لم تخل ليلة الأوسكار من المفاجآت السينمائية التي كان البعض منها مُتوقعًأ والآخر مفاجأة للجميع على الجانب السينمائي، إلا أن ليلة الأوسكار كانت حافلة بالمفاجآت غير السينمائية عن طريق الرسائل التي حفل الحفل بها، والتي تتعلق بقضايا مجتمعية تخص المجتمع الأمريكي وقضايا عالمية مرورًا بقضايا البيئة والاعتداءات الجنسية وصولًا إلى قضية التعامل العنيف من قبل الشرطة الأمريكية وحالات قتل الأمركيين الأفارقة.
كانت المفاجأة الأولى لمقدم ومذيع الحفل كريس روك، فقد أتى المرشحون لجوائز التمثيل الـ 20 (الأدوار الرئيسية والأدوار المساعدة) من أصحاب البشرة البيضاء، مع غياب تام لأصحاب البشرة السمراء، رغم وجود عدد من الممثلين الذين رشحتهم التوقعات الأولى للأوسكار مثل ويل سميث عن فيلم Concussion ومايكل بي جوردان وإدريس ألبا عن فيلم Beasts of No Nation، فبعد غياب التنوع العرقي بين ترشيحات الأوسكار، واختير كريس روك – فنان الإلقاء الكوميدي الفردي (ستاند آب كوميدي) والعضو السابق بفريق برنامج (ساترداي نايت لايف) التلفزيوني- للمرة الثانية في أكتوبر تشرين الأول لتقديم حفل جوائز الأكاديمية مساء الأحد قبل وقت طويل من إثارة الجدل بشأن غياب ترشيحات للممثلين من البشرة السوداء.
المفاجأة الثانية كانت من نصيب جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي وليدي جاجا، حيث تم تسليط الضوء على الاعتداءات الجنسية في المجتمع الأمريكي بخاصة وفي العالم، حيث اعتلى بايدن مسرح الأوسكار متحدثًا عن التغيير الذي يجب أن يحدث قي الثقافة الأمريكية تجاه ضحية الاعتداء الجنسي، لكي لا يقع اللوم عليها، وما يجب أن يفعله العالم كي لا تفكر الضحية في تحمل مسؤولية أمر الاعتداء! كما ترك بايدن المسرح لليدي جاجا التي تحولت من نجمة غنائية إلى ممثلة نالت مؤخرًا الجولدن جلوب عن دورها في مسلسل American Horror Story Hotel، وأخيرًا تنال أغنيتها عن الاعتداءات الجنسية في حرم الجامعات ” “Till it happens to you ترشيحًا لافضل أغنية عن الفيلم الوثائقي “The Hunting Ground”.
تأتي الرسالة الثالثة في حفل الأوسكار مُهداة إلى الـ LGBT وهو المصطلح الذي يطلق على مجتمع المثليين والمتحولين جنسيا، حيث فازت أفضل أغنية بجائزة الأوسكار لثنائي مثلي قاما بإنتاج ” Writing’s On The Wall”، والتي غناها سام سميثمن لفيلم جيمس بوند الأخير “Spectre”.
الصحفية وصانعة الأفلام الباكستانية شرمين عبيد شينوي والتي حصلت على جائزة أفضل فيلم وثائقي قصير كذلك قدمت رسالة حول جرائم الشرف، وكيف أن فيلمها “فتاة في النهر: ثمن العفو” يناقش القضية وأنه يسعى لتغيير القوانين المتعلقة بجرائم القتل على الشرف.
كما أتت رسالة أخرى من الفائز الذي طال انتظاره! فبعد أن حقق النجم ليوناردو ديكابريو توقعات الجميع في حصوله على جائزة الأوسكار لأفضل ممثل بعد انتظار 22 عامًا، جاء حديثه عن الفيلم مفاجئًا للتوقعات، فلم يبك فرحًا كما توقع الكثيرون ولم يشكر والديه كما يفعل العديد من الفائزين، بل ظل ليوناردو متماسكًا ومركزًا على مبادئه السياسية والمجتمعية في حديثه، حيث عبر بأن الفيلم كان صورة تعبر عن علاقة الإنسان بالبيئة، وتحدث عن الصعوبات التي واجهها الفريق ليجدوا ظروف مناخية ملائمة للتصوير، فأكد دي كابريو أن التغيير المناخي حقيقي ويحدث من دون وعينا يوميًا، كا أكد أنه المشكلة التي تواجه البشرية جميعًا والتي يجب أن نعمل من أحل حلها، وأنه يجب علينا مساندة قادة العالم الذين يهتمون بأمر التغيّر المناخي، لا المتحدثين عن مصحالهم الشخصية.
كما جاءت الرسالة الاخيرة من الفيلم الفائز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وأفضل سيناريو أصلي، “Spotlight” ، والذي تدور قصته حول كيفية كشف صحفيين لقضية إخفاء الكنيسة الكاثوليكية لأعمال تحرش قساوسة في أبرشية واشنطن بالأطفال، ففي تحد لسلطة المؤسسة الكنسية، قال مخرج الفيلم توماس مكارثي أثناء خطابه في الحفل أنه يتمنى لو يصل صوتهم بعد هذا الفيلم إلى الفاتيكان.
وختم مقدم الحفل، كريس روك، بجملة واحدة كرر فيها تلك الكلمات التي أصبحت علامة فارقة في السياسة الداخلية الأمريكية على مدار الأشهر الماضية “Black Lives Matter”، أي حياة السود تهم! وهي الجملة التي انتقلت إلى الفضاء المجتمعي الأمريكي كرد على الانتهاكات الشرطية المتلاحقة ضد الأمريكيين الأفارقة.