النرجسيون حولنا في كل مكان، من السهل التعرف على الشخصية النرجسية فورًا بدون إعادة التفكير في الأمر، بالطبع كانت النرجسية من قبل شيئًا غير اعتيادي على المجتمع بالنسبة للأشخاص الطبيعين، فكثرت الأقاويل بأنك تعرف النرجسي حين يحاول أن يعيد دفة الحديث حول نفسه مرة تلو الأخرى، وذلك لا يشوبه أي شيء من الخطأ، فبالفعل الشخصية النرجسية تحاول أن تجعل من نفسها مركز الحديث والمكان، وأن تُلفت الأنظار حولها وأن تجعل من نفسها شخصية ذات قيمة أكبر من قيمتها الفعلية، إلا أن طبيعة الحياة الآن والتي اختلفت كثيرًا عما كانت منذ عقد واحد فقط تجعل من الشخصيات الطبيعية في المجتمع شخصيات نرجسية بشكل لا إرادي، فمع تلك الإعلانات في الطريق حولنا والتي نراها كل يوم بداية من “كن نفسك”، “حقق حلمك”، “افعلها على طريقتك الخاصة”، “حان الوقت لأن تكون مع نفسك قليلًا”، كل هذا وأكثر من شعارات الماركات العالمية والمطاعم والهواتف الذكية يجعل المجتمع يتجه بشكل لا إرادي نحو الفردية “individualism”، كما أنه يشجع النرجسية بشكل واضح وينشرها بين المجتمع.
إذا أمعنت النظر في منشورات أصدقائك على وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها، ستجد أن هناك أغلبية نرجسية منهم بشكل واضح، فستجد البعض يكتب “أنا وأعظم الأصدقاء”، “أنا وهذا أنا وأنا أقضي وقتًا عظيمًا”، “هذا أنا في أتعس حالاتي”!، الكل يدور في فلكه زاعمًا بأنه يشارك الآخرين حينما ينشر منشورات كتلك معتقدًا أن الجميع مهتم للغاية بمعرفة أخباره.
النرجسي لا يكون وقحًا معظم الوقت، ستجده مسليًا واجتماعيًا بدرجة كبيرة ما دامت علاقتك به سطحية، ولكن لا تتوقع أن تستمر العلاقة كذلك إذا اتخذت علاقتك به شكلًا جديًا، فالنرجسي سيتحول إلى شخصية وقحة تحاول جعل نفسها في مركز الكون، ويمكنها أن تقلل من قيمة أي شخصية تحاول الاقتراب منها، كما أنه لا يجب عليك أن تقنع النرجسي بأنه على خطأ، لأنه لن يقتنع أبدًا، النرجسي دائمًا على حق من وجهة نظره، فالنرجسي لا يفهم كيف لا يجده الناس على صواب طوال الوقت.
هل أنت انطوائي، أم نرجسي متخفٍ؟
هل سألت نفسك هذا السؤال من قبل؟ قبل الإجابة دعنا نتعرف على أنواع الانطوائيين، هناك أربعة أنواع من الانطوائيين:
الانطوائي الاجتماعي:
وهو الذي يفضل الانضمام إلى مجموعات صغيرة جدًا من الناس على عكس الانضمام إلى المجموعات الكبيرة من الأصدقاء، أو الانطوائي الذي يكتفي بصديق واحد مقرب، أو ذلك النوع الذي يفضل التواصل عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي فقط.
الانطوائي المُفكر:
هم الأشخاص الذين يتمتعون بقدرات فائقة من الذكاء، ويجدون صعوبة في مشاركة ذلك مع من حولهم من الناس ذوي القدرات العادية أو المتوسطة من الذكاء.
الانطوائي القَلِق:
على عكس الانطوائي الاجتماعي، فالانطوائي القلق يسعى وراء العزلة بسبب شعوره بالغربة حين يتواجد وسط الناس، وذلك بسبب انعدام ثقته بقدراته الاجتماعية، لذلك فهو يفضل الانسحاب.
