كأس الكابيتال وان
بطولة كأس رابطة المحترفين الإنجليزية، أو (Capital One Cup) كما يطلق عليها حاليًا، هي ثالث بطولات إنجلترا من حيث الأهمية بعد بطولتي الدوري وكأس الاتحاد، ولكن أهميتها تضاعفت هذا الموسم ببلوغ اثنين من أهم أعمدة الكرة الإنجليزية مباراتها النهائية، هما:
ليفربول: صاحب التاريخ العريق الحافل والحاضر الفقير المتواضع، ومانشستر سيتي: فريق الأثرياء الذي حوله سخاء ملاكه الجدد إلى منافس جدي على جميع الألقاب الممكنة.
فماذا عن اللقب الأول لهذا العام في البطولات الأوروبية الكبرى؟ وما هي العقبات التي استطاع الفريقان تجاوزها وصولًا إلى المحطة الختامية؟ وما هي حظوظهما في الظفر بلقب قد يمثل سلم الإنقاذ لموسمهما المحلي المخيب؟ وما هي إمكانياتهما الفنية والتكتيكية المتاحة في تلك المباراة؟
كل تلك الأسئلة وغيرها، سنجيب عنها في سياق التقرير التالي، والذي نفتتحه بنبذة تاريخية عن البطولة:
تاريخ بطولة كأس الرابطة
تشيلسي بطل النسخة الماضية
يعود تاريخ كأس الرابطة إلى مطلع الستينات من القرن الماضي، حين اقترح الحكم الدولي الإنجليزي السابق ورئيس منظمة الفيفا بين عامي 1961 و1974، السير ستانلي روس، أن تقام مسابقة جديدة خاصة بأندية إنجلترا وويلز إضافةً لبطولتي الدوري والكأس، وذلك بهدف دعم كرة القدم في البلاد، عبر تأمين مصادر دخل إضافية للأندية، وتوفير فرص مواتية لظهور اللاعبين وتحقيق الألقاب، وقد لاقى اقتراحه ترحيبًا لدى رابطة الأندية الإنجليزية، التي اتفق أعضاؤها على إقامة البطولة الأولى اعتبارًا من موسم 1960-1961، على أن تحمل اسم (League Cup) أي كأس الرابطة، وقد حقق نادي أستنفيلا لقب النسخة الأولى من البطولة، بعد تفوقه في النهائي على روثرهام يونايتد بنتيجة (3-2) في مجموع مباراتي الذهاب والإياب.
قانون البطولة منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا، يعتمد مبدأ خروج المغلوب دون خوض دوري مجموعات، وقد كانت المباريات النهائية للبطولة تقام من مرحلتي ذهاب وإياب في النسخ الـ 6 الأولى، قبل أن يصبح النهائي مقتصرًا على مباراة واحدة بدءًا من عام 1967، وينص القانون الحالي للمسابقة على مشاركة 92 فريقًا فيها، تتضمن أندية الدوري الممتاز الـ 20، إضافةً إلى 72 ناديًا من الدرجات الأدنى.
أما تسميتها بـ (Capital one Cup)، فتعود إلى عقد مع الجهة الراعية للبطولة منذ عام 2012، وقبل ذلك كانت البطولة تسمى بـ (Carling Cup) نسبةً إلى رعاتها السابقين.
الرقم القياسي لعدد مرات الفوز بهذه البطولة يحمله ليفربول برصيد 8 ألقاب، يليه كل من أستنفيلا وتشيلسي برصيد 5 ألقاب لكل منهما، ومن ثم تأتي أندية: مانشستر يونايتد، توتنهام، ونوتنغهام فورست، بـ 4 ألقاب لكل منها، أما لقب بطولة العام الماضي فقد ذهب لتشيلسي، بعد فوزه في النهائي على جاره اللندني توتنهام بهدفين نظيفين.
ليفربول ومانشستر سيتي
مانشستر سيتي بطل نسخة عام 2014
رغم ظهورهما مجتمعَين 15 مرةً في نهائي البطولة عبر نسخها الـ 55 الماضية، إلا أن الناديين لم يسبق أن تواجها في أية مباراة نهائية سابقة، فألقاب ليفربول الـ 8 أحرز 4 منها بشكل متتال بين عامي 1981 و1984، إضافةً إلى 4 أخرى أعوام: 1995، 2001، 2003، و2012، كما خسر النهائي 3 مرات أعوام: 1978، 1987، و2005، أما مانشستر سيتي فقد أحرز 3 ألقاب أعوام: 1970، 1976، و2014، وخسر نهائي عام 1974.
وبينما مثل إحراز السيتيزن لقب عام 2014 على حساب سندرلاند في النهائي بنتيجة 3-1، مفتاحًا لتتويج الفريق بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز في العام ذاته، مثل إحراز الليفر لقبه الثامن في هذه المسابقة، بفوزه الصعب في نهائي عام 2012 على كارديف سيتي بفارق ركلات الترجيح بعد التعادل 2-2، آخر عهد للفريق الأحمر بالبطولات، حيث غاب عن منصات التتويج نهائيًا منذ ذلك التاريخ.
الطريق نحو النهائي
من فرحة لاعبي ليفربول بتجاوزهم ستوك سيتي في نصف النهائي
بدأ الفريقان مشوارهما في بطولة هذا العام من الدور الثالث، حيث اكتسح مان سيتي مضيفه سندرلاند بنتيجة 4-1، فيما احتاج الليفر لضربات الترجيح من أجل التخلص من عقبة ضيفه كارلايل القادم من الدرجة الثالثة، وفي دور الـ 16 تابع السيتيزن اكتساحه فتغلب على ضيفه كريستال بالاس بنتيجة 5-1، فيما اكتفى الريدز بانتصار صعب على ضيفه بورتموث بهدف وحيد.
