ترجمة حفصة جودة
تفاقم الفيضانات بسبب المد على السواحل الأمريكية كان نتيجة للغازات المسببة للاحتباس الحراري الناجمة عن النشاط البشري، وسوف تزداد المشكلة بشكل أسوأ في العقود القادمة، كما قال العلماء يوم الإثنين.
يشير العلماء أن هذه الانبعاثات الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري بالمقام الأول، هي التي تسبب ارتفاع المحيط بأسرع معدلاته منذ تأسيس روما القديمة، وأضاف العلماء، أن غياب الانبعاثات البشرية، سوف يؤدي إلى ارتفاع سطح المحيط بسرعة أقل وربما انخفاضه حتى، علمًا أن تزايد هذه الفيضانات بشكل روتيني يجعل الحياة بائسة في عدة أماكن مثل ميامي بيتش، شارلستون، كارولينا الجنوبية، نورفولك وفيرجينيا، حتى في الأيام المشمسة.
وبالرغم من أن هذه الأنواع من الفيضانات تؤدي إلى ارتفاع المياه المالحة بمستوى قدم أو اثنين فقط، إلا أنها تسبب توترًا بحياة بعض المدن، وذلك بقتل المروج والأشجار، إعاقة الطرق، انسداد مصارف المياه، تلويث إمدادات المياه العذبة، وفي بعض الأحيان قطع السبل إلى مجمعات كاملة من الجزر لعدة ساعات حيث تُغمر الطرق التى تربطها بالبر الرئيسي.
هذه الأحداث هي مجرد إنذار مبكر للأضرار القادمة، كما تشير الأبحاث.
“أعتقد أننا بحاجة لطرق جديدة للتفكير بشأن معظم الفيضانات الساحلية” يقول بنيامين ستراوس، المؤلف الرئيسي لواحدة من الدراستين الصادرتين يوم الإثنين، ويضاف: “الأمر لا يتعلق بالمد والجزر أو الرياح، إنه يتعلق بالبشر، هذه هي حقيقة معظم الفيضانات الساحلية التي نعاني منها الآن”.
في الدراسة الثانية، يقول العلماء إنهم قاموا بتحديد مستوى البحر بمرور الوقت وأكدوا أنه من المرجح أن يرتفع بصورة أسرع أكثر من أي وقت مضى خلال الـ 28 قرنًا الماضية، ومع ارتفاع معدل الزيادة بشكل كبير خلال القرن الماضي، فقد وجدوا أن ارتفاع درجات الحرارة التي يتحدث عنها العلماء سببها انبعاثات بشرية.
وقد أكدوا التنبؤات السابقة، التي تقول إنه إذا واصلت الانبعاثات الارتفاع بهذا المعدل خلال العقود القليلة القادمة، فسوف يرتفع سطح المحيط بمعدل 3 أو 4 أقدام بحلول عام 2100.
يقول الخبراء إن الوضع قد يزداد سوءًا في القرن 22 وما بعده، ومن المرجح أن يتطلب ذلك التخلي عن العديد من المدن الساحلية.
هذه النتائج ليست سوى مؤشر آخر على أن استقرار المناخ، الذي ازدهرت خلاله الحضارة البشرية لآلاف السنين، واستقرار المحيطات، الذي سمح بنمو المدن الساحلية الكبيرة، هما أمران يقتربان من نهايتهما.
“يمكننا أن نثق حتمًا بأن ارتفاع مستوى البحر سوف يستمر بالتسارع إذا استمر الاحتباس الحراري، والذي سيستمر بالفعل” يقول ستيفن رامستورف، أستاذ فيزياء المحيطات بمعهد بوستدام لأبحاث التأثيرات المناخية بألمانيا، ومؤلف مشارك في واحدة من الأبحاث التي نشرتها يوم الإثنين على الإنترنت المجلة الدورية للأكاديمية الوطنية للعلوم.
في التقرير الصادر مع الورقة العلمية، قامت منظمة الأبحاث المناخية والاتصالات بجامعة برنستون في نيوجيرسي باستخدام النتائج الجديدة لحساب أن ثلاثة أرباع الفيضانات العارمة التي تحدث في المدن على طول الساحل الشرقي، لن تحدث في غياب ارتفاع مستوى البحر الناجم عن الانبعاثات البشرية.
يقول المؤلف الرئيسي لهذا التقرير، د.ستراوس، إنه من المرجح أن يكون ذلك صحيحًا على نطاق عالمي، في أي من المجتمعات الساحلية التي شهدت زيادة في فيضانات المياه المالحة في العقود الأخيرة.
ارتفاع مستوى البحر يساهم بدرجة محدودة في العواصف الكارثية الضخمة والأعاصير المصاحبة، مثل إعصار كاترينا وساندي، ونسبيًا له تأثير أكبر على الفيضانات المزعجة المصاحبة لما يُعرف بالمد العالي.
