إذا كنت تعرف شخصًا مكفوفًا في دائرتك المقربة، فإنك لن تجد هدية أفضل على الإطلاق من هذا الابتكار القادم من باحثي جامعة ميتشيجين، فالشخص الأعمى لا يقبع في سجن حرمان الإبصار فحسب، وإنما، في سجن الأدوات المتوفرة له أيضًا، تخيل مثلًا أن الكمبيوتر اللوحي (التابلت) الخاص بك غير قادر إلا على عرض سطر واحد فقط في المرة؟ بل وتخيل، أنك لا تستطيع تغييره بسهولة عندما تنزل النسخ الأحدث، لأن ذلك سيكلفك مئات الآلاف من الدولارات؟
لكن الباحثين لم يقبلوا باستمرار ذلك.
الجهاز الذي ما يزال تحت التطوير، يعتمد على السوائل أو الهواء، لملء فقاعات صغيرة، تطفو على سطح شاشة التابلت، وتكون النمط المراد من الكلمات بطريقة برايل، وقد قالت سيل أومودهريان، الأستاذة في تكنولوجيا الفنون، والتي تعاونت في إنجاز النموذج الأولي، إن كل فقاعة لديها القدرة على أن تفتح، أو تبقى مغلقة، للسيطرة على السائل المتدفق بعد كل أمر يرد لها.
هذا، ليس التابلت الأول للمكفوفين بطريقة برايل، لكن التكنولوجيا الموجودة حاليًا، لا تسمح بعرض أكثر من سطر واحد، مكلفة في ذلك مئات الآلاف من الدولارات كما أسبقنا، كما أنها تستخدم دبابيس بلاستيكية تصعد وتهبط بواسطة محرك، وهو ما وجد الفريق استحالة تكراره إن رغبوا في عرض صفحة كاملة بدل سطر واحد، لأنهم لن يستطيعوا وضع كل هذا العدد من الدبابيس بشكل مكثف، وهو ما أدى بهم لبدء ابتكار طريقة جديدة من الصفر، بالاعتماد على علم السوائل الضئيلة (الميكروفلويد)، وهذا الخيار هو ما سيجعل إمكانية ظهور تابلت للمكفوفين بالحجم اللوحي العادي، ممكنًا.
الفريق استلهم تقنيات التصنيع الخاصة به من صناعة السيليكون، حيث توضع الرقائق كطبقات فوق بعضها، بدلًا من وجود العديد من الأجزاء الصغيرة المفككة التي يتم تجميعها، وكنتيجة لاستخدام هذه التقنية، فإن جامعة ميتشيجين سوف تقلب موازين السوق رأسًا على عقب، عندما تعرض هذا التابلت المتطور بسعر لا يتجاوز ألف دولار فقط!
وقد قال كريس دانييلسين، المتحدث باسم الاتحاد الوطني للمكفوفين، إنه لاحظ في الوقت الحالي أن الكثير منهم يجدون فكرة قراءة سطر واحد في المرة، أبطأ وأكثر إرهاقًا من خدمة تحويل النص إلى صوت، ولذا، فهو يعتقد أن هذا التابلت الجديد، بشاشته الكبيرة، وسعره المعقول، سوف يحقق تغييرًا دراماتيكيًا في حياة المكفوفين.
فبحسب تقرير إحصائي صدر عن الاتحاد الوطني للمكفوفين في 2009، فإن تعلم لغة برايل بينهم هبط من 65% في الستينات، إلى أقل من 10% فقط بين الأطفال المكفوفين، بسبب خدمة التحويل الصوتي للنصوص.
لكننا ما زلنا نحتاج هذه اللغة التي يبلغ عمرها أكثر من مئتي عام، فكتب برايل كانت تعرض بجانب سطور الكتابات، صورًا تم تحويلها إلى شكل ملموس، يشعر بها المكفوف بأصابعه، وهو ما لا تستطيع الخدمة الصوتية أن تقوم به، كما أن النسخ الصوتية من بعض الكتب قد لا تتوفر، ما يضطر المكفوفين للبحث عن أحد يقوم لهم بهذه الخدمة في مقابل ثمن مكلف.
وقد قالت الأستاذة أومودهاريان، أنك سوف تحتاج إلى لغة برايل، إن أردت أن ترى أشياء مكتوبة مثل الأكواد أو الموسيقى أو حتى الرياضيات، وهو ما لا يتاح الآن لكثير من الأشخاص.
الأستاذة تعتقد أن هذه التكنولوجيا سوف تصبح متاحة تجاريًا للناس بعد سنة ونصف من الآن، والتي قد تستخدم في تطبيق آخر غير تابلت برايل في البداية، لخفض تكلفة اعتمادها فيما بعد للمكفوفين، مضيفة أن دخول هذا التابلت إلى المدارس سوف يكون عظيمًا، فبهذا سيتمكن الأطفال المكفوفين من قراءة العلوم والرياضيات.
ويمكنك أن تشاهد الطريقة المدهشة لعمل هذا التابلت الجديد من هنا: