تحمل المواطن الإيراني العبء الأكبر بسبب العقوبات الغربية على طهران لسنوات طويلة مضت لذلك يفضل الناخب الإيراني اليوم من يقدم في برنامجه الانتخابي حلولاً اقتصادية للخروج من الحنق الاقتصادي في البلاد وتقديم برامج اقتصادية تنعش الأسواق وتحل مشاكل المواطن المعيشية والاجتماعية.
وبين شعارات يقدمها المحافظون والإصلاحيون في برامجهم الانتخابية ينتظر المواطن ما هو أكثر من الشعار؛ حيث أظهر استطلاع للرأي نشره موقع تابناك المقرب من المحافظ المعتدل محسن رضائي أن الوضع الاقتصادي يشكل الهاجس الأبرز لدى المواطنين بنسبة 64% من الذين استطلعت آراؤهم مقابل 17% تهمهم القضايا السياسية و11.5% تشغلهم قضايا مجتمعية.
رفع التيار المحافظ في حملته الانتخابية شعار “المعيشة، الأمن، التطور” مؤكدًا على تواجد العنصر الاقتصادي في حملته الانتخابية ورشح مرحشين اقتصاديين في قائمته الموحدة تحت اسم “ائتلاف محافظين” أو “الجبهة المتحدة للمحافظين”، وتكلم مرشحوهم في كل المدن الإيرانية على تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد بعيدًا عن الانفتاح الكبير على الغرب الذي يتخوف منه معظم المحافظين ولا سيما المتشددين، حيث أعلن رئيس قائمة المحافظين والرئيس السابق للبرلمان “غلام علي حداد عادل”، أنه من الضروري التركيز على ثغرات الاقتصاد الإيراني وحل مشكلات المواطنين داعيًا الإيرانيين للاقتراع لصالح برلمان قوي قادر على إرشاد السياسات الاقتصادية للحكومة الحالية.
فالجدير بالذكر أن الساسة المحافظين يرفضون ما تنتهجه الحكومة الحالية من انفتاح نحو الخارج على حساب الداخل؛ فبحسب رأي غلام فإن هذا الارتباط يدعو للقلق، وتكررت هذه التصريحات من العديد من المرشحين المحافظين أيضًا، وأشار غلام إلى أن قائمته الموحدة عن العاصمة طهران وحدها تتضمن ما يزيد عن عشرة متخصصين اقتصاديين وكلهم قادرون على وضع حلول للمشكلات الراهنة.
وفي محاولة للترويج لبرنامجهم الاقتصادي تحدث المرشحون في “مهرجان الشباب الفاطميين الكبير” الإثنين الماضي للفوز بمعظم أصوات المقترعين، بغية الحصول على أكبر عدد ممكن من مقاعد البرلمان الجديد، وقال المرشح يحيى آل اسحاق إن المهم حاليًا هو التركيز على مطالب الشباب وحل مشكلاته، كذلك عبر المرشح “مهرداد بذرباش” في تصريحات أنه من الضروري تحسين القدرة الاقتصادية للمواطن الإيراني، مشيرًا إلى مشكلات من قبيل ارتفاع مستوى الواردات الإيرانية مقارنة بصادراتها وقال إنه بسبب انخفاض القردة الإنتاجية للبلاد أصبحت إيران تستورد 90% من بضائعها من الصين كما حصل خلال العامين الماضيين.
كما أشار بذرباش إلى أنه في الأعوام الماضية أيضًا كان ما يقارب 200 إيراني يخسرون عملهم يوميًا ليزيد عدد من يعانون من البطالة إلى 3 ملايين شخص تقريبًا، مضيفا أنه إذا ما وصل المحافظون للبرلمان القادم سيعملون على حلحلة المشكلات التي تواجه مختلف المؤسسات الإيرانية.
وتكلم في ذات المهرجان الانتخابي وزير النفط السابق في عهد الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد وهو من أشد منتقدي الحكومة المعتدلة الحالية حيث قال إنه من الضروري إقرار خطط لبناء اقتصاد مقاوم يعتمد على الاكتفاء الذاتي وعلى الموارد الداخلية ويرفع مستوى الإنتاج وهو ما من شأنه رفع مستوى معيشة الإيرانيين.
وعليه يكون التيار المحافظ قد دخل سباق الانتخابات من بوابة محاربة الفساد وإيجاد فرص عمل للمواطنين وبناء الاقتصاد بعيدًا عن العلاقات مع الغرب والتوجه للداخل الإيراني أكثر من الانفتاح على الخارج.
أما الإصلاحيون فقد دخلوا الانتخابات بقائمة تسمى “أميد” والتي تعني “الأمل” بالعربية، وهي لائحة مشتركة بينهم وبين مرشحين معتدلين يأتي على رأس القائمة المرشح الرئاسي الإصلاحي السابق محمد رضا عارف، وقد رافعوا شعار “الأمل، الاستقرار، التطور الاقتصادي” في الترويج لحملتهم الانتخابية.
ويرى الإصلاحيون أن البلاد تحتاج إلى خطط واقعية للخروج من الركود الاقتصادي الذي تعيشه البلاد وهذا برأيهم لا يتم إلا عبر علاقات اقتصادية جيدة مع الآخرين حسب المرشحة الإصلاحية “إلهة كولايي” في مؤتمر عقده الإصلاحيون في جامعة أمير كبير في مدينة طهران، وأضافت أن التصويت للقوائم التي يتواجد فيها مرشحو الإصلاح أمر ضروري فالبلاد تمر بظروف غير مرضية منتقدة تشكيلة البرلمان الأخير حيث سيطر المحافظون عليه لثلاث دورات متتالية، معتبرة أن النواب صوتوا على قوانين دفعت بمعيشة الإيرانيين واقتصاد إيران نحو ظروف أسوأ.
أما تيار الاعتدال والذي يشترك مع الإصلاحيين في عدد من القوائم الانتخابية فيعتمد على الاتفاق النووي كشعار قوة سيشد المقترع الإيراني نحو صناديقه وهناك لوائح ترفع شعارات اقتصادية واضحة كلها تدعو للتنمية وحل المشكلات.
وبالنسبة لسياسة الرئيس الحالي حسن روحاني فهو يأمل الحصول على غالبية مؤيدة له في مجلس الشورى الإيراني في الانتخابات حتى يتمكن من إنعاش الاقتصاد لاسيما بعد أن عارض كثير من المحافظين سياساته التي تهدف لإفساح مجال واسع للشركات الأجنبية بعد رفع العقوبات الغربية عن إيران.
وقال رئيس مجلس الشورى المنتهية ولايته علي لاريجاني، الذي يوصف بالمحافظ المعتدل ويدعم روحاني، قبل أيام قليلة، إن الاستثمارات الأجنبية من شأنها “زيادة الإنتاج الوطني من أجل خفض البطالة” مؤكدًا أن التضخم والانكماش والبطالة من أبرز مشاكل البلاد، وبعد الاتفاق النووي ورفع العقوبات تمر البلاد بوضع صعب.
يذكر أن وزارة الداخلية الإيرانية قد أعلنت أمس الجمعة تمديد فترة التصويت لخمس مرات بسبب كثافة المقترعين في سابقة تسجلها الانتخابات التشريعية في إيران، حيث أعلنت وزارة الداخلية أن عدد المشاركين في الانتخابت التشريعية ومجلس خبراء القيادة تجاوز 32 مليون ناخب وهو مايمثل 57%.
وفي انتظار إعلان نتائج التصويت اليوم مساءً بعد فرز إجمالي الصناديق في المراكز الانتخابية المقدرة بـ 53 ألف مركز في عموم البلاد.