تحيي الحركة الطلابية في تونس هذه الأيام الذكرى الـ 26 لـ “حركة فبراير 90” التي خاضها الطلبة بقيادة الاتحاد العام التونسي للطلبة ضد نظام بن علي.
وفي هذه الذكرى الـ 26، جدد قدماء الاتحاد العام التونسي للطلبة طلبهم بضرورة رد الاعتبار للحركة الطلابية وللاتحاد، واعتراف الدولة بالجرائم المرتكبة ضد أبناء الاتحاد ومنظمتهم.
وخاض الاتحاد العام التونسي للطلبة معركة فبراير 1990 تحت شعار الحفاظ على مكاسب الحركة الطلابية وخوض معركة الحريات، فبعد ثلاث سنوات من وصول زين العابدين بن علي إلى رئاسة الدولة التونسية، انكشف زيف خطاباته ووعوده الكاذبة بالحرية والديمقراطية.
حيث دعت الهيئة الإدارية للاتحاد إلى شن إضراب عام يومي 30 و31 يناير 1990 في كافة الجامعات التونسية، كما تم عقد تجمع عام يوم 15 فبراير 1990 بكلية الحقوق بتونس، اتخذ خلاله الاتحاد قرارًا بإعلان إضراب عام لثلاثة أيام 15 و16 و17 فبراير، وتلى هذا التجمع العام مظاهرة طلابية وقعت خلالها مواجهات مع قوات الأمن.
وأعلنت وكالة الأنباء الرسمية “وكالة تونس أفريقيا للأنباء” قبيل افتتاح السنة الجامعية 1989/ 1990 أن شعار هذه السنة الجامعية سيكون بالنسبة لوزارة التربية والتعليم هو حياد الجامعة والفضاء الجامعي على الصعيد السياسي في إشارة إلى منع العمل السياسي في الجامعة، ومحاولة من السلطة آنذاك جعل الجامعة تحت سيطرتها، وخاصة تحييدها وعزلها عن النشاط السياسي العام.
ونظم الاتحاد يوم 20 فبراير أحد عشر اعتصامًا في تونس العاصمة بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس ودار المعلمين العليا للتعليم التقني بتونس وكلية العلوم بتونس وفي سوسة بكلية الحقوق وفي صفاقس بكلية الحقوق وفي القيروان بكلية الآداب وفي قابس في المدرسة الوطنية للمهندسين وفي كليات أخرى، وتدخلت قوات الأمن لفض تلك الاعتصامات في البداية، ثم قامت بمداهمات ليلية للعديد من الأحياء الجامعية واقتحمت الكليات.
تم إيقاف الأمين العام للاتحاد عبد اللطيف المكي وهو عائد من تفقد اعتصامات سوسة والمنستير ليلة 20 فبراير بجانب دار المعلمين العليا للتعليم التقني بتونس وبحوزته خطّة الاتحاد التي يقول عنها المكي إنها تتمثل في إحداث شلل تام في الجامعة لإجبار الوزارة للاستجابة لمطالب الطلبة.
ولمواجهة هذه التحركات قامت الدولة بإقرار “التجنيد الإجباري” وذكرت اللجنة الوطنية للدفاع عن الطلبة المجندين التي تكونت إثر عمليات التجنيد الواسعة التي شملت طلبة من أغلب الأجزاء الجامعية أن عدد الطلبة المجندين بلغ 493 طالبًا مجندًا، وقد يكون عدد الطلبة المجندين قد بلغ 600 طالب حسب العديد من المتابعين، كما تم اعتقال العشرات من منخرطي وأنصار الاتحاد وتم الزج بهم في السجون.
تم توجيه المجندين من طلبة الاتحاد العام التونسي للطلبة إلى منطقة “رجيم معتوق” في قلب الصحراء التونسية وجزيرتي زمبرة وزمبرة الواقعتين في البحر الأبيض المتوسط (مناطق عسكرية وغير مأهولة بالسكان).
وأمام الشلل الذي مس أطر الاتحاد عبر عملية التجنيد التي كانت تستهدف بالأساس الهياكل الدنيا والوسطى، أصدر مجلس إطارات الاتحاد (هيكل غير موجود في قانون الاتحاد الرسمي لجأ المكتب التنفيذي إليه لجمع ما تبقى من مسؤولي الاتحاد الذين لم يقعوا في قبضة الأمن ولم يتم تحويلهم إلى الثكنات) المنعقد في أحد المنازل في جهة بن عروس يوم 5 مارس بيانًا دعا فيه إلى فك الإضراب، وجاء في البيان المذكور أن “الإضراب كشكل من أشكال النضال قد حقق أهداف المرحلة في الاحتجاج ولا يقل قرار الإيقاف الذاتي للإضراب قوة سياسية ونضالية عن قرار سن الإضراب وتنفيذه”.
واعتُبِرت كل تحركات الاتحاد من قِبل السلطة والأطراف الطلابية المناوئة له ذات خلفية سياسية تعكس الخلافات التي طفت على السطح بين السلطة السياسية وحركة النهضة من جهة وبين هذه الحركة ووزير التربية والتعليم محمد الشرفي من جهة أخرى، ومضى ألف أستاذ جامعي نداءً يدين موقف الإسلاميين ويساند الوزير محمد الشرفي.
وقال عبد الرزاق الغلوشي من جامعة المنستير “في فترة تجنيدي وعند هروبي من منطقة التجنيد رفقة 3 طلبة آخرين، قطعنا 120 كيلومترًا في الصحراء ثم تم إرسالنا إلى المستشفى بنفطة (محافظة توزر) لتلقي العلاج نظرًا لنقص الماء في أجسادهم”.
ورغم ما انتهت عليه الأحداث، إذ لم يحقق الاتحاد العام التونسي للطلبة أيًا من المطالب التي تقدم بها حتى بعد استقبال رئيس الدولة لعبد اللطيف المكي أمينه العام يوم 11 أبريل 1990، سوى وعد بسحب الأمن الجامعي خلال السنة المقبلة.
ولعزل الاتحاد ومساندة النظام القائم تمّ تأسيس لجنة وطنية لإنقاذ السنة الجامعية حسب تعبيرهم، مكونة من قِبل شخصيات تنشط في الرابطة التونسية لحقوق الإنسان والمعهد العربي لحقوق الإنسان والاتحاد العام التونسي للشغل ترأسها محمد الطرابلسي عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل بالإضافة إلى عناصر أغلبها من قدامى مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس وأنصاره ونادى البعض بسحب تأشيرة الاتحاد العام التونسي للطلبة.
وقال رئيس الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية محمد كمال الغربي “إلى اليوم مازالنا ننتظر معرفة حقيقة الانتهاكات في حق الاتحاد العام التونسي للطلبة ومناضليه”.