ترجمة وتحرير نون بوست
على الرغم من غرابة ذلك، إلا أن الجميع في إسرائيل يحب الطغاة العرب، وعندما أقول الجميع فإنني أعني اليهود والعرب، ولكن الديكتاتور المفضل لدى الجميع هو بشار الأسد؛ فعندما ورث الأخير النظام القمعي في سوريا، نقل اليهود والعرب محبتهم لديكتاتور دمشق من الأسد الأب إلى الأسد الابن.
في أعقاب الانتفاضة في الدول العربية، أشار بشار الأسد في مقابلة له مع صحيفة وول ستريت جورنال بأن الوضع في سوريا مختلف، مضيفًا بأن سوريا ليست كمصر، ومؤكدًا أيضًا على أن سوريا ليست عرضة للانزلاق إلى وضع مماثل للوضع المصري، لأنها جزء من جبهة “المقاومة”، وتنتمي إلى المحور المناهض للولايات المتحدة والمعادي لإسرائيل.
الأسد كان محقًا، فالوضع في سوريا مختلف حقًا، لأن النظام السوري هو أشبه بالنظام البائد لصدام حسين، وحزب البعث، الذي حكم العراق غير مرة وما زال يحكم سوريا، رفع أعلام القومية العربية، ولكن الشعارات شيء والواقع شيء آخر، وجميع أيديولوجيات الكلام المعسول بقيت محض كلام؛ فالبنسبة لحزب البعث، سواء في العراق أو في سوريا، كان تلك الأيديولوجية تهدف لخلق منصة سياسية لتكريس الاضطهاد العشائري (القبلي) والطائفي.
في الواقع، الوضع في مصر مختلف تمامًا؛ فإذا استثنينا الأقلية المسيحية القبطية، يبدو المجتمع المصري متجانسًا دينيًا وبعيدًا كل البعد عن العشائرية والقبلية، كما أن الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، لم يتمتع بعكاز عشائري أو طائفي ليتكئ عليه، كما أن الجيش المصري مختلف أيضًا، ولا يماثل على الإطلاق جيوش سورية أو العراق.
على سبيل المثال، عندما غزت الولايات المتحدة العراق، انقسم الجيش العراقي إلى مكوناته القبلية والعرقية، حيث خلع الجنود العراقيون بزاتهم العسكرية وانضم أفراده إلى مجتمع قبيلتهم أو لأبناء عرقهم، كما أن صدام حسين انضم أيضًا لتلك الرموز العشائرية، فهو لم يلذ بالفرار من العراق ولكنه اختبأ في مناطق قبيلته المحمية، وهذا الأمر دائمًا ما يحدث في هذه المجتمعات؛ ففي بلاد الأرز، وبعيد اندلاع الحرب الأهلية، انحل الجيش اللبناني إلى مكوناته الإثنية واختفى تمامًا.
سوريا ليست مصر، هذا صحيح، كما أن سوريا تختلف أيضًا من حيث قيمة دم الشعب المهدور من قِبل النظام السوري المستبد؛ فالحكومة السورية العشائرية تعوّل على القوة المُمارسة من خلال الأجهزة الأمنية التي يحكمها رجال القبائل وحلفائهم الهامين.
في جوهر الأمر، ستبقى النظرة إلى هذا النوع من النظام العشائري باعتباره حكمًا أجنبيًا، وهذا النوع من الحكم، الذي يمكن تسميته بـ”الإمبريالية العشائرية”، يمارس سلطته من خلال القهر والإرهاب الوحشي، وهذا الأمر يحصل حتمًا عندما تتسلم الأقلية حكم البلاد، كما هو الحال في سوريا، حيث يُنظر إلى كل محاولة لتقويض الحكومة باعتبارها تحديًا للهيمنة القبلية وخطرًا على بقاء القبيلة الحاكمة، وبطبيعته، ينغمس مثل هذا النظام تمامًا في حمام الدم.
ادعى كلًا من حافظ وبشار الأسد مقاومة إسرائيل، ولكن هذا الشعار أجوف، ويهدف لخدمة النظام باعتباره بوليصة تأمين ضد أي مطالب من أجل الحرية والديمقراطية، فـ”مقاومة” النظام السوري لم تسفر حتى عن إطلاق أدنى صرخة واهنة على جبهة الجولان منذ عام 1973، وبدلًا من ذلك، ما زال نظام “المقاومة” مستعدًا لقتال إسرائيل حتى آخر شخص لبناني، أو حتى آخر فلسطيني.
بالتزامن مع الأصوات التي بزغت في الداخل الإسرائيلي مؤخرًا حول حكم حماس المستمر لقطاع غزة، يخشى الكثير من الإسرائيليين هذه الأيام من مصير النظام السوري، والأمر المثير للدهشة يتمثل في أن اليهود ليسوا وحدهم من يصلون سرًا لبقاء النظام في دمشق، بل أيضًا العديد من الأطراف العربية يأملون ذلك، وجميع زعماء هؤلاء العرب ذُهلوا، ومن ثم خرست أصواتهم وأحجموا عن الاعتراض ضد المجازر التي يرتكبها النظام السوري يحق المدنيين.
لقد توحد كافة المنافقين اليهود والعرب على حد سواء، حيث يبدو وكأن الأسد يحظى بدعم هائل هنا، كما لو كان ملك إسرائيل.
المصدر: هآرتز