وفي ربع النهائي تجاوز مان سيتي ضيفه هال سيتي بنتيجة 4-1، وقلده الليفر باكتساحه مضيفه ساوثامبتن بنتيجة 6-1، لينتقل الفريقان إلى نصف النهائي، حيث خاضا مواجهتين صعبتين، فتفوق السيتيزن على إيفرتون – جار ليفربول اللدود – بمجموع لقائي الذهاب والإياب، بعد أن تجاوز هزيمته بنتيجة 1-2 في ملعب خصمه، بفوز عريض بنتيجة 3-1 في ملعب الاتحاد، فيما لم يستطع الريدز التخلص من كابوس ستوك سيتي إلا عبر ركلات الترجيح، بعد أن تبادل الفريقان الفوز في مباراتي الذهاب والإياب بهدف نظيف.
نظرة فنية تكتيكية
جانب من آخر مباراةٍ جمعت بين الفريقين
يعتمد الألماني يورغن كلوب منذ قدومه لتدريب ليفربول في أكتوبر الماضي على خطة 4-2-3-1، وهي الخطة ذاتها التي كان ينتهجها مع فريقه السابق بروشيا دورتموند، والتي حقق من خلالها نجاحات كبيرة، وخاصةً في مواجهة الفرق الكبرى، حيث تعتمد الخطة على ثبات رباعي الدفاع الخلفي مع دعمه بجهود لاعبي محور الوسط ذوي الميول الدفاعية، مع ترك مهمة شن الهجمات المرتدة الخاطفة لرباعي خط المقدمة الذي يتميز بالسرعة والمهارة، وبالمقابل، يلعب التشيلي مانويل بيلغريني عادةً بخطة 4-4-2 التقليدية، معتمدًا على امتلاكه العديد من أصحاب المهارات العالية في خط الوسط، مما يمكنه من امتلاك الكرة والإطباق على مرمى خصومه.
وستكون مهمة التعامل مع الغيابات الوازنة في التشكيلتين، هي العامل المشترك لدى المدربين، والذي قد يكون الفيصل في ترجيح كفة أحدهما على حساب الآخر، فغياب كل من المدافعين الأساسيين سكيرتل ولوفيرن سيجبر كلوب على الاعتماد على الثنائي البديل ساخو وكولو توريه أمام حارس المرمى مينوليه، فيما سيكمل الظهيران كلاين وألبيرتو مورينو قوام رباعي الدفاع الخلفي، أما لاعبا المحور المتاحان في خط الوسط فهما إيمري جان والكابتن هندرسون، في ظل إصابة جو ألين وابتعاد لوكاس ليفا عن مستواه، وتكمن نقطة قوة الفريق الكبرى في ثلاثي صناعة اللعب المميز المكون من: كوتينهو، فيرمينيو، وميلنر، الذي سيعوض غياب لالانا، فيما تحوم الشكوك حول هوية المهاجم الأساسي الذي سيدفع به كلوب، أيكون أوريجي أم بنتيكي؟ أم يلجأ للحل الثالث بإشراك فيرمينيو كمهاجم وتعويض مكانه بالجناح الشاب إيبي؟
أما في الجهة المقابلة، فرغم اكتمال صفوف الخط الخلفي بعودة القائد كومباني من الإصابة، ليلعب بجانب الثلاثي زاباليتا، أوتاميندي، وكولاروف، أمام الحارس جو هارت، إلا أن سلسلة الإصابات التي ضربت خط الوسط، وطالت نجمي الفريق دي بروين ونافاس، إضافةً إلى البديلين ديلف ونصري، جعلت خيارات بيلغريني محدودةً، ومحصورةً باستعمال الثنائي البرازيلي فيرناندو وفيرناندينيو كلاعبي محور، مع تقديم الدبابة يايا توريه للعب دور صانع اللعب الهجومي، إلى جانب الكناري العائد من الإصابة دافيد سيلفا، مع ترك مهمة تسجيل الأهداف للثنائي الرهيب أغويرو ورحيم ستيرلينغ، مع إمكانية إقحام الواعد إيهيناتشو كبديل ممتاز.
سيناريو اللقاء المتوقع هو استحواذ السيتيزن على الكرة واكتفاء الريدز بممارسة الهجوم المرتد، والذي قد يتحول إلى سلاح فتاك في حال فشل بيلغريني في إغلاق مناطقه الخلفية، كما حدث في آخر مباراة بين الفريقين في الدوري، والتي انتهت برباعية ليفربولية في قلب ملعب الاتحاد، أما إذا خالف كلوب التوقعات وبدأ مهاجمًا، طمعًا بضمان فوز مبكر، فقد ينقلب السحر على الساحر، وينجح بيلغريني وجنوده في تصفية حسابهم مع كتيبة الريدز.
المكان والزمان
مساء الأحد 28 فبراير عند الساعة 7,30 بتوقيت مكة المكرمة (4,30 بتوقيت غرينتش)، من المتوقع أن تمتلأ مدرجات ملعب ويمبلي الشهير بلندن عن بكرة أبيها انتظارًا للنهائي المرتقب، علمًا بأن نهائي العام الماضي شهد حضور 89294 متفرجًا، في رقم قياسي أعاد للأذهان ذكريات حقبة الثمانينات الإنجليزية الرائعة، والتي يأمل عشاق الريدز بإحياء ذكرى نجاحاتهم فيها، فيما يأمل أنصار السيتيزن بلقب جديد يعزز مشروعهم في التحول إلى قوة كروية إنجليزية وعالمية.
آخر ما يجدر ذكره أن إدارة المباراة أسندت إلى الحكم الدولي الإنجليزي مايكل أوليفر صاحب الـ 31 عامًا.