الفساد أصبحت يحل محل الدولة. وكتب الشاب التونسي أحمد في صفحته على الفيسبوك “كيف لرجل ديوانه (جمارك) قضّ حياته في العمل في الميناء ان لا يفرق بين سلاح حربي و لعبة؟ وبين عيارات نارية و ألعاب؟؟ على من تكذبون ؟قولوا ان أسيادكم لم يرضوا عنكم.
بدوره كتب أخر يدعى حلمي “ تونس أصبحت مرتعا للاستخبارات الغربية الاستعمارية. بان بالكاشف أنها ليست أرض التونسيين وإنما أرضا للغرب, يأمر فيطاع من قبل من جعلوهم في الحكم.
وأضاف” القضية ليست قضية البلجيكى او الأسلحة, القضية أكبر من ذلك هي قضية وطن مسلوب.. شعب مخدوع.. حكام عملاء ومفكرين مفلسين فكريا وأعلام مجرم.
من جهتها كتبت رحاب عويديدي “ في النهاية أصبح البلجيكي مستثمر أجنبي بريء ونحن ظلمناه .إذا أريد ان افهم قصة مسؤولي الديوانة(الجمارك) الذين قالوا انهم يراقبون البلجيكي من قبل ان يدخل ميناء رادس ولم يمسكوا به في الميناء حتى يقبض عنه متلبس”
وأكدت الناطق الرسمي باسم مصالح الديوانة سلمى قلمون أكدت عقب القبض على رجل الأعمال البلجيكي أنّ “إدارة الأبحاث الديوانيّة كانت تملك المعلومات الكاملة حول دخول الأسلحة من ميناء رادس منذ فترة لكنّها تعمّدت عدم القبض على رجل الأعمال البلجيكي صاحب السيارة التي تحتوي على الأسلحة والخراطيش المحجوزة حتّى يتسنّى لها تتبعه و معرفة محلّ سكناه و ذلك للتثبّت ممّا إذا كان يملك أسلحةً أخرى بمنزله و ما إذا كان يملك شركاء.
وكتب شخص يدعى سيف ساخرا “ بعد التهم الباطلة و الظلم والتشويه الذي تعرض له المواطن البلجيكي يجب على الأقل تعويضه بقطعة في ضفاف البحيرة أو في قرطاج..ويمكن أن تكون هذه الأرض ملكا له على غرار ما حصل للسفارة الامريكية”.
وقدمت تونس مؤخرا قطعة أرض تقدر قيمتها بحوالي9 مليون دولار أمريكي للسفارة الامريكية كتعويض للاحداث التي حصلت في السفارة الأمريكية بتونس في سبتمبر 2012
وانتقد وليد المحجوبي الإفراج عن البلجيكي وكتب في صفحته على الفيسبوك “الصفة الإرهابية تحاك وتفصّل بقدرة فاعل في تونس. وخير دليل ما نراه من تمييع وتسذيج لسلاح حربي معروف ومشهور وألف خرطوشة (عيار ناري) صنف تسعة مِم لمسدس قلوك و معدات غوص للاغتيالات والانسحاب تحت الماء”.
وكانت فرقة الأبحاث الديوانية قد حجزت الأسبوع الماضي حاوية محملة بكمية من السلاح حسب تصريحات مدير الأبحاث الديوانية العميد وحيد السعيدي و كانت في طريقها إلى محافظة نابل، بعد مرورها على ميناء رادس التجاري.وكانت الحاوية متوجهة إلى مؤسسة اقتصادية على ملك مواطن بلجيكي.
و قد تمّ حجز 8 جوازات سفر بلجيكيّة وسلاح حربي وطائرة استطلاع (درون) ومعدات غوص ..
ويؤكد عديد المتابعين ان عملية القبض والافراج سريعا عن البلجيكي تكشف عن “الفساد” في الأداء العام للجمارك في مطارات وموانئ تونس، وتطرح هذه العملية أكثر من نقطة استفهام. وتؤكد إن “شبهة الفساد” مازالت تلاحق عددا من إطارات وموظفي الجمارك التونسية، رغم تعاقب الحكومات.
وأكد التقرير السنوي العام التاسع والعشرين لدائرة المحاسبات في تونس نتائج الأعمال الرقابيّة المنجزة خلال السّنة القضائيّة 2013-2014، وجود تصاريح غير مسواة في الجمارك حرمت الدولة 285 مليون دينار وأدت إلى سقوط 122 مليون دينار من معاليم وأداءات بعد التقادم ولم يتجاوز حجم الاستخلاص من الديون المثقلة 0.01 بالمائة أي ما يعادل 4041 مليون دينار في 2013 .
وكشفت دراسة أعدها المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية،في وقت سابق ، “أن أغلب رجال الاعمال في تونس يرون أن الديوانة التونسية من اكثر الادارات فسادا في تونس”.
وأوضح المعهد التابع لوزارة التنمية والتعاون الدولي، أن 33 بالمائة من المؤسسات التي قامت بنشاط تجاري مع الخارج خلال السنتين الأخيرتين، صرحت بأن أعوان إدارة الديوانة طلبوا منهم أموالا رشوة لتسهيل معاملاتهم الديوانية.
كما أبرزت دراسة اكاديمية أخرى، أعدها الخبير في البنك الدولي بوب رايكر، وجود فوارق هامة في حجم السلع التي تصدرها البلدان الاوروبية نحو تونس وما يصرح به لدى الموانئ ومصالح الديوانة التونسية في ما يتعلق بالتوريد.
وتعد هذه الفوارق دليلا ملموسا على دخول كميات هامة من السلع الى تونس دون التصريح بها لدى المصالح الديوانية ودفع المعاليم المستوجبة.
وبالاضافة الى الفوارق المسجلة تبين لمعد الدراسة، استغلال هذه الشركات لثغرات قانونية في مجلة الديوانة للتهرب من دفع المعاليم الديوانية وتقديم تصاريح ديوانية مغلوطة.