الأرض أرضهم والمقدسات بوصلتهم ويدافعون عنها بكل ما أوتوا من قوة وحب للوطن، لا يثنيهم عن ذلك يد البطش الإسرائيلية بل يزدادون حماسة ودفاعًا دون ملل.
أطفال القدس وشجاعتهم في رمي الحجارة والزجاجات الحارقة أصبحوا هاجسًا يرافق دولة الاحتلال المزعومة بكل ما تملكه من ترسانة عسكرية ومنظومة أمنية فشلت في إيقاف يد طفل أعزل يقاوم محتلاً غاصبًا.
تستخدم سلطات الاحتلال سياسة الحبس المنزلي ضد أطفال مدينة القدس كوسيلة ردع لهم لمقاومتهم الاحتلال ورشقهم الحجارة على الدوريات الإسرائيلية والقطارات الخفيفة المارة في شوارع القدس وضواحيها.
تواجه قوات الاحتلال الإسرائيلية معضلة كبرى في توفير الأمن اليومي لمواطنيها، وازدادت الشكاوى من قِبل المواطنين بسبب ذلك ولعدم شعورهم بالأمان داخل بيوتهم والأحياء الخاصة بهم، والتي هي بالأصل أحياء عربية احتلوها سابقًا، فلم يعد بإمكانها إيقاف مثل هذه الهجمات المستمرة عليهم.
إجراءات احترازية
تقوم قوات الاحتلال بتنفيذ عدة عقوبات ميدانية وأخرى قانونية ضد من يضرب الحجارة من الأطفال وأهالي المنطقة، تارةً تعاقبهم بالضرب الجسدي وتارة أخرى بضرب قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع على البيوت ومداهمتها للضغط على الأطفال وعدم تكرار ذلك.
كما تعمد قوات الاحتلال إلى اعتقال أولياء أمور الأطفال لفترات قصيرة وطويلة، وتفرض عليهم غرامات مالية باهظة، وكذلك نشر كاميرات المراقبة داخل الأحياء السكنية وفي الشوارع الرئيسية لمراقبة كل التحركات ومعرفة الأشخاص وصورهم وملاحقتهم.
كل ذلك لم يجد نفعًا مع صمود هؤلاء الأطفال ودفاعهم عن وطنهم بكل ما يملكون، فكانت سياسة الحبس المنزلي “الإقامة الجبرية” التي انتهجها الاحتلال ضدهم.
سياسة اللاإنسانية
يعتبر الحبس المنزلي إجراءً قانونيًا حسب القانون الإسرائيلي، وأحد البدائل للاعتقال الفعلي، فالقانون لا يجيز سجن الأطفال الذين يقل سنهم عن 14 عامًا، فيلجأ الاحتلال لسياسة الحبس المنزلي والإبعاد.
ويفرض الاحتلال نوعين من الحبس المنزلي على أسرى وأطفال القدس، فالبعض يفرض عليه الحبس المنزلي ولا يستطيع الخروج منه مطلقًا، والبعض الآخر يفرض عليهم إبعادًا لمنازل أقارب لهم بعيدًا عن منزله ومنطقته السكنية، وهو زيادة في العقاب والردع.
كما تستخدم قوات الاحتلال أحيانًا سياسة الحبس المنزلي، والحبس المنزلي مع الإبعاد، مع الشباب والرجال وليس الأطفال فقط، لتخفف عن كاهلها أعداد الأسرى داخل السجون وتكاليفهم المادية، حيث أنفق الاحتلال مبالغ باهظة على سياساته الرادعة للفلسطينيين في محاولة منه لإيقاف انتفاضة القدس الحالية وعدم تطورها لمراحل متقدمة بالمقاومة ، خصوصًا بعد فقده السيطرة عليها، ظنًا منه أنها هبة جماهيرية سرعان ما تهدأ.
ضغوطات نفسية
شعور سيء عندما يصبح أهل بيتك هم سجانوك، وكذلك هو أسوأ على أهل البيت بسجنهم ابنهم ومراقبتهم له ولتحركاته وضبطه وعدم السماح له بالخروج ومغادرة المنزل تحت أي ظرف كان، فيؤثر سلبًا على الطفل والأهل معًا.
عمدت قوات الاحتلال بهذه السياسة معاقبة الطفل أو الشاب والأهل نفسيًا والضغط عليهم، فأنت تفقد تواصلك مع أصدقائك وزملائك بالعمل والتنزه وممارسة الحياة اليومية، بحيث تصبح حياتك بغير معنى.
يواجه الطفل تأثيرات سلبية في عدم مقدرته على الذهاب للمدرسة ومتابعة حصصه المدرسية كباقي الطلبة، وبعضهم يحرم من تقديم امتحانات الثانوية العامة “التوجيهي”، وكذلك يصل لمرحلة الاكتئاب واللعثمة في الكلام والعصبية وكثرة كوابيس النوم بحيث يبقى في حالة نفسية سيئة ترافقه حتى بعد فترة طويلة من انتهاء فترة الحبس.
كذلك يفرض على البعض أن يكون الحبس خارج منطقته السكنية والإبعاد لمنطقة أخرى، وهذا يجبر الأهل على البحث عن بيت إضافي خارج الحيّ، ويضعهم في أعباء مالية وحرج مع السكان، ويضع الطفل في حالة نفسية سيئة بسبب عدم معرفته التأقلم بسهولة بالبيت الجديد والتعامل مع سكانه.
تتطلب هذه السياسة وقفة حاسمة على كافة المستويات الشعبية والرسمية ومنظمات حقوق الإنسان، فتمادي قوات الاحتلال في ذلك لا بد له من تصرف جدي يوقف سياسة الاحتلال الظالمة بحق الأطفال الفلسطينيين.