قريبًا، لن نستعمل مقولة أن الحياة هي عبارة عن صندوق مليء بالشوكولاتة، ومن الممكن أن تختفي إعلانات الشوكولاتة الجذابة، سيكون أمر اختيار الهدايا أصعب بكثير، ولن تمتلك شيئًا ليمنحك السعادة الفورية وقت أن تكون جائعًا في الليل، أما عن الأطفال فلن يتوقفوا عن البكاء من أجل الشوكولاتة، وماذا عن الشوكولاتة البيضاء، بالطبع ستختفي هي الأخرى، لتصبح كيكة الشوكلاتة مجرد ماضٍ، وسيضم قسم الحلويات محتويات أقل تنوعًا في قوائم الطعام في المطاعم، فقريبًا من الممكن جدًا أن نعيش عالم بدون شوكولاتة.
من الممكن أن تكون الشوكولاتة علاج للبعض ومصدر سعادة للبعض الآخر، إلا أنه لا شك من أن الشوكولاتة هي مصدر رزق للملايين، فهي تمثل الصناعة التي يعملون فيها لعقود، فمن المتوقع بحلول عام 2016 أن تبلغ قيمة سوق الشوكولاتة حول العالم 98.3 بليون دولار.
تعتمد صناعة الشوكولاتة على الكاكاو، والذي ينمو على شجر الكاكاو في المناطق الدافئة والممطرة، مركزه أمريكا اللاتينية منذ آلاف السنين، كما تمثل قائمة الدول الأكثر إنتاجًا للكاكاو ستة دول من أمريكا اللاتينية وآخرين من أفريقيا، منها المكسيك، الإكوادور، الكاميرون، نيجريا، البرازيل، وإندونيسيا.
ثمرة الكاكاو
هل تفتعل الميديا تلك الإشاعة من أجل مصالح اقتصادية؟، أم أن مصير الشوكلاتة هو الانقراض بالفعل؟
أثبتت الدراسات الحديثة أن بحلول عام 2020 سيشهد العالم انخفاضًا في حصة معظم الدول من الشوكولاتة ومنتجاتها، نظرًا للهوة الكبيرة بين العرض والطلب، فهناك ازدياد كبير في طلب الشوكولاتة ولا يقابل ذلك العرض الكافي منها، نتيجة للتغير المناخي المفاجئ “إل نينو”، وهو مصطلح يُطلق في حالة كون التغييرات المناخية للأبرد وعلى التأثير المتبادل بين التغير الحراري للمحيط قبالة الساحل الغربي بأمريكا اللاتينية وعدة مناطق أخرى بالعالم، وفي بعض الأحيان يُطلق عند حدوث تغيرات حرارية كبيرة، ستكون تلك الظاهرة السبب في انخفاض إنتاجية الكاكاو بحجم 250.000 طن، وفي المقابل يتزايد الطلب على الشوكولاتة بشكل مستمر، فعلى سبيل المثال يزداد معدل الطلب على الشوكولاتة عالميًا بنسبة 2 : 2.5% بحسب تقارير شركات التسويق.
العرض والطلب على الكاكاو عالميًا
البرازيل
تتجه بعض البلدان إلى استخدام أساليب مختلفة لزراعة الكاكاو في سبيل التغلب على التغيرات المناخية، من بينها البرازيل، التي كانت ثاني أكبر مُصدّر للكاكاو من قبل، حتى أعاقها ذلك الإرهاب البيولوجي، عندما هاجم فطر الأمازون المعروف بالـ “Vassoura de Bruxa” ثمار الكاكاو ودمر جزءًا كبيرًا منها منذ الثمانينات، كما تسبب في أزمات اقتصادية كبيرة للبرازيل، حيث تشرد أكثر من 250.000 عامل بزراعة الكاكاو وصاروا عاطلين، كما دمر الفطر 90% من المزارع في ذلك الوقت، ولم يُعرف حتى الآن من تسبب في دخوله إلى البرازيل، على الرغم من أن البرازيل الآن تقوم بصناعة الشوكولاتة لخدمة الاقتصاد القومي في المركز الأول، إلا أنها عادت من جديد بعد أن دمرها الفطر بمساعدة السكان المحليين، والحركة الاجتماعية للنهوض بزراعة الكاكاو من جديد.
الإكوادور
تهدد ظاهرة “إل نينو” مستقبل العديد من مزارع الكاكاو، فالتغير المناخي المفاجئ ما بين المطر الغزير والجفاف يهدد العاملين في مزارع الكاكاو في الإكوادور، فقد هاجمتهم ظاهرة “إل نينو” في 1997 وسببت لهم كوارث طبيعية واقتصادية هائلة فلم تتحمل المحاصيل غياب الشمس أو المطر المستمر لأيام، لتعود الأخبار من جديد في عودة تلك الأزمة التي قضوا ما يقرب من 7 سنوات للتعافي منها.
https://youtu.be/YJ8poXxu520
الهند
تضاعف الطلب على الشوكولاتة في الهند خلال السنوات الخمس الماضية حيث زاد استهلاك الفرد من الشوكلاتة من 50 جرام إلى 120 جرام، ومن المتوقع زيادته إلى 60% بحلول عام 2020.
إنفوجرافيك يوضح استهلاك الهند من الشوكولاتة
يتباين الاستهلاك العالمي للشوكولاتة بين الدول، فقللت الولايات المتحدة الأمريكية من استهلاكها للشوكولاتة في محاولة لتوازن المعادلة بين العرض والطلب، في حين كانت سويسرا على النقيض، حيث يبلغ استهلاك الفرد في سويسرا من الشوكولاتة ما يقرب 9 كيلوجرام في السنة.
الأمر الآخر الذي يهدد مستقبل الشوكولاتة غير التغيرات المناخية هو عمال مزارع الكاكاو، هناك 6 ملايين عامل حول العالم في مزارع الكاكاو، معظمهم من كبار السن، وذلك لقلة الأجور مقابل المجهود المبذول في زراعة الكاكاو، لذا لا يفضلها الكثير من الشباب كمصدر للرزق، إلا أن عدد العمال في تلك الزراعة في تناقص مستمر مما يهدد زراعة الكاكاو خاصة في أفريقيا.
ما الذي فعلته شركات الشوكولاتة العالمية في مواجهة الأزمة؟
قامت شركة نسلة بتزويد مزارع الكاكاو الخاصة بها بمزيد من المهندسين الزراعيين وشجر كاكاو ينتج مزيدًا من الثمرات، كما سارت شركة “مارس” على نفس المنهاج بتوفيرها برامج تدريب للعمال لتدريبهم على مزيد من التكنولوجيا الحديثة التي توفر إنتاجية أكبر.
بحلول عام 2020، سيزداد الطلب على الشوكولاتة ويتخطى المقدار التي تنتجه الشركات بحاولي 1 مليون طن، فمن المتوقع أن تصل المبيعات في البرازيل وحدها في 2017 إلى 18.5 مليون دولار، كما يزداد الاستهلاك في الصين للشوكولاتة بنسبة 6.8%، فإذا تخيلنا استهلاك كل فرد في الصين استهلك شوكولاتة واحدة إضافية، فسيعادل ذلك استهلاك 255.000 طن من الكاكاو، ومن أجل تحقيق هدف زراعة مزيد من الكاكاو بنسبة 7% يجب على المزارعين زراعة مزيدًا من الهكتار بمقدار 638 هكتارًا (الهكتار يعادل 10.000 متر مربع)، وهو بالطبع يبدو هدفًا شبه مستحيل، فالآن هل يمكن أن تعيش في عالم بدون شوكولاتة؟