يعد هذا التغير في تكرار المد والجزر أمرًا لافتًا للنظر، فعلى سبيل المثال، في العقد ما بين 1955 حتى 1964 في أنابوليس/ ميرلاند، تمكنت آلة تسمى مقياس المد والجزر من قياس 32 يومًا من الفيضانات، وفي العقد ما بين 2005 وحتى 2014 قفز الرقم إلى 394 يومًا.
قفزت أيام الفيضانات في شارلستون من 34 يومًا في العقد الأول إلى 219 يومًا في العقد الأخير، وفي كي ويست بفلوريدا قفز الرقم من الصفر في العقد الأول إلى 32 يومًا في العقد الأخير.
قاد هذا البحث الجديد الدكتور روبرت كوب، عالم الأرض بجامعة روتجرز، والذي فاز باحترام زملائه لتحضيره تقنيات إحصائية مفصلة لتتحكم في المشكلات طويلة المدى، مثل فهم تاريخ مستوى سطح البحر عالميًا.
واستنادًا إلى الأدلة الجيولوجية المكثفة، فقد عرف العلماء بالفعل أن مستوى سطح البحر ارتفع بشكل كبير في نهاية العصر الجليدي الأخير، بما يقرب من 400 قدم، مسببًا انحسار الشواطئ لمسافة 100 ميل في بعض الأماكن، كما أدركوا أن مستوى سطح البحر قد استقر بشكل أساسي مثل بقية العوامل المناخية، على مدار آلاف السنين، في الفترة التى نشأت فيها الحضارة الإنسانية.
ولكنهم لاحظوا بعض التغيرات الطفيفة في المناخ وفي مستوى سطح البحر خلال هذه الفترة، والورقة البحثية الجديدة هي المحاولة الأكثر شمولية لتوضيحها.
تبين الورقة أن المحيطات حساسة للغاية لأي تقلبات صغيرة في حرارة الأرض، فقد وجد الباحثون، على سبيل المثال، أنه عند انخفاض متوسط درجات الحرارة العالمية بمعدل ثلاث درجات فهرنهايت في العصور الوسطى، انخفض سطح المحيط بحوالى 3 بوصات خلال 400 عام، وعندما ارتفعت الحرارة قليلًا حدث العكس.
“تخبرنا الفيزياء أن تغير مستوى سطح البحر وتغير درجات الحرارة يجب أن يحدث بالتوازي” يقول د.كوب، ويضيف: “التسجيل الجيولوجي الجديد يؤكد ذلك”.
في القرن الـ 19 ومع نشوء الثورة الصناعية، بدأ سطح المحيط في الارتفاع بخفة، حيث قفز إلى 8 بوصات منذ عام 1880، ورغم أن هذا الرمق يبدو صغيرًا، لكنه تسبب في حدوث تآكل على نطاق واسع، كلفنا المليارات.
كما ارتفعت درجات الحرارة العالمية بمعدل 1.8 فهرنهايت منذ القرن الـ 19، لأسباب تعود بمعظمها للانبعاثات البشرية ، ويبدو أن سطح البحر يرتفع بوتيرة أسرع، حيث ارتفع مؤخرًا بمعدل قدم خلال القرن الماضي.
كان د. رامستورف، أحد مؤلفي الورقة البحثية الجدية، قد نشر تقديرات سابقة تقول إن سطح البحر قد يرتفع بمعدل 5 أو 6 أقدام بحلول عام 2100، لكن مع تحسين العمليات الحسابية في البحث الجديد، تقول أحدث التقديرات أنه سيرتفع بمعدل 3 أو 4 أقدام.
هذا يعني أن توقعات د. رامستورف أصبحت أكثر اتساقًا مع الحسابات الصادرة عام 2013 للهيئة الحكومية الدولية للتغيرات المناخية، وهي هيئة تابعة للأمم المتحدة تقوم بمراجعة وتلخيص أبحاث المناخ بصفة دورية، وقد وجدت هذه الهيئة أن استمرار ارتفاع الانبعاثات سوف يؤدي إلى ارتفاع سطح البحر من 1.7 إلى 3.2 قدم خلال القرن الـ21.
وفي لقاء مع د. رامستورف، قال إن هذه الارتفاع قد يصل في النهاية إلى 5 أقدام أو أكثر والسؤال الوحيد هنا: كم سيستغرق هذا من الوقت؟
يقول العلماء إن اتفاقية المناخ التي تم التفاوض عليها في باريس مؤخرًا، ليست طُموحة بما فيه الكفاية لمنع الانصهار الكبير في جرينلاند والقطب الجنوبي، وفي حالة تنفيذها بشكل كامل فقد تؤدي إلى إبطاء وتيرة الحدث نوعا ما.
“ببساطة، يذوب الجليد بشكل أسرع عند ارتفاع درجات الحرارة، هذه قاعدة فيزيائية”، يقول د. رامستورف.
المصدر: نيويورك تايمز