ذكر تقرير نشرته جريدة فورين بوليسي أن الإخوان المسلمين بالكويت ليسوا محصنين ضد الهجمة الشرسة التي تشنها الأنظمة الحاكمة في الشرق على الإسلاميين في دولهم.
وقال التقرير الذي كتبه الباحث المرموق ناثان براون بالتعاون مع سكوت ويليامسون أن الذراع السياسية للإخوان المسلمين بالكويت، الحركة الدستورية الإسلامية (حدس)*، يتعرض لضغط شديد بسبب العديد من التغيرات في المنطقة.
الحركة كانت دائماً تشارك بفاعلية في الأنشطة السياسية والاجتماعية في الكويت، الا ان الأحداث التي مرت بالمنطقة أخيراً مثل سقوط الرئيس المصري محمد مرسي والاحتجاجات التي شهدتها تونس ضد حركة الاخوان المسلمين وضبط الإمارات لشبكة تضم مصريين وإماراتيين ومحاكمتهم بتهمة الانتماء للاخوان المسلمين، وما شهدته ليبيا من تزايد شديد لمعارضة حزب العدالة الاخواني، كل هذه الظروف والأحداث زادت من الضغوط التي يتعرض لها الاخوان المسلمون في الكويت.
ويسرد التقرير قصة تأسيس الإخوان المسلمين في الكويت منذ الخمسينات والستينات، على نفس نمط الإخوان المصريين، إلا أن الكويتيين قضوا عقودا في العمل على الأعمال الخيرية، التعليم و الخدمات والأنشطة الاجتماعية لتعزيز تصور الرأي العام حيالهم كجماعة تهتم ببناء مجتمع إسلامي.
الحركة شاركت أيضا على استحياء في العمل السياسي في تلك الفترة، إلا أنهم تحركوا بحذر شديد واكتسبوا سمعة بأنهم لا يحبون مهاجمة النظام.
ويتابع التقرير أن الفترة التي أعقبت الغزو العراقي للكويت، شهدت تحولات كبيرة في علاقات الحركة الكويتية بالجماعة الأم، فقد قطعت حدس جميع صلاتها بالإخوان الذين دعموا بشكل ما النظام العراقي في ذلك الوقت، وأنشأوا حزبهم السياسي، للمشاركة بشكل كامل في العملية السياسية في الكويت.
وعلى مدار العقدين الماضيين، شارك الحزب السياسي في العملية السياسية بشكل فاعل، وحاول الإخوان في الكويت أن يؤثروا بشكل ما في المشهد السياسي، على الرغم من تيقنهم من كونهم لن يحصلوا على الأغلبية البرلمانية، هذا لا ينفي أن حدس كانت قد شاركت في أكثر من حكومة بعدد من الوزراء.
هذه الطموحات القليلة أكدت الصورة التي عُرفت عن الحزب والحركة من أنهما لا يسعيان للسلطة وإنما التغيير السياسي والإصلاح المتدرج من داخل النظام السياسي القائم، ما حمى الحركة بشكل ما من القمع الحكومي الذي طال الإسلاميين في مناطق أخرى.
في ٢٠١٢، ومع احتدام الصراع السياسي بالتوازي مع الربيع العربي، شاركت حدس في جبهة معارضة قررت مقاطعة الانتخابات، وبالفعل خفتت نسبة التصويت بشكل كبير بسبب دعوات المقاطعة. هذا الصيف عندما دعت الحركة إلى مقاطعة الانتخابات، لم تستطع التأثير بشكل كاف على التصويت، ما أخرج الائتلاف المعارض من البرلمان.
بعد الإطاحة بالرئيس مرسي من السلطة في مصر، صعدت حدس من خطابها النقدي للحكومة الكويتية وامتلأت صفحاتها على شبكات التواصل الاجتماعي بألفاظ مثل “انقلاب” وبالتنديد بالدعم الكويتي لحكومة الانقلاب العسكري، كما حدث عندما استضاف أمير الكويت رئيس مصر الذي عينه الضابط عبدالفتاح السيسي.
الضغط السياسي على الحركة بدأ مباشرة عقب إبعاد مرسي من سدة الحكم، فالكتاب والسياسيين المقربين من الحكومة بدأوا فورا في الهجوم على حدس عقب الانقلاب العسكري، وطالب بعضهم “باستئصال” الإخوان من الحياة السياسية، إلى الحد الذي جعل بعض السياسيين يطالبون حكومة الكويت بمواجهة الحركة بشكل “أكثر قوة”
الحكومة من جانبها انضمت لحلف السعودية والإمارات لتقديم الدعم الدبلوماسي والمادي للانقلابيين في مصر، اعتقلت الكويت مصريين ورحلتهم بتهمة الانضمام لإخوان مصر.
ونقلت صحف كويتية لاحقا عن مصادر لم تسمها أن مسؤولين منتمين لحدس في وزارة الأوقاف الدينية والشؤون الإسلامية أو في بيت الزكاة قد استقالوا أو أحيلوا للتقاعد أو نُقلوا إلى أماكن مهمشة.
بعد أن كانت الأوضاع هادئة ومستقرة، تأتي إزالة مرسي بتداعياتها التي ستكون كبيرة على السياسة في الكويت. المزيج السام من دعم الانقلاب في مصر، والاتهامات المجهولة والمستمرة ضد إخوان الكويت، والشائعات المستمرة عن عمليات التطهير المبالغ فيها، بالإضافة لدعم حدس للرئيس مرسي وللإخوان المصريين، كل هذا يشير إلى أن العلاقة بين حكومة الكويت والإخوان تتحرك بعيدا عن التسامح الذي عُرفت به تاريخيا.
ترجمة وتحرير نون بوست
* الحركة الدستورية الإسلامية هي كتلة سياسية كويتية تأسست في 1991 بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي لتكون واجهة سياسية لجماعة الإخوان المسلمين في الكويت، وتتبني الخط الإسلامي السياسي. وهي حركة سلمية لا تتبنى العنف. وهي الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الكويت – جمعية الإصلاح الاجتماعي. وللحركة أعضاء يمثلوها في مجلس الأمة الكويتي.
تقدمت “الحركة” بعدة رؤى سياسية منشورة في مجالات النفط والطاقة، الإصلاح السياسي، الوحدة الوطنية، كما تقدم نواب “الحركة” بقوانين الحقوق المدنية والاجتماعية للمرأة، الحقوق المدنية للبدون، كشف الذمة المالية للقياديين، تنظيم الجمعيات السياسية.