في ظل الصفقة الدولية مع إيران، يؤكد المراقبون أن الأزمة السورية كانت على طاولة التفاوض، وأن الاتفاق المرحلي مع طهران لابد وأن يكون احتوى في بعض بنوده على تصور لتقارب غربي إيراني حول سوريا.
وفي الوقت الذي قد تحاول فيه الأطراف الدولية الوصول إلى اتفاق يسمح بخروج آمن للأسد، أو يسمح لبعض منتسبي نظامه بالمشاركة في العملية السياسية عقب رحيل الأسد، صدر تقرير مفجع حول أعداد الشهداء من الأطفال السوريين الذين قُتلوا إما بالقنص، أو بالذبح (!) أو بالرمي بالرصاص أو بالقصف أو بالتعذيب أو بالتجويع حتى الموت!!!
فقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل أكثر من 12 ألف طفل في البلاد، بينهم 92 طفلًا ماتوا جراء عمليات التعذيب، و10 أطفال ماتوا جوعًا، في وقت سقط فيه قرابة 300 ألف طفل جريحًا، ولجأ نحو 1.6 مليون طفل، و9 آلاف طفل معتقل، وذلك بالتزامن مع اليوم العالمي للطفل في سوريا.
نون بوست يعرض تقريرا تفصيليا وثقت ما فيه الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
وتمكنت الشبكة السورية من خلال عملها اليومي الخاص بتوثيق الضحايا، فضلًا عن أكثر من 70 عضوًا لها منتشر في جميع المحافظات السورية، من توثيق مقتل ما لايقل عن 12027 طفلًا (3614 ذكور-8413 إناث) على يد القوات الموالية للحكومة السورية، توثيقا بالأسماء والصور وتاريخ ومكان استشهادهم، وذلك من خلال مئات اللقاءات والاتصالات اليومية، التي عقدتها الشبكة وأعضاؤها منذ تاريخ 18 مارس 2011 وحتى 20 نوفمبر 2013.
ووفقًا للشبكة السورية فإن هناك من بين إجمالي القتلى من الأطفال، ما لايقل عن 560 حالة إعدام ميداني إما ذبحًا بالسكاكين كما حصل في «مجزرة الحولة»، و«مجزرة حي كرم الزيتون»، و«حي الرفاعي» في حمص، وأخيرًا في حي «رأس النبع»، وقرية «البيضا» في منطقة بانياس، أو رميًا بالرصاص، كما حصل في العديد من القرى والبلدات في عموم المحافظات السورية.
وأوضحت الشبكة أن هناك 2344 طفلًا دون العاشرة، و391 رضيعًا، من بين إجمالي القتلى من الأطفال، الذين لقوا حتفهم في الأحداث التي تشهدها سوريا، مشيرة إلى أنواع مختلفة ومتعددة استخدمتها قوات النظام لقتل الأطفال مثل «القصف، والقنص، والاقتحامات، والإعدام الميداني»، فضلًا عن التجويع حتى الموت الذي أودى بحياة 10 أطفال، 9 منهم في ريف دمشق الغربي، وطفل واحد في مخيم اليرموك جنوب دمشق .واعتقلت القوات التابعة للحكومة السورية من أصل ما لايقل عن 215000 معتقل أكثر من 9000 طفل (يقل عمرهم عن الـ18 عامًا) وعاملتهم بأساليب تعذيب عنيفة جدًّا، ولا تكاد تختلف عن الأساليب التي تعامل بها الكبار في السن، مما أسفر عن مقتل 92 منهم، كما أنها لا تفرق بينهم في المعتقلات، وقد أخبرنا العديد ممن أفرج عنهم أنهم كانوا يسمعون بكاء الأطفال وهم يصرخون نريد أمهاتنا و نريد أن نخرج.
