أكدت رئاسة الحكومة في تونس وفق بيان صادر عنها اليوم أنها “تقدمت أمس بشكاية لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس قصد إجراء تتبع عدلي ضد مسيري النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي وكل من سيكشف عنه البحث وتتبعهم جزائيًا”.
وأكدت الحكومة “أن هذه الشكاية جاءت بعد اقتحام حرمة مقر رئاسة الحكومة بالقصبة وترديد شعارات سياسية والتهديد بالعصيان والتلفظ بعبارات غير أخلاقية تمس من هيبة الدولة ومن مؤسساتها، إلى جانب إلحاق ضرر بالسير العادي لمصالح الدولة وحث على بث البلبلة والإخلال بالأمن العام وبمقتضيات حالة الطوارئ”.
وتظاهر المئات من عناصر الأمن التونسي، الخميس الماضي، أمام قصر الحكومة بالعاصمة، لمطالبة رئيس حكومة بلادهم الحبيب الصيد بالاستجابة لمطالبهم بخصوص تحسين أوضاعهم الاجتماعية وزيادة رواتبهم.
واتهم المتظاهرون الحكومة التونسية بـ “المماطلة” وعدم الاستجابة لمطالبهم التي وصفوها بـ “الشرعية”، ورفعوا شعار “ارحل” ضد من وصفوهم بـ ”الأزلام” في وزارة الداخلية (في إشارة إلى المسؤولين الذين تم تعيينهم مؤخرًا في وزارة الداخلية وكانوا قد شغلوا مناصب في نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي الذي أطاحت به ثورة شعبية عام 2011).
ونددت رئاسة الحكومة أمس، بمحاولات اقتحام عناصر أمن، مقرها، بالعاصمة، وبينت أن هذه “الممارسات المشينة، والتجاوزات الصارخة، والتهديد بالعصيان، تتنافى مع أحكام الدستور والقوانين الجاري بها العمل، فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال التساهل معها أو التغاضي عنها”.
وقالت الحكومة في بيان صادر عنها أمس الجمعة: “تعبر رئاسة الحكومة عن تنديدها الشديد بتعمد عدد من المنتسبين للنقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي، اقتحام حرمة مقرها، في القصبة، وتعطيل نسق العمل، وترديد شعارات سياسية وتهديدات أبعد ما تكون عن العمل النقابي الأمني، والمطالب المهنية، والتلفظ بعبارات نابية وغير أخلاقية، وهي تصرفات تدخل تحت طائلة القانون”.
من جهته عبر حزب آفاق تونس (أحد أحزاب الائتلاف الحاكم) عن “استنكاره الشديد تجاه التحرك الاحتجاجي الأخير من قِبل جزء من النقابات الأمنية في تعد صارخ على القانون وازدراء خطير لحرمة مؤسسات الدولة مما يبعث برسالة سيئة تهز الثقة في مؤسسات الدولة وقدرتها على حماية القانون وتوفير الأمن لمواطنيها”، وبين الحزب أنه “لا مجال للتسامح مع من تجاوز وانتهك نواميس الفعل النقابي الأمني المنصوص عليه في الدستور”.
وأكد حزب آفاق تونس تأييده لكل الإجراءات المتخذة من قِبل الحكومة ضد من شجع على الفوضى ويدعوها لتطبيق القانون واتخاذ كل الخطوات اللازمة لردع هذه التصرفات ومنع تكرارها في المستقبل مع تأكيده على مواصلة مؤازرته للمؤسسة الأمنية عمومًا في أداء مهامها الأمنية وتصديها للإرهاب ضمن مسؤولياتها الدستورية والقانونية”.
بدوره استنكر حزب حراك تونس الإرادة في بيان له ما وصفه “الخرق الصارخ للدستور ويندد بهذا المنحى الانقلابي على العملية السياسية الديمقراطية”، ودعا الحزب إلى تطبيق القانون بقوة في مواجهة هذه التجاوزات الخطيرة وغيرها.
في مقابل ذلك عبرت النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي عن استعدادها للمثول أمام القضاء، وأكدت في بيان لها أنها تتحمل مسؤولياتها كاملة في قراراتها وتبعاتها، مشيرة إلى أنها لن تنساق وراء التجاذبات والرد على كل من يريد تسييس وتوظيف التحرك الاحتجاجي الذي قامت به أول أمس الخميس بالقصبة والذي اعتبرته شكلاً من أشكال النضال النقابي.
وحذرت النقابة سلطة الإشراف (وزارة الداخلية) من توخي أي أسلوب فيه مساس بمنخرطي النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي، على خلفية مشاركتهم في التحركات الاحتجاجية وتنفيذ قرارات هيكلهم النقابي.
وعبرت النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي عن رفضها لما أسمته بالمحاكمات عبر المنابر الإعلامية ومحاولة التأثير والتأليب، معتبرة أن ما وصفته بالحملة الممنهجة ضدها الغاية منها تكميم الأفواه وقمع العمل النقابي.
ويبلغ معدل الرواتب الشهرية لعناصر الأمن في تونس قرابة 560 دينارًا (حوالي 280 دولارًا) شهريًا.
وخصصت تونس نحو 20% من موازنتها لسنة 2016 والبالغة 29 مليار دينار (حوالي 13 مليار دولار)، لقطاعي الدفاع والأمن، وفقًا لما أعلنه وزير المالية سليم شاكر في وقت سابق.
وسبق للنقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي أن دعت منتسبيها إلى “إعلان يوم الغضب الأمني المفتوح بداية من الخميس 25 فبراير 2016 بساحة القصبة بتنظيم تجمع أمني كبير وعدم مغادرتها (الساحة) إلى حين تحقيق الأهداف المنشودة”.
ويحجر المرسوم 42 المؤرخ في 25 مايو 2011 على أعوان قوات الأمن الداخلي، في ممارستهم العمل النقابي الإضراب عن العمل أو تعطيل سيره بأي وجه (الفصل 11 من المرسوم 42 المؤرخ في 25 مايو 2011).
ويستثني الفصل 36 من الدستور التونسي قوات الجيش الوطني وقوات الأمن الداخلي وأعوان الديوانة (الجمارك) من الحق في الإضراب لحساسية عملهم وطبيعة هذه الأجهزة “الضامنة” لأمن البلاد واستقراره.