ربما يشاركني الكثير القول أن عام 2016 هو عام محبي القصص المصورة comic books بلا منازع، فمع صعود نجم شركات مثل دي سي كوميكس ومارفيل يونيفيرس ومع تصاعد إيرادات أفلام مثل المنتقمون AVENGANERS وفيلم رجل الحديد man of steel ولا ننسى الأسطورة ثلاثية أفلام باتمان dark knight لكريستوفر نولان والتي تظل بالنسبة لكثيرين السلسلة الأفضل للأفلام المبنية على القصص المصورة وأفلام الأبطال الخارقين ولكثيرين هو رمز الحرية والثورة ضد الظلم.
“مت كبطل أو عش كفاية لترى نفسك تصبح الشرير” من العبارات الخالدة في فيلم the dark knight رائعة باتمان لكريستوفر نولان
في البداية إذا كنت ممن يؤمنون بأن الخيال ما هو إلا مضيعة للوقت ورفاهية لا يتمتع بها غير الكسالى، فعليك أن تعيد صياغة مفاهيمك فعندما تكتشف أن فيلم face off الذي تم إنتاجه في تسعينات القرن الماضي تحول إلى حقيقة في الوقت الحالي – بعد أن تم نقل وجه شخص ميت سريري لرجل إطفاء خسر وجهه بسبب حريق وتمت العملية بنجاح – ستعيد التفكير قبل أن تستهين برمزية الخيال، فأحيانا الخيال يرمز للحلم وربما أحيانًا يرمز للأمل.
في البداية لا بد أن نتفق أن الاتجاه العام في هوليوود الجديدة هو تحويل الرموز والأساطير من خيال إلى واقع يمكن للمشاهد أن يتعايش معه، وربما نرى بعض الأفلام تطرح قضايا ربما لا نرغب في التعرض إليها كما حدث في تحويل عدد من الأساطير الدينية من كونها أساطير دينية يصعب للعقلية المادية استيعابها إلى واقع يسهل لجميع المشاهدين استيعابه كما حدث في فيلم Noah وإن كنت أختلف مع هذا الفيلم كثيرًا من نواحي نقدية بحتة.
من هذا المنطلق بدأ كريستوفر نولان إعادة تقديم أسطورة أو في هذه الحالة رمز باتمان فارس الظلام من كونه أسطورة إلى رمز واقعي كما فعل جونستون ماكولي في تحويل أسطورة زورو لرمز لمقاومة الظلم والحرية، وبالفعل قام نولان بتحويل الأسطورة لواقع اعتمادًا على رمزية الفكرة ورمزية الصراع ضد الظلم والجريمة، وفي نفس الوقت رمز للأمل، فعندما يفقد البشر الأمل ويتشح الحاضر بالسواد يبدأ البشر بالبحث عن الرمز للأمل، وبناءً عليه ففي رائعة نولان ثلاثية أفلام باتمان تم تقديم باتمان كرمز، ونظرًا للتقنية الواقعية المستخدمة أصبح من الممكن تحويل شخصية باتمان من شخصية comic books إلى شخصية حية، في هذه النقطة يمكنك تفقد الفيلم الوثائقي Batman Technology Real Life من إنتاج ناشونال جيوجرافيك حيث ستشاهد نفسك أن العلوم التي بنى عليها شخصية باتمان أصبحت موجودة في الواقع ويمكن أن يكون شخصية واقعية
واقعية الرمز
حتى في عالم القصص المصورة عندما انتشرت شخصية سوبر مان وأصبحت الشخصية الأولى عند محبي القصص المصورة ظهرت شخصية باتمان والتى ألقت بالكرة في ملعب البشر والإيمان بقدرات الإنسان وبعبقرية العقل البشري كسلاح في مواجهة الظلم والظلام.
شخصية باتمان التي أصر نولان على تقديمها هي رمز للعدل والقيم العليا كالعدل المطلق والحرية.
رمزية الصراع بين قدرات الإنسان والقدرات الخارقة، وأيضًا قام نولان بطرحها في روايته المصورة the dark knight return حيث طرح صورة عودة فارس الظلام وصراع المثالية ضد الواقع متمثلاً في باتمان وسوبر مان والمعركة الملحمية والتي ألهمت صناع فيلم Batman v Superman dawn of justice في المشهد الأيقوني لمحبي القصص المصورة للمعركة بين القيم التي يمثلها باتمان كرمز للأمل لدى الشعب وبين الواقع الذي يمثله سوبر مان والواقع الذي تفرضه الحكومات على الشعوب.
وفي نهاية هذا الصراع المصور ينتصر باتمان على سوبر مان بعقله البشري وبتقنيات بشرية مما يرمز لانتصار المثل العليا والأمل لدى الشعوب ضد سيطرة الحكومات وتخاذلها تحت وطأة السياسة والقوانين التي لا تحمي حقوق الشعوب.
كما كان زورو رمزًا لمحاربة المحتل وكما كان في القصص المصورة الأصلية لباتمان من تأليف بوب كين مبتكر الشخصية – والذي كان شابًا صغيرًا في هذا الوقت لم يبلغ حتى العشرين من العمر – كان زورو هو الملهم الأساسي لبروس واين ليتحول لشخصية باتمان، فقد كان هناك العديد من القصص الواقعية في حرب استقلال المكسيك والتي تحكي عن شاب إيرلندي اسمه “جوين لامبادو” هاجر للمكسيك وتم اعتقاله لنشاطاته ضد المحاكم الإسبانية وكيف هرب من السجن ليصبح بطلاً شعبيا وأسطورة ويفضح القضاة الإسبان الفاسدين وعصبيات الرجل الأوروبي.
كما كان من قبل روبن هوود رمزًا لأمل للفلاحين الإنجليز في ثوراتهم ضد طبقة النبلاء والأرستقراطيين في إنجلترا.
وبالطبع لا ننسى فيلم v for vendetta واستقاءه رمزية الصراع في مؤامرة البارود لاغتيال الملك جيمس الأول واستخدام شخصية جاي فوكس كرمز للثورة ضد الحكم.
باتمان ليس مجرد رمز للأطفال بعد الآن فللقصة أبعاد أخرى.
وأنهي هذا المقال بهذا الاقتباس لشخصية باتمان من فيلم Dark knight rises:
“البطل يمكن أن يكون أي شخص! البطل يمكن أن يكون ذلك الرجل الذي يفعل شيئا بسيطا ومطمئنا مثل أن يضع المعطف على كتف طفل صغير ليخبره بأن العالم لم ينته بعد!”