الضحايا من الأطفال يشكلون 12% من الضحايا المدنيين
يذكر أن المدنيين هم الجزء الأعظم من الضحايا، الذين سقطوا على يد القوات السورية، حيث تبلغ نسبتهم 88% وأقل من 12% من الضحايا هم من الثوار المسلحين، وهذه النسبة في قتل المدنيين هي أعلى من نسبة المدنيين، الذين سقطوا في الحرب العالمية الثانية، التي بلغت 57% فقط.وتبلغ نسبة الأطفال من المجموع الكلي للضحايا المدنيين 12% وهو مؤشر مرتفع «جدًّا جدًّا ومعدل مخيف» في قتل الأطفال، وهذا مؤشر يوضح بشكل جلي أن القوات الموالية للحكومة السورية «تستهدف المدنيين عبر صواريخ سكود والقصف الممنهج واليومي بشكل متعمد ومقصود، وبشكل عشوائي غوغائي عبر البراميل المتفجرة، التي تحتوي مادة TNT التي تلقى من الطائرات فوق رؤوس الأهالي دون أدنى تمييز»
ثانيا: الأطفال الجرحى
وبحسب البحث، الذي تقوم بإعداده الشبكة السورية لحقوق الإنسان حول الجرحى والمصابين منذ بداية الأحداث في سوريا، فقد تجاوزت أعدادهم المليون جريح، ويشكل الأطفال قرابة الـ30% منهم، أي أن هناك أكثر من 300 ألف طفل أصيب وجرح ما بين إصابات خطيرة ومتوسطة وأخرى خفيفة شُفوا منها، وكثير من هذه الإصابات قد تمت برصاص قناصين وهم يعلمون تماما أنهم يستهدفون طفلا، وبحسب التقرير الاستقصائي للجرحى فإن من بين الأطفال الجرحى ما لا يقل عن 1300 حالة بتر أطراف و800 حالة ماتوا متأثرين بجراحهم
ثالثا: اعتقال واحتجاز الأطفال
تشير تقديرات الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى وجود ما لا يقل عن 9000 طفل داخل أفرع المخابرات والسجون، قد اعتقلوا خلال عمليات الاقتحام، موضحة أن اعتقال بعض هؤلاء الأطفال جاء بهدف الضغط على أقرباء لهم، ولقد تحدث عدد كبير من الأطفال الناجين عن أساليب تعذيب قاسية تعرضوا لها وهم قيد الاعتقال، لا تختلف كثيرًا عما يتعرض لها الرجال البالغون
وعرضت الشبكة السورية الأساليب الأكثر انتشارًا، والتي تعرض لها الأطفال خلال تواجدهم داخل أقبية أفرع المخابرات والسجون، والتي وثقتها عبر شهادات لعدد من الأطفال الناجين من الاعتقال:
- استخدام جميع أساليب الضرب على مختلف أنواع الجسم، ويتم الضرب بأدوات مختلفة مثل العصي أو كابلات الكهرباء ويطلق عليه الرباعي بالعامية، إضافة إلى الفلكة وهي الضرب بالعصي أو بالكبل على أسفل القدمين، الدعس على الرأس وغير ذلك.
- قلع الأظافر بالكامل .
- نتف الشعر من أنحاء مختلفة من الجسم .
- انتزاع اللحم عبر ملاقط معدنية ومن مواطن حساسة .
- تقطيع بعض أعضاء المعتقل كقطع أصبعه أو قطع جزء من لحمه، وطعنه في ظهره أو معدته .
- حرق الجلد بالأحماض الكيماوية أو بإطفاء السجائر بجلد المعتقل
- تعريض المعتقل للبرد القارس بحرمانه من اللباس أو الغطاء .
- حرمان المعتقل من الرعاية الطبية بشكل تام وعدم توفير الرعاية الطبية في عدد كبير من المعتقلات.
- الحرمان من استخدام المرحاض إلا مرة أو مرتين في اليوم، مما يضطر المعتقل إلى التبول على نفسه أحيانا، عدا عن أن المدة قصيرة لا تتجاوز الدقيقة والحرمان من الاغتسال ومن الخروج للساحات واستنشاق الهواء النقي.
