بعد سنوات الربيع .. كيف يستخدم العرب وسائل التواصل؟

في عام 2011، هزّ الربيع العربي أجزاء كثيرة من الشرق الأوسط. وشهد تغيير النظام في تونس ومصر وليبيا رحيل القادة السياسيين الراسخين الذين لم يكن من الممكن المساس بهم، وألهم موجات من الاحتجاج والقلق في العديد من الدول العربية المجاورة. لا تزال تداعيات تلك العاصفة تتجلى في العديد من البلدان في جميع أنحاء المنطقة.
وفي أعقاب هذه الأحداث، كان الدور الذي لعبته وسائل التواصل الاجتماعي في تسهيل التغيير محل نقاش مثير؛ إذ تراوحت وجهات النظر من مقالة مالكولم جلادويل التي نشرها في صحيفة “نيويوركر” بعنوان: “تغير بسيط: لماذا لن يتم تغريد الثورة“، إلى مقال جون بولوك “كيف اخترق الشباب المصري والتونسي الربيع العربي“، ومقال كلاي شيركي عن “التكنولوجيا والمجال العام، والتغيير السياسي “.
وعلى الرغم من المبالغة في مساهمة وسائل التواصل الاجتماعي في التغيير السياسي والاجتماعي بالمنطقة، إلّا أنها ساعدت في تضخيم السخط الشعبي وقدمت لوسائل الإعلام العالمية معلومات قيّمة لما يحدث على أرض الواقع. وفي وقت ندرة المعلومات، عرضت وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد كان من الصعب الحصول عليها.
Hearing reports that Abdul Majeed al-Zindani hurt or killed in car accident. Politician, head of Yemen Muslim B’hood. *Not* confirmed.
— Andy Carvin (@acarvin) April 3, 2011
ربما كان أبرز مثال على طريقة العمل الجديدة هو الصحفي آندي كارفن من موقع NPR الذي استخدم تويتر لتحديد ونشر والتحقق من السرديات المختلفة. تأثير عمله أثناء تلك المرحلة دفع صحافة دورية كولومبيا للصحافة للتساؤل: “هل هذا أفضل حساب على موقع تويتر في العالم”.
لم يخل نهج كارفن من الأخطاء، مثل غيره من الصحفيين الذين نشروا الكثير من التقارير عن هذه الفترة الفوضوية بالمنطقة، ولكن هذا النموذج التعاوني أدى إلى طرق جديدة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في عالم الأخبار.
وبعد مرور خمس سنوات، لا يزال هناك اهتمام كبير حول دور وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا في تشكيل المواقف والسلوكيات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصة بين شريحة الشباب الكبيرة في المنطقة.
ولذلك، نشرت تقارير سنوية شاملة عن تطورات الأحداث من مختلف أنحاء المنطقة، وقمت بتحليل نتائج البحوث وصناعة لإعلانات لتحديد الاتجاهات الرئيسية في السنة الماضية.
وهنا 15 شيئًا تعلّمناها في عام 2015:
هيمنة الفيسبوك
- الفيسبوك هو الشبكة الاجتماعية الأكثر استخدامًا في الشرق الأوسط، مع 80 مليون مستخدم في المنطقة. في حين تمتلك الولايات المتحدة، مع 192 مليون مستخدم، أكثر من ضعف مستخدمي الفيسبوك في منطقة الشرق الأوسط.
- مصر، مع 27 مليون مستخدم، لديها أكبر عدد من مستخدمي الفيسبوك بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ورُغم أنها تمتلك نسبة (30.5٪) أقل من ثلث سكانها على الشبكة، لا يزال هناك مجال كبير للنمو. وفي المقابل، يستخدم (19 مليون مواطن أمريكي الفيسبوك بنسبة 59.7٪.
- ثاني أكثر الدول استخدامًا لموقع الفيسبوك هي المملكة العربية السعودية (12 مليون مستخدم، بنسبة تقترب من 43.2 بالمئة من إجمالي عدد السكّان) وتليها العراق (11 مليون مستخدم، يمثلون ثلث سكان البلاد البالغ عددهم 33 مليون نسمة). وفي العراق، حيث يوجد أيضًا 11 مليون مستخدم للإنترنت، يعتبر الفيسبوك هو أهم المواقع على الإنترنت لكثير من الناس.
- تطبيق الواتس آب، خدمة الرسائل الشهيرة التي يمتلكها الفيسبوك، هو التطبيق الأول في لبنان، قطر، والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وذلك وفقًا لجامعة نورث وسترن في قطر. وبغض النظر عن كونه مجرد خدمة رسائل بديلة، يُستخدم الواتس آب لإجراء مناقشات حول الدين والطبخ وتداول الأخبار، فضلًا عن كونه وسيلة مهمة لمجموعة كبيرة من رجال الأعمال وروّاد التجارة الإلكترونية.
- وفقًا لدراسة أجرتها وكالة أبحاث TNS في عام 2015، فإنَّ تطبيق الواتس آب هو أيضًا الوسيلة المفضلة لــ 41 بالمئة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في 20 بلدًا في جميع أنحاء المنطقة.
الشبكات الاجتماعية تحظى بشعبية كبيرة
- تمتلك مؤسسة الفيسبوك موقع إينستاجرام أيضًا، الذي يحظى بنحو 25 مليون مستخدم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا و400 مليون مستخدم في جميع أنحاء العالم، 77.6 مليون منهم في الولايات المتحدة
- المملكة العربية السعودية لديها 10.7 مليون مستخدم نشط شهريًا على إينستاجرام، في حين أن هناك 2.2 مليون مستخدم شهريًا في الإمارات العربية المتحدة و3.2 مليون مستخدم في مصر.
- وشهد تطبيق سناب شات نموًا كبيرًا في عدد المستخدمين من 3 بالمئة الى 12 بالمئة من أعضاء لجنة البحوث في الشرق الأوسط من خلال شركة الأبحاث العالمية ابسوس (البيانات الخاصة بعام 2014 نُشرت في عام 2015).
@Snapchat let the world watch 2 million people praying together in very smooth way with no complications #mecca_live pic.twitter.com/e54nRNncpC
— Lana Alresheed (@LanaAlresheed) July 10, 2015
- ظهرت مقاطع الفيديو والصور التي التقطها الحجاج في مكة المكرمة على موقع سناب شات خلال شهر رمضان، وهذا منح غير المسلمين نظرة نادرة إلى المدينة المقدسة. وجاءت هذه الخطوة بعد أن غرّد نحو 300 ألف شخص مستخدمين هاشتاج #Mecca_live للضغط على موقع سناب شات لإظهار مكة في تطبيقاته.
منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي المنطقة الرائدة عالميًا في نشر مقاطع الفيديو على مواقع الإنترنت
- منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي المنطقة الأسرع استهلاكًا لمقاطع الفيديو على الفيسبوك؛ حيث يمثل معدل استهلاك الفرد الواحد لمقاطع الفيديو على الفيسبوك ضعف المتوسط العالمي.
- تركيا هي البلد الثاني الأكثر نشاطًا لتطبيق “ Periscope”. وهناك ثلاث مدن تركية – إسطنبول وأنقرة وإزمير – من بين أعلى 10 مدن الأكثر استخدامًا لهذا التطبيق في جميع أنحاء العالم. أطلق موقع تويتر هذا التطبيق في مارس عام 2015.
- وتظهر بيانات جوجل ارتفاع معدل المشاهدة على موقع يوتيوب الذي وصل إلى 80 بالمئة على أساس سنوي في المنطقة. بعد الولايات المتحدة، تأتي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المرتبة الثانية كأعلى نسبة مشاهدة لمقاطع الفيديو على الإنترنت في العالم.
تويتر لا يتمتع بشعبية كبيرة في الشرق الأوسط
- كان موقع تويتر هو الطفل المدلل للربيع العربي، لكنَّ الاستخدام والتأثير اختلف على نطاق واسع. تهيمن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على موقع تويتر: 53 بالمئة و51 بالمئة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في هذين البلدين لديهم حسابات على موقع تويتر. في حين أن 23 بالمئة من البالغين الذين يستخدمون الإنترنت في أمريكا – 74 بالمئة منهم من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي – يستخدمون موقع تويتر، وذلك وفقًا لمركز بيو للأبحاث).
- يصل معدل استخدام تويتر إلى أدنى مستوياته في جميع أنحاء الشرق الأوسط في ليبيا (12 بالمئة) وسوريا (14 بالمئة). ولكن، الاستخدام اليومي للموقع هو الأعلى في الأردن، ليبيا، فلسطين وسوريا، والأقل في المملكة العربية السعودية. وهذا يعني أنه على الرغم من انخفاض نسبة انتشار تويتر في المنطقة، لكنَّ المستخدمين أكثر نشاطًا في هذه البلدان.
- يحظى تويتر بشعبية وسط الجمهور الأصغر سنًا في كل من الشرق الأوسط والولايات المتحدة، على الرغم من أنه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 45 بالمئة من مستخدمي تويتر تتراوح اعمارهم بين 18-24 مقارنة مع 22.6 بالمئة من إجمالي المستخدمين في الولايات المتحدة. ومع ذلك، لا تزال هذه الفئة العمرية هي أكبر مستخدمي تويتر في الولايات المتحدة. وعلى الصعيد العالمي، يحظى تويتر بنحو 320 مليون مستخدم نشط شهريًا.
ماذا يعني كل ذلك؟
بعد انتهاء الربيع العربي، لا تزال منطقة الشرق الأوسط نشطة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. تشهد الشبكات الرئيسية نموًا كبيرًا في أعداد المستخدمين، وغالبًا ما تعكس اتجاهات الاستخدام صورة المستخدمين في المناطق الأخرى. وهذا يشمل قوة الفيسبوك التي كثيرًا ما نغفل عنها، والارتفاع السريع للشبكات الاجتماعية المرئية وعدد مستخدمي تويتر الأصغر مما كان متوقعًا.
فهم الشبكات الاجتماعية التي تستخدمها المنطقة مهمٌ لفهم طبيعة الشركات التجارية العالمية، ووكالات الأنباء والمنظمات غير الحكومية وغيرها التي ترغب في الاستفادة من هذا السوق المتنامي في المنطقة ومعرفة أفضل مكان لتوجيه جهودها.
وفي الوقت نفسه، استمرار نمو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وانتشار الهواتف الذكية، وظهور شبكات بصرية تركز على مقاطع الفيديو يعني أنه إذا كانت أحداث عام 2011 ستتكرر اليوم، يمكننا أن نتوقع رؤية المزيد من المواد القادمة من المنصات الاجتماعية.
ترى كثير من الأنظمة السياسية في المنطقة أنَّ هذا يخلق مستوى من التوتر. تركيا، على سبيل المثال، أغلقت الشبكات الاجتماعية في مراحل مختلفة. كما شاهدنا العديد من الحالات التي حدثت مؤخرًا في منطقة الخليج من اعتقال مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بسبب منشوراتهم على الشبكات الاجتماعية وتطبيقات الرسائل.
إذا كانت “حالة العلاقة” على الفيسبوك يمكن أن تصف الديناميكية المستمرة بين الشرق الأوسط ووسائل التواصل الاجتماعي، ستكون ببساطة: علاقة معقدة.
المصدر: ذا كونفيرسيشن / ترجمة إيوان 24