الانطوائي المكبوت:
من الممكن استعمال مصطلح الانطوائي الكتوم لهذا النوع من الانطوائية، فهو ذلك النوع من الأشخاص الذي يفكر مرتين قبل أن يتكلم أو يتخذ فعلًا، للكاتب هاروكي موروكامي مقولة توضح الانطوائي الكتوم في كتابه “What I Talk About When I Talk About Running” حيث يقول في الكتاب “عندنا أضع حذاء الجري وأستعد للرياضة، أشعر بأن قدماي ثقيلتان للغاية وكأنني لن أستطيع تحريكهما للأبد، هكذا يعمل عقلي أيضًا، بطيء جدًا قبل أن يبدأ في العمل”.
يحب الانطوائيون أن يستغرقوا في أفكارهم وحدهم، والتي تكون في أغلب الوقت أفكار عنهم أو تخصهم، ولكن ألا يفعل ذلك النرجسيون أيضًا! هناك العديد من التشابهات بين الشخصية النرجسية والشخصية الانطوائية، فكلاهما يقع في مصيدة التأمل الذاتي والتي تصل إلى الانشغال الذاتي أو احتلال الذات “self-preoccupation” في بعض الحالات المتقدمة، ربما تعرف إحدى تلك الشخصيات في حياتك اليومية، أولئك الذي يشعرون بأنهم متجاهلون من قبل الجميع ولا يقوم أي شخص بملاحظة قدراتهم أو مميزاتهم، فهم أيضًا يعتبرون النقد مشكلة شخصية ولا يتقبلونه بسهولة، كما يشعرون بالامتعاض إذا شاركهم أحد الأصدقاء مشاكلهم الخاصة.
ليس بالضرورة أن يكون كل نرجسي انطوائي، ولا أن يكون كل انطوائي نرجسي، ولكن هناك علاقة وطيدة بين الانطوائية والميول النرجسية الخفية، فمن الممكن جدًا أن يكون الشخص انطوائي ونرجسي متخفٍ في الوقت نفسه، ليس كل نرجسي انطوائي بالتبعية، ولكن كل انطوائي هو نرجسي متخفٍ بالتأكيد.
تذكر المراجع الأكاديمية النرجسية المتخفية تحت عدة مصطلحات مختلفة، منها النرجسية المغلقة، النرجسية شديدة الحساسية، والنرجسية الضعيفة “سريعة التأثير بالنقد”، كما ذكرها خبراء الطب النفسي بأنها صفة ملازمة للشخص المريض بجنون العظمة، والشخص الذي يشك في كل من حوله ومن يعتقد أن لديه شخصية تفوق الجميع في ذكائها.
هناك فرق بين النرجسية والبارانويا “داء جنون العظمة”، حيث يخلط البعض بينهما، كما يتهم الكثير كل من يتمحور حول ذاته أو يتسم بزيادة الأنا عنده بأنه شخصية نرجسية، في حين أنه ليس كل من يقوم بالتركيز على نفسه نرجسي بالضرورة، ولكن يجب الحذر من أن الشخصية النرجسية ماهرة في التلاعب، وخاصة التلاعب بالمشاعر، حيث يبرع النرجسي في زيادة عدد المعجبين به كل يوم عن طريق التلاعب بمشاعرهم وأفكارهم وذلك ليقوم بتغذية الأنا عنده.
يعتقد العديد من علماء الطب النفسي أن النرجسية الخفية “covert narcissism” ليس لها علاقة بالنرجسية العادية، ولكنها شكل من أشكال “العصابية” ” neuroticism” وهي الحالة التي نجدها في الشخص القلق والمتوتر والغاضب والخائف دومَا، والذي يشعر بالغيرة والوحدة معظم الوقت، كما يجب الذكر بأن النرجسية لا تعتبر اضطراب في الشخصية والذي يُعد مرضًا ضمن الأمراض النفسية، ولكن عندما يبدأ الشخص النرجسي بارتكاب مشاكل ضخمة في محيط عمله وعائلته، حينها يمكن إدراجه تحت مرض اضطراب الشخصية.