- سكب الماء البارد على الجسد بعد الضرب وبعد جرح الجسد .
- تكسير الأضلاع .
- كميات قليلة من الماء والطعام لا تكفي ربع المتواجدين .
- صب الزيت المغلي على الأرجل أو سكب الماء المغلي حتى يهترئ الجلد .
- قص الأذن بالمقص الذي يستخدم لتقليم الأشجار .
- تكبيس الأذن والأنف بكباسة الخشب .
- الصعق بالكهرباء خاصة عند الثديين والركبتين والمرفقين .
وقد قتل بسبب أساليب التعذيب هذه وغيرها أكثر من 92 طفلا موثقين بالاسم والتاريخ والصورة والفيديو.
وأوضحت أن هؤلاء الأطفال محرومون من التعليم وتوقفوا عن سنوات الدراسة مع ما لايقل عن 150000 طفل آخرين، بسبب تدمير وقصف و تضرر قرابة الـ3200 مدرسة إثر القصف العشوائي واقتحام العشرات.
رابعا: العنف الجنسي
وذكرت الشبكة السورية أنه عبر لقاءات متعددة مع ضحايا العنف الجنسي وجدت أن هناك العشرات من عمليات الاغتصاب لفتيات قاصرات دون سن الثامنة عشرة، مشيرة إلى أنه لا يوجد لديها إحصائيات دقيقة، لأن هناك العديد من الحالات لم تستطع توثيقها، فضلًا عن كثير من الحالات الأخرى، التي رفض أصحابها الحديث عنها ومنهم من أنكرها، لكنها لفتت في الوقت ذاته إلى أن تقديراتها تشير إلى أكثر من 400 حالة اغتصاب لفتيات قاصرات حصلت في مختلف المحافظات السورية .وأشارت إلى تعرض فتيات في سن الـ15 في حي الرفاعي في حمص لعمليات اغتصاب وفي حي كرم الزيتون وحي بابا عمرو في حمص، كما حصلت حالات مشابهة لاغتصاب قاصرات في ريف دمشق وفي إدلب في جسر الشغور تحديدًا وفي درعا وفي حماة واللاذقية، وغير ذلك من المناطق.وأضافت أن حالات الاغتصاب عبارة عن عمليات واسعة و ممنهجة، وأنها انعكست سلبيًّا وبشكل كبير على نفسيات تلك الفتيات، خاصة أنهن لم يمارسن الجنس أو حتى يسمعن به، «وقد انهارت الكثيرات وهن يتحدثن عما جرى لهن، وقد سجلنا أن أغلب الحالات حصلت خلال الاقتحام وهناك عدد آخر من الحالات حصل داخل المعتقلات لفتيات صغيرات».
خامسا: تجنيد الأطفال
استخدمت القوات الحكومية الأطفال في بعض الحالات كحرس على الحواجز داخل بعض الأحياء في مدينة دمشق، حسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان .سادسا: الأطفال اللاجئين:يبلغ العدد الإجمالي للاجئين من المواطنين السوريين، حسب آخر إحصائية للشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى خارج الأراضي السورية، ما لا يقل عن 3.150 مليون لاجئ سوري، يشكل الأطفال منهم حوالي 1.6 مليون طفل دون سن الـ18.
الاستنتاجات القانونية
أوضحت الشبكة السورية أن الحكومة السورية انتهكت كلًّا من القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وعددًا كبيرًا من قواعد القانون العرفي، ولقانون الدولي الإنساني: كالقاعدة 89/ 90 /93 /97 /120 /135، لافتة إلى أن القوات الموالية للنظام السوري ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية عبر انتهاكات واسعة وممنهجة في القتل خاج نطاق القانون، وفي التعذيب والعنف الجنسي، حسب المادتين الثامنة والسابعة من قانون روما الأساسي .
