في الوقت الذي تتوقع فيه القيادة الروسية فرض سيطرتها ونفوذها، كقوة عظمى وشريك أساسي في القرار الدولي، بعد تدخلها في سوريا بذريعة سحق تنظيم الدولة الإسلامية، وتعويض الانهزام النفسي الذي منيت به في أوكرانيا – خاصة بعد توقيع الولايات المتحدة والدول الغربية عقوبات اقتصاديه عليها -، جاء إعلان العميد الركن أحمد عسيري في توجه المملكة السعودية لغزو بري وشيك، وبمشاركة دول التحالف الإسلامي للتصدي لتنظيم الدولة الإسلامية، بمثابة تهديد ومصدر قلق من المحتمل أن يؤدي بروسيا إلى الغرق في المستنقع السوري.
الفرقاء الثلاثة المعتدون، تطايرت تهديداتهم وتحذيراتهم، وليد المعلم وزير خارجية النظام الفاشي قال إن أي تدخل بري في الأراضي السورية، دون موافقة الحكومة السورية هو بمثابة عدوان يستوجب مقاومته، ويحذر من أن أي معتد سيعود في صناديق خشبية إلى بلاده، بينما قال محمد علي جعفري القائد العام للحرس الثوري الإيراني إن إرسال السعودية قوات إلى أرض سوريا هو بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على نظام الرياض، ولم يبتعد كثيرًا عن المعنى مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشور كين الذي قال إن إرسال قوات سعودية أو تركية إلى سوريا سيعتبر بمثابة عدوان.
ولأن الولايات المتحدة الأمريكية فرضت على نفسها سياسة المراقبة وعدم زج جنودها في أتون معارك الشرق الأوسط بعيد حرب الخليج، فقد كانت في واقع الأمر ترتب لوقوع الروس في الفخ السوري، منذ أن رصدت أقمارها الصناعية حركة نقل الجنود والألة العسكرية الروسية في مينائي طرطوس واللاذقية، وهو ما يتوافق مع موقف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الذي لم يوف بشيء من وعوده وضماناته الكاذبة، والتي كان يضغط بها على المعارضة السورية للمشاركة في مفاوضات جنيف 3 والتي تتمثل في طلبها بوقف فوري للقصف والأعمال الحربية، مما أدى إلى انسحاب المعارضة من المفاوضات، ولم يستهدف الوزير كيري من ذلك إلا إفشال مفاوضات جنيف 3 والدفع بالجميع إلى استئناف القتال المستعر بعد فشل أو بالأحرى إفشال الحل السياسي.
وليس أسهل من تنظيم أبو بكر البغدادي “داعش” ليكون الحجة التي تجيش لها الجيوش، وتنصب لها الصواريخ، ويكون غطاءً قانونيًا لا غبار عليه في دخول الروس إلى سوريا، ويكون عين التنظيم حجة وغطاءً قانونيًا للغزو البري الذي يعلن عنه العميد الركن العسيري، ويلاقي إعلانه ترحيبًا كبيرًا من وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر.
ترحيب الولايات المتحدة بالاجتياح البري لقوات التحالف الإسلامي، يعنى ضمنيًا وقف طلعات روسيا الجوية على تنظيم الدولة، ولن يبقى هناك مبرر لاستمرار الضربات الجوية الروسية، وهو ما يعني تحجيم الدور الروسي.
أما إذا نفذت القيادة الروسية التهديدات التي أطلقها مندوب روسيا الدائم فيتالي، ورئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف، فهو – فيما أتصور – ما يمثل وقوع الروس في حروب استنزاف طويلة، والتي ستضيف لروسيا أعباءً اقتصادية وانهزامًا نفسيًا عميقًا، وبذلك تكون الولايات المتحدة بذلت الوسع في إغراق الروس في المستنقع السوري وإنهاك روسيا في دوامة الحروب الاستنزافية، ولا يبقى للمملكة السعودية وقوات التحالف الإسلامي إلا أن يقولوا مثلما قال طارق بن زياد.