ثانيا: الثوار المسلحون
لفتت الشبكة إلى أن الانتهاك الأكثر انتشارًا في صفوف الثوار المسلحين هو استخدام الأطفال ما دون سن الـ18 في عمليات الدعم للمقاتلين كالدعم الطبي والمراسلات والتجسس ونقل المؤن والطبخ والخدمات، وفي بعض الحالات النادرة القتالية وحمل السلاح، مبينة مقتل 22 طفلا على يد بعض فصائل المعارضة المسلحة، أغلبهم لقي حتفه أثناء قصف قوات المعارضة لمناطق موالية للنظام السوري .وأضافت الشبكة السورية: «لم نوثق أي حالة تعذيب أو اغتصاب لأطفال على يد الثوار المسلحين».
الاستنتاجات
أوضحت الشبكة السورية لحقوق الإنسان كذلك أنها تراقب بقلق استخدام الأطفال في الأعمال غير القتالية وفي حالات نادرة في الأعمال القتالية وحمل السلاح، ولم تنتشر على نحو واسع النطاق .وأشارت إلى أن المحكمة الجنائية الدولية جعلت «التجنيد الإلزامي أو الطوعي للأطفال دون الخامسة عشرة من العمر في القوات المسلحة أو جماعات مسلحة أو استخدامهم للمشاركة فعليًّا في الأعمال الحربية (جريمة حرب)، كما أن استهداف المدنيين على نحو عشوائي خلال النزاعات المسلحة يعتبر جريمة حرب».
ولم توثق الشبكة السورية لحقوق الإنسان أي حالة حمل سلاح لأطفال، دون سن الـ15، ولكن هناك أدلة وحالات موثقة لمشاركتهم في أعمال غير قتالية .
إدانة وتحميل المسؤوليات
لفتت الشبكة السورية إلى أن «كل فعل غير مشروع دوليًّا تقوم به الدولة يجر خلفه المسؤولية الدولية لتلك الدولة، وبالمثل، فإن القانون الدولي العرفي ينص على أن الدولة مسؤولة عن جميع الأفعال التي يرتكبها أفراد قواتها العسكرية والأمنية، وبالتالي فالدولة مسؤولة عن الأفعال غير المشروعة، بما في ذلك جرائم ضد الإنسانية، التي يرتكبها أفراد من قواتها العسكرية والأمنية».
وأضافت أن حظر الجرائم ضد الإنسانية هي من عداد القواعد الآمرة أو قاعدة قطعية، ومعاقبة مثل هذه الجرائم هو عمل إلزامي، حسب المبادئ العامة للقانون الدولي، مشيرة إلى أن الجرائم ضد الإنسانية هي ذروة انتهاكات حقوق الإنسان الأساسية، مثل الحق في الحياة وحظر التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية والمهينة .وتابعت: «وفقًا لمبادئ مسؤولية الدولة في القانون الدولي، تتحمل الجمهورية العربية السورية المسؤولية عن مثل هذه الجرائم والانتهاكات، وتتحمل واجب ضمان معاقبة المرتكبين بشكل فردي وواجب تقديم التعويض للضحايا».
ومضت موضحة: «وإننا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان نحمل كل الانتهاكات، التي حصلت من قبل القوات الموالية للحكومة السورية إلى الحكومة السورية وإلى القائد العام للجيش والقوات المسلحة، بشار الأسد، وإلى جميع قادة الأجهزة الأمنية وإلى جميع الداعمين ماديًّا ومعنويًّا لتلك القوات، حيث تقع عليهم جميعا التبعات القانونية والقضائية والمادية للضحايا وذويهم، إضافة إلى جميع ردات الفعل، التي ستصدر من ذوي الضحايا أو أصدقائهم».
وختمت بإدانتها «الانتهاكات، التي وقعت من بعض فصائل الثوار المسلحين ويتوجب على الائتلاف السوري المعارض أن يتحمل مسؤولياته في هذا الصدد».
مصدر التقرير